اعتقال الصحفيين عمر الراضي وعماد استيتو: تشديد القبضة القمعية للدولة؛ تمهيد طريق تحميل الكادحين أداء فاتورة الأزمة


المناضل-ة
2020 / 7 / 8 - 01:25     

حرياتنا مصادرة. قبل الجائحة جرى تمرير قوانين قمعية عدة، آخرها، وليس أخيرها، قانون صحافة قمعي. وقبلها أيضا نكل بنضالات جماهيرية، أبرزها حراكات الريف وجرادة وزاكورة، وحينها اعتقلت الدولة مناضلي الحراك الشعبي وقضت محاكمها القمعية بسنوات طوال على أبرزهم. وبموازاة ذلك اعتقلت الدولة صحافيين لفقت لهم تهم أخلاقية وجُرمِية؛ فبركة تهم أخلاقية، جنسية غالبا، والتشكيك في الذمة المالية، وتعاطي الممنوعات، وتهمة التخابر مع جهات أجنبية، حرصا على زعمها الحقوقي الذي تسوقه للخارج خاصة.

وفي ظل الجائحة، خلال الحجر المنزلي وحالة الطوارئ، جرى الحجر على حرياتنا، وصارت التجمعات والتظاهرات… الخ محظورة بقوانين تم تمريرها بسرعة قياسية باستغلال ظرف الجائحة ورعبها. والآن، في غضون رفع تدريجي للحجر المنزلي وتخفيف حالة الطوارئ، بقيت حرياتنا مصادرة، محجورا عليها، وتواترت حالات قمع شرس لاحتجاجات عمالية وشعبية (عمال أمانور نموذجا)، وأيضا توالي حالات التضييق على حرية الرأي والتعبير...الخ

جاء اعتقال الصحفي عمر راضي وزميله عماد استيتو في هذا السياق. هذا الصحفي المزعج سبق واعتقل لأيام بحجة إجراء تحقيق قبل إطلاق سراحه إثر حملة تضامن وطنية ودولية، وجرى التحقيق معه مجددا بعد نشر منظمة العفو الدولية تقريرا يتهم الدولة المغربية بالتجسس الالكتروني على هاتفه.

قادت الدولة حملة تشهير ضد منظمة العفو الدولية أطلقتها رسميا بندوة صحفية تحدث فيها ثلاث وزراء، وبحملة إعلامية شاركت فيها التلفزة العمومية وصحف مكتوبة وإلكترونية بغاية التبرؤ من الاتهام الموجه لها وتصوير الأمر بمثابة حملة عداء ضد المملكة المغربية. في السياق نفسه اتهمت الدولة عمر الراضي بالتخابر مع أجهزة أجنبية (دون ذكرها، بمبرر مراعاة الأعراف الديبلوماسية) في إطار حملة تشهير طالته مصدرها منابر إعلامية تشكل أذرعا إعلامية لأجهزة القمع.

ما يتعرض له عمر راضي من تضييق استمرار لقمع الصحفيين- ات بالمغرب، وهو نهج راسخ للدولة المغربية التي لا تحتمل صحافة معارضة. فكل الصحفيين- ات والمنابر التي لها جمهور داخليا وكل الأقلام التي تنشر في مواقع ومنابر خارجية وتصر عن معارضتها للدولة يجب أن تتحطم.

لائحة العناوين الصحفية والاسماء الإعلامية التي أُعدمت بعد سلسلة مضايقات وأساليب قمع متنوعة عديدة جدا، لكن الخطير أن تشديد قمع الحريات الديمقراطية، ومنها خنق حرية التعبير، ستزداد حدتها لأن الدولة تحضر لعدوان خطير على مكاسب الكادحين- ات لتحميلهم- هن فاتورة أزمة نظامها الاقتصادي. ومن شروط نجاح هذا العدوان إجبارُ ضحاياها على الخضوع بالإكراه القمعي العنيف، وهذا بدوره يفترض إسكات ناقل-ة وناشر-ة الحقائق عن الوضع الاقتصادي والاجتماعي والنضالي وفرض هيمنة الإعلام الرسمي المتعدد مصدرا وحيدا للمعلومة ورسم حدود حمراء ممنوعة عن التجاوز لغيره.

تدرك الدولة خطورة الإعلام المعارض، وقد استخلصت الدروس الملموسة من حملة مقاطعة ثلاث شركات خاصة، ومن تسريب فضائح يعج بها نظامها الفاسد كما حال نهب العقار العمومي لفائدة "خدام الاستبداد" وتعي ما يمكن أن يتولد عن فضائح مماثلة في سياق أوضاع مأزومة وما قد يكلفها ذلك سياسيا.

تنزعج الدولة من الإعلام المعارض وتتهمه بنشر اليأس وتبخيس جهودها وتتضايق من توسيع مساحات التعبير الذاتي التي يتيحها الانترنيت، وتعمل بقوة على تضييقها وسد منافذ نقل المعلومة الحقيقية التي تنسف أكاذيبها الدعائية، فأصدرت ترسانة قانونية قمعية لحرية الصحافة باسم مدونة الاعلام والنشر وحاولت تمرير قانون 22-20 لمزيد من تعزيز قمعها الشديد للصحافة والنشر.

لا زالت المعتقلات تعج بمعتقلين بتهم لا يخفى عن أحد خواؤها ومنهم صحفيون- ات ومناضلون- ات لأجل مطالب اقتصادية واجتماعية، وآخرون بسبب مواقفهم- هن السياسية ولتعبيرهم- هن عن رأي معارض. ستتوسع أعدادهم- هن مع تصاعد النضال العمالى والشعبي لمواجهة سياسة الدولة العدوانية القادمة، وستلجأ الأخيرة مرة أخرى إلى نسج التهم الباطلة لتبرير قمعها ما يجعل معركة النضال دفاعا عن الحريات الديمقراطية وعلى رأسها حرية الصحافة والنشر والحق في التعبير عن الرأي والحق في التنظيم والاحتجاج مسألة لا تنفصل عن النضال لأجل الدفاع عن الحق في الشغل والعيش الكريم فنظام الفساد الذي يحرم الشعب من اللقمة هو نظام الاستبداد الذي يفرض على الشعب كبت الاستياء والتعبير عن آلامه وآماله ويكبله عن التحرك الجماعي لتقرير مصيره.

ضد التضييق على المدونين وخنق حرية التعبير، من أجل صحافة حرة من قيود الاستبداد

من أجل تسريح فوري للصحفيين المعتقلين وإسقاط المتابعة عنهما

الحرية لمعتقلي-ات النضال العمالي والشعبي

الحرية لكل معتقلي-ات الرأي.

تيار المناضل-ة، 07 يوليوز 2020