حكاية عن الظلم (١)


مصطفى سامي
2019 / 7 / 14 - 14:40     

في القاهرة، وتحديداً في إحدى مباني القرية التكنولوجية بالمعادي التي تبدو هادئة، يشتعل في الداخل صراع عمره أكثر من ثلاث سنوات.. طرفاه موظفون مقهورون يتم التلاعب بأعمارهم ومصائرهم وحتى أبسط حقوقهم كراتبهم الشهري، والطرف الآخر عدة أفراد قليلين جداً يمكن للواحد منهم أن يقرر أي شيء، يمكنه ترقية أو إلغاء ترقية أو نقل أو رفد أي موظف أو حتى فريق عمل كامل فقط ببريد إلكتروني يرسله فجأة دون مشاورة أحد ودون أن يكون لأحد حق مراجعته أو مناقشته أو الاعتراض عليه.
وبين هذا الطرف وذاك، أشخاص تم تسميتهم زوراً مديرين، وفي الحقيقة فإن هذه التسمية باطلة، فمؤهلات الواحد منهم تؤهله بالكاد ليكون موظفاً عادياً، أما قراراتهم ومواقفهم فهي منعدمة تماماً كانعدام مؤهلات الإدارة لديهم.. يمكننا القول أن المؤهل الوحيد لتكون مديراً بموقع الشركة هنا في مصر أن تقول "نعم" و "حاضر" للكفيل القطري والسيد المغربي الذي ترك له الكفيل حق التصرف في كل شيء دون حساب.

هذه الشركة هي شركة قطرية تعمل في مجال الرياضة والترفيه، وللشركة ثلاث مقرات رئيسية في ثلاث دول عربية، مقر القاهرة هو أقلها في كل شيء، الراتب الأقل، التأمين الطبي الأقل، وليس لهم أي تخفيض أو امتياز حتى على منتجات الشركة نفسها التي يعملون بها. طوال ثلاث سنوات عمل الموظفون بجدٍ لبناء فرق عمل كاملة من الصفر كفريق الدعم الفني وفريق الشكاوى وفريق التواصل الاجتماعي، وكل هذا تم إلغاؤه ونقله لمقر آخر في دولة السيد المغربي ببريد إلكتروني مفاجيء كما هو المعتاد.

هؤلاء الموظفين الذين عملوا بجد وقضوا سنتين أو ثلاثة من أعمارهم في تلك الشركة على أمل تحقيق شيء ما أو الترقي في وظائفهم تم إجبار حوالي نصفهم مؤخراً على تقديم استقالات جماعية بدعوى أنهم غير مؤهلين للعمل، أما من تبقى من الموظفين فقد استئجروا لهم محامياً ليستطيع رفدهم بعد أن تخلصوا من مدير الموارد البشرية في سابقةٍ لم تحدث من قبل أن يتم استبدال مدير الموارد البشرية بمحامي يتولى مهامه بدلاً من أن يتولاها مدير آخر له نفس المؤهلات والاختصاصات.

هناك الكثير والكثير من التفاصيل والقصص التي قد تحتاج كتاباً كاملاً لسردها لكننا نكتفي هنا بتلك النقاط الرئيسية، ورغم أن صلتي القانونية قد انقطعت بتلك الشركة بعد أن قدمت استقالتي حيث لم أعد أحتمل البقاء أكثر في هذا الجحيم، إلا أن لي زملاء وأخوة لا زالوا يعانون في هذا المكان، وهم في تلك الأثناء يستعدون لأخذ خطوات قانونية ضد الظلم والتمييز الواقع عليهم، وأعدهم أني لن أكف عن الكتابة والدعم مااستطعت حتى يحصلوا على الحقوق القانونية والمعاملة الآدمية سواءاً أكان مصيرهم الرحيل أو البقاء.