الحركة النقابية العمالية المصرية في مائة عام


حسن الشامي
2020 / 6 / 15 - 01:27     

عرفت مصر العمل منذ فجر التاريخ.. وفى عهد الفراعنة تنوعت مجالاته إلى زراعية وصناعية. فكان هناك وجود عمالي سواء في مجال الزراعة التي تقدمت كثيرا في هذه العهود.
عرفت مصر نظام الطوائف في القرن العاشر الميلادي في العصور الوسطى التي ظهرت على اثر ظهور علاقات وظروف عمل جديد في المجتمع.

وكان ميلاد الحركة النقابية المصرية الحديثة - كما يجمع المؤرخون - من خلال الإضراب الذي نظمه عمال السجاير عام 1899م وهو ما يمثل الفجر الساطع للحركة النقابية المصرية وأول حركة جماعية منظمة في صفوف العمال للمطالبة برفع أجورهم وخفض ساعات العمل وتحسين شروطة0 لقد تأسست من خلال الإضراب أول نقابة مصرية دائمة ترعى شئون العمال وتدافع عن مصالحهم عرفت باسم (نقابة عمال السجاير المختلطة).

لقد كان إضراب عمال مصانع السجائر عام 1899 م والسنوات التالية بداية لسلسة كبيرة من الإضرابات ومدخلا لحركة عمالية واسعة (خطوات على نطاق الصناعات الأخرى وتكونت على أثرها العديد من النقابات) (عام 1900 م إضراب عمال التلغراف... وهكذا).

ومن خلال الإضرابات نشأت التنظيمات النقابية الأولى وتحولت اللجان التي نظمت وقادت هذه الإضرابات إلى تأسيس نقابات.. وتصاعدت موجة الإضرابات خلال مراحل النضال الوطني المختلفة وزاد عدد النقابات وطرحت فكرة وجود اتحاد عام لهذه النقابات يجمع شملها ويجعلها قوة ضغط حقيقة لانتزاع مطالب الحركة النقابية.

الوضع القانوني للحركة النقابية المصرية :
صدقت مصر على الاتفاقية رقم (87) الخاصة بالحرية النقابية وحماية الحق في التنظيم التي اعتمدها المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية (يوليو1948 م).
كما صدقت مصر على الاتفاقية رقم (98) الخاصة بحق التنظيم والمفاوضة الجماعية (عام 1949 م) كذلك صدقت على الاتفاقية العربية رقم (8) لعام 1977 م الصادرة من منظمة العمل العربية بشان الحقوق والحريات النقابية.
وقد اقر الدستور المصري (عام 1971 م) حق إنشاء النقابات والاتحاد على أساس ديمقراطي يكفله القانون وتكون لها الشخصية الاعتبارية.

وأصدرت الحكومة المصرية العديد من التشريعات الوطنية التي تنم وتحكم عمل النقابات العمالية أخرها.. منها القانون رقم 35 لسنة 1976 م المعدل بالقانون 1لسنة 1981 م المعدل بالقانون 12لسنة 1955 م ، وتنص أحكامه على :
أ- العاملون المدنيون في الحكومة ووحدات الإدارة المحلية والهيئات والمؤسسات العامة والأجهزة الحكومية التي لها موازنات خاصة.
ب- العاملون بشركات القطاع العام.
ت- العاملون بشركات القطاع العم والعاملين بالأنشطة الاقتصادية التي يتم إنشاؤها بقانون.
ث- العاملون بالقطاع الخاص.
ج- العاملون بالقطاع التعاوني.
ح- العاملون بالقطاع الاستثماري والقطاع المشترك.

لقد أظهرت الانتخابات النقابية العمالية الأخيرة لدورة عام 2006 م / عام 2011 م حجم الانتهاكات التي تعرض لها المرشحون لتلك الانتخابات، والتي رصدتها العديد من الجهات والمركز والصحافة، والتي تجسدت في منع المرشحين من الحصول على شهادات العضوية والاستبعاد والشطب وإهدار أحكام القضاء والتزوير الفج والعلني للانتخابات.
وأظهرت الانتخابات تعاظم الاستبداد والقمع لقوى المعارضة، سواء كان نقابية أو سياسية، وذلك من مختلف التيارات السياسية باستثناء أعضاء الحزب الوطني وعناصر الحكومة والأمن.. بهدف الاستمرار في السيطرة على الحركة العالمية.

كما أظهرت الانتخابات وحال الحركة العمالية أن الطبقة العاملة المصرية تعيش فرغا تنظيميا وان التنظيم النقابي الوحيد المسمى ب اتحاد نقابات العمال 0فاقد للشرعية والاستقلالية والجماهيرية، وليس معبرا ن مصالح العمال.
وكانت تلك قناعة القيادات العمالية من مختلف التيارات السياسية والمستقلة عنها في اجتماعها الأول والتمهيدي يوم الخميس 7 ديسمبر 2006 م والتي قررت عددا من المبادئ تظل مثارا للنقاش والحوار، وذلك خلق فهما مشتركا يؤدى إلى نضال مشترك من اجل استقلال وحرية العمل النقابي :
1- تشكيل نواة مركزية تملك المبادرة في دفع وتأسيس أشكال وسيطة
2- يكون بناء تلك الأشكال من أسفل، وفى المواقع الجغرافية المختلفة، لتكون أدوات نضالية ودعائية في صفوف العمال.
3- عقد مؤتمر عمال مصر للإعلان عن القواسم المشتركة وخطة العمل المشترك.
لبناء حركة عمالية مستقلة، بعيدا عن سيطرة الأحزاب والحكومات، تدافع عن مصالح العمال، ومواجهة السياسات التي تنتهك حريتهم ومصالحهم.

في اكبر انتهاك لحقوق الإنسان المصري شهدت مصر اكبر ماساه في تاريخ الحركة النقابية العمالية في 2006 م /2011 م في الانتخابات النقابية المصرية في شطب القيادات المرشحة للانتخابات النقابية وعدم أعطاء المرشحين الشهادات لأنهم يمثلون العمال ويدافعون عن مصالح العمال.
وشهدت مصر في أول مرة تاريخ النقابية شطب القيادات الشريفة وإعطاء الشهادات لمرشحين الحزب الحاكم وأعوان الأمن ونتج عن ذلك خروج الاتحاد الحر للعمال لكي يدافع عن مصالحهم..

وقد شهدت مصر حالة من الإضرابات العمالية والاعتصام والتجمهر والتظاهر في عام 2007 م :
1- إضراب عمال غزل المحلة الكبرى وبلغ عدد العمال 27 ألف عاملا في 7 ديسمبر 2006 م وأكثر من 10 ألاف عامل يسحبون الثقة من اللجنة النقابية ومجلس الإدارة.
2- إضراب الترسانة النيلية بقنا وهى احد شركات هيئة قنا السويس بتاريخ 22 يناير 2007 م.
3- إضراب اسمنت حلوان وطرة كان1300عاملا واعتصموا يوم 19 ديسمبر 2006 م.
4- إضراب سائقي السكة الحديد اليوم 20 يناير 2007 م وكان عدد السائقين المضربين عن العمل 300 سائقا.. وقام السائقون في مترو الأنفاق بالتباطؤ تضامنا مع زملائهم.
5- إضراب غزل شبين الكوم في 4 فبراير 2007 م وكان 4500عاملا.
6- إضراب غزل رفيع بكفر الدوار يوم 3 فبراير 2007 م وعدد المضربين 1100عاملا.
9- إضراب الدلتا للغزل بزفتى يوم 4 فبراير 2007 م.
10- إضراب عمال الزراعة في باسوس بتاريخ 5 فبراير 2007 م.
11- اعتصام عمال الشركة المصرية للغزل اسبيتكو وبلانكو بالإسكندرية يوم 17 فبراير 2007 م.
12- إضراب شركة غزل ميت غمر في 14 فبراير 2007 م وكان 3000 عاملا.
14- إضراب شركة النظافة بكفر الدوار 1 مارس 2007 م وكان 3000 عاملا.
15- إضراب عمال وغزل السيوف بالإسكندرية 12 مارس 2007 م وكان أكثر من ألف عاملا.
16- إضراب عمال المعدات التليفزيونية بالمعصرة 25 فبراير 2007 م إضراب 310 عاملا.
17- إضراب شركة بولفارا بالإسكندرية 19 مارس 2007 م إضراب 5 ألاف عاملا.

وشهدت هذه الفترة إضرابات عمالية لم تحدث في مصر من قبل في تاريخ الحركة العمالية النقابية.. وسحب الثقة من اللجان النقابية التي لم تراعي مصالح العمال ولكن انحازت لمصالح الإدارة والنظام، وكان دور اللجان النقابية مرتبطا بالمصايف والمستشفيات ولم بكن له دور في تثقيف وتدريب العمال لزيادة الإنتاج والحرص على مصالح العمال وحقوقهم.
وما كان يحدث في وزارة القوة العاملة شاهد على إضرابات واعتصامات وسحب الثقة وبيع القطاع العام وتشريد العمال دون أن يقوم اتحاد العمال لنقابات عمال مصر أو وزارة القوى العامة بدورها نحو مصالح العمال وتخفيف العبء عنهم ووقف قطار الخصخصة لشركات قطاع الأعمال العام.
ثم قام اتحاد العمال الحكومي ووزارة القوى العاملة بإعطاء التعليمات والأوامر للجهات الأمنية بغلق دار الخدمات النقابية فرع نجع حمادي وفرع المحلة الكبرى.
ثم استولت الدولة على صناديق التأمينات الاجتماعية وضمها لميزانية الدولة على الرغم من أنها أموال خاصة بتأمينات العمال، ولم يتحرك اتحاد العمال ولم يدافع عن أموال التأمينات.
ثم صدور قرار رئيس الوزراء بإنشاء شركة قابضة للتامين الصحي ولم يتحرك اتحاد عمال مصر نحو مبالغ التي أخذتها الدولة من الصندوق الخاص للعاملين للتأمينات الاجتماعية ولم تتحرك قضية التأمين الصحي وتمسك العمال بالتامين الصحي كما هو.

وشهدت مصر إضرابات واحتجاجات واعتصامات عديدة :
ففي عام 2006 م وهو عام الانتخابات النقابية بلغت أعداد التجمهر 72 والاعتصام 79 والإضراب 47 والتظاهر 24 بإجمالي 222.
وفي عام 2007 م توالت الإضرابات في الشركات والمصانع وان الاتحاد الحر للعمال حريص كل الحرص على مصالح العمال ويطالب بالحرية النقابية للعمال.

رئيس الجمعية المصرية للتنمية العلمية والتكنولوجية