غينيا نصر شعب برمته


المناضل-ة
2007 / 2 / 16 - 06:06     


بعد ثمانية عشر يوما من إضراب عام نظمته الحركة النقابية، قبل رئيس جمهورية غينيا، لانسانا كونتي، بعد أشكال مراوغة عديدة وقمع شرس، التفاوض بشأن مطالب المضربين، ممهدا الطريق لوضع سياسي جديد بهذا البلد.

بصوت منتحب أزفت حاجة رابياتو سراح ديالو، الكاتبة العامة للكنفدرالية الوطنية لعمال غينيا، للشعب الغيني نتائج المفاوضات بين النقابات وأرباب العمل والحكومة. ففيما يخص القدرة الشرائية، من المرتقب خفض أسعار المواد البترولية كلها- حتى بترول الإضاءة الذي يتيح لعدد كبير من الأسر الغينية المحرومة من الكهرباء الإفادة من الإنارة، وخفض سعر الأرز، ورفع معاشات التقاعد ورواتب الموظفين. كما يقضي الاتفاق بوقف نهب الثروات الطبيعة للبلد، مع تجميد كل صادرات المواد الغذائية ومنتجات البحر والغابات طيلة عام، وإعادة توطين عائدات مبيعات الشركات المنجمية وباقي الفاعلين الغينيين، وتغيير مجالس الإدارة وتجريد حكام الأقاليم من منصب الرئاسة، واستقلال البنك المركزي الغيني عن رئاسة الجمهورية.

وعلى الصعيد السياسي أفضى التفاوض إلى قرار تعيين" وزير أول يكون إطارا عاليا مدنيا، مقتدرا، ونزيها، وألا يكون متورطا من قريب ولا من بعيد في الاختلاسات"، ومواصلة التحقيقات بصدد الرشوة واختلاس المال العام مع متابعة قضائية لممادو سيلا وفودي سوماح. ونذكر أن الإضراب العام اندلع لما أطلق لانسانا كونتي ذاته سراح هاذين الشخصين المتهمين باختلاس 16 مليون فرنك غيني من البنك المركزي لجمهورية غينيا و بقاء زهاء عشرة مليار فرنك بذمتهم إزاء إدارة الضرائب والجمارك. و من جانب آخر، نص الاتفاق على إطلاق سراح جميع النقابيين المعتقلين ووقف كل قمع في أماكن العمل لأسباب متعلقة بالإضراب.

تمثل هذه النتيجة ضربة لسياسة لانسانا كونتي الذي استولى على السلطة في ابريل1984 على رأس شلة من العسكر. وأدام الديكتاتورية التي بدءها سكوتوري الذي كان طاغية مرعبا رغم انه القائد الإفريقي الوحيد الذي كان دعا إلى التصويت ب"لا" على استفتاء دوغول مما أتاح لبلده استقلال فوريا. إن سلطة لانسانا كونتي منظمة حول نواة صغيرة – من الجنرالات الأوفياء وأفراد أسرته وبعض رجال الأعمال، مثل مامادو سيلا- تنهب البلد باستمرار مستندة على القوات المسلحة، ابن البلد المحبوب. يشتغل هذا النظام بالقمع والانتخابات المزورة كما كان الأمر في انتخابات 1993 و1998 و2003.

فرنسا تتعاون في القمع

دعمت فرنسا، وكذا الولايات المتحدة الأمريكية، هذا النظام على الدوام، بصفته ضامنا للاستقرار في محيط إقليمي كابد خلال سنوات 1980 الحروب الأهلية القريبة جدا في ليبريا وسيراليون، وحاليا بالانشقاق الفعلي في كوت ديفوار. لم تكف قوات القمع، من جيش ودرك وشرطة، عن ممارسة السجن والسلب والتعذيب ضد السكان، الذين أدوا الثمن غاليا خلال الإضراب العام بسقوط 70 قتيل ومئات الجرحى.

ولم يحل هذا دون إرسال فرنسا لتسعة متعاونين عسكريين لهيكلة وتشكيل جهاز القمع مصرحة بنفاق:" يرمي التكوين المقدم إلى تعزيز القدرة العملياتية للوحدات مع انشغال عام باحترام قواعد الأخلاق وأخلاقيات المهنة 1". ويمكن الحكم على الأخلاق وأخلاقيات المهنة المميزة لذلك التكوين بالشهادة التالية:" أطلق عسكر خارجون من شاحنة صغيرة وابلا من الرصاص في جميع الاتجاهات، مشيعين الذعر في المحيط بكامله.

وجرت مداهمة أبواب كل الأكواخ والبيوت ونهب ما بداخلها. و بعد هذا العمل القذر قام هؤلاء الرجال عديم الخُلق باعتقالنا وضربونا أمام أنظار أبنائنا وزوجاتنا وجيراننا والقوا بنا في شاحناتهم المكتظة بتعساء آخرين. وقاوما ، في معسكر سوندياتا كييتا بتركيعنا على أرضية حصى مزفت لإخضاعنا لمعاملات لاانسانية: التنقل على الركبتين، ثم الزحف على البطون. وفي حال عدم تنفيذ إحدى تلك الأوامر على الفور نتعرض لضربات بأعقاب البنادق وبالجزمات[...]. ولا حقا نقلونا إلى مقرات الدرك لتعريضنا لعذابات أخرى [...] كنا 22 و تلقى كل واحد منا 20 ضربة بالسوط قبل رميه بالسجن حيث بقينا حتى 18 ساعة. وعند إطلاق سراحنا تلقى كل منا 30 ضربة بالسوط وادينا 20 ألف فرنك للواحد 2".

لقد تلقت ديكتاتورية لانسانا كونتي ضربة قاسية بفعل وحدة الشعب الغيني الملتف حول النقابات، تلك البنيات الوحيدة التي لها تغطية وطنية وتمثل مجموع الأعراق، على عكس أحزاب المعارضة الرئيسية التي تماثل كل منها مع منطقة بالبلد. لاشك أن هذا درس بليغ حول إمكان زعزعة إحدى أقدم الديكتاتوريات وأشرسها بخوض معركة سياسية في الساحة الاجتماعية وليس العرقية. كما يثير الإعجاب اختيار محور الدفاع عن ثروات البلد. إنها ضربة للفساد وللشركات متعددة الجنسية التي تنهب بلا حياء لا سيما البوكسيت ( صخر يستخرج منه الألمنيوم).

لا يتيح الوضع الجديد سوى هامش مناورة ضيق للوزير الأول الجديد الواجب تعيينه في الأيام المقبلة، اذ سيُحاصر بين سعي لانسانا كونتي والجيش إلى بقاء الاوضاع على حالها وسعي الشعب المعبأ والواعي بقوته الى التغيير. واجبنا النضالي في هذه المواجهة المقبلة أن نبدي تضامننا مع المنظمات النقابية والسكان الغينيين.

بول مارسيال

جريدة روج العدد 2192

تعريب المناضل-ة

إحالات:

1- بعثة التعاون العسكري والدفاعي، سفارة فرنسا بغينيا

2- شهادة النقابة متعددة المهن ومنظمات المجتمع المدني في كانكان إن