حول التحاق / عدم التحاق نقابة الإتحاد المغربي للشغل بالإضراب العام و بالمسيرة الوطنية بالرباط في الذكرى الثامنة لانطلاقة انتفاضة 20 فبراير المجيدة.


محمد أكناو
2019 / 2 / 25 - 08:11     

مرة أخرى تخلق القيادة البيروقراطية للمركزية النقابية الإتحاد المغربي للشغل و بيروقراطيات جامعاتها الوطنية، الحدث / المهزلة، وتضع نفسها في مأزق و أمام فضيحة جديدة، بارتجال قرارات متناقضة بين هياكلها الوطنية و هياكلها الجهوية والاقليمية والمحلية، في الدعوة والمشاركة في الاضراب العام الوحدوي ليوم الاربعاء 20 فبراير 2019، والذي دعت إليه الكنفدرالية الديمقراطية للشغل و الفيدرالية الديمقراطية للشغل و الجامعة الوطنية للتعليم – التوجه الديمقراطي، فبعد إعلان التنسيق الذي يقوده الإتحاد المغربي للشغل قرار الإضراب ليومي 22 و 23 فبراير الجاري، في التربية والتعليم ، وفي ظرف لا يتجاوز 24 ساعة، أعلنت المكاتب المحلية والإقليمية و الجهوية للتحاد المغربي للشغل، بيانات ونداءات المشاركة في الاضراب الوحدوي ليوم الاربعاء 20 فبراير.

1) لماذا نتوجه بالقول إلى نقابة الاتحاد المغربي للشغل ؟

لا شك أن نقابة الاتحاد المغربي للشغل يمكن اعتبارها نقابة تاريخية ويمكن وصفها بأم النقابات المغربية و مركز ثقل الحركة النقابية المغربية و لا داعي للتذكير بالأعداد الغفيرة لمنخرطيها و مكاتبها و حجم وسائلها المادية و اللوجستية، وكذا تغطيتها الواسعة بكل القطاعات، سواء بالوظيفة العمومية و بالقطاع الخاص، لكن رغم كل هذه القوة التنظيمية،
لماذا يكرس الاتحاد المغربي للشغل تشرذم العمل النقابي ؟ لماذا يكرس شق صف الحركة النقابية و الاصطفاف إلى جانب أعداء الطبقة العاملة و الشغيلة المغربية ؟ لماذا لا يقود الاتحاد المغربي للشغل مسيرة الوحدة النقابية والنضالية لإنجاز أدوارها الراهنة في تحسين شروط و وضع الطبقة العاملة وعموم الشغيلة المغربية ؟
هي طبعا أسئلة بأجوبة مكشوفة، وتحاول استفزاز الواقع الكارثي الذي اصبح الاتحاد المغربي للشغل يعيشه، في ظل قيادات بيروقراطية فاسدة منبطحة وعميلة عبرت عن إرادة النظام القائم في طمس الطابع السياسي و النضالي لإضراب 20 فبراير و لرمزية التاريخ ودلالته العميقة في وجدان الشعب المغربي ومناضليه المخلصين لقضاياه، و إزالة الحدث والتاريخ من الذاكرة الجماعية لنضالات الشعب المغربي.
ان الاضراب في يوم 20 فبراير لا يمكن أن نطمس طابعه السياسي، ففيه تتقاطع نضالات الطبقة العاملة وحركتها النقابية الديمقراطية و نضالات الجماهير الشعبية الكادحة و تنظيماتها الصامدة والمناضلة، ولا يخفى على الجميع أن انتفاضة 20 فبراير قدمت شهداء و معتقلين سياسيين ولا زالت مستمرة في الزمان والمكان، وما انتفاضة تازة و الريف و الحسيمة و جرادة و زاكورة و اوطاط الحاج و تاماسينت ... إلا شكلا من أشكال استمرار انتفاضة 20 فبراير المجيدة.
ولا يزال يقبع في السجون الرجعية مئات المعتقلين السياسيين المحكوم عليهم بقرون من السجن معتقلي الطبقة العاملة بجرادة، معتقلي الحركة الطلابية، معتقلي الانتفاضات الجماهيرية الشعبية، كل هذا فرض على القيادة البيروقراطية للاتحاد المغربي للشغل، قراءة الإضراب العام ليوم الاربعاء 20 فبراير 2019 ، قراءة رجعية والتعبير عن عدم الالتحاق كنتيجة لهذه القراءة التي تعكس قراءة النظام القائم بامتياز ...

2) قرار القواعد المنخرطة وللمكاتب المحلية والاقليمية والجهوية الانخراط في اضراب
وطني في 20 فبراير، هل يمكن أن يشكل نقطة تحول ؟

لا شك أن قرار القواعد المنخرطة وللمكاتب المحلية والاقليمية والجهوية الانخراط في إضراب 20 فبراير شكل ضربة موجعة وصفعة في وجه البيروقراطية المنبطحة وتعبير عن وجود إمكانية لعزلها و من تم اسقاطها بضغط و نضال القاعدة المنخرطة في النضالات العمالية والجماهيرية الآنية والإستراتيجية.
إن القرار المشرف لمكاتب القاعدة المناضلة بالاتحاد (على الأقل في التعليم) لن يكون عابرا، و سيكون له ما بعده و يكفي (على الأقل لحدود الآن) أنه قام و بشكل تنظيمي بعزل وفضح القرار الخياني للقيادة البيروقراطية و كشف أدوارها في كبح المعارك النضالية للجماهير الشعبية وطبقتها العاملة و طمس تاريخ نضالاتها المشرقة وفي مقدمتها انتفاضة 20 فبراير المجيدة.
الأمل الذي بعثت به هذه الحركة النضالية، ليس مرتبطا بتغيير رقم بآخر، وليس محض رغبة في الالتحاق بذيل المعركة، بل فيه رسالة واضحة المعالم حول المكنونات التي تزخر بها القواعد المناضلة بالاتحاد وتحديدا بالقطاع الصناعي و الزراعي، ولما تستطيع صنعه في سبيل عزل وإسقاط القيادة البيروقراطية العميلة، و فرز قيادة عمالية منبثقة من صلب الطبقة العاملة وحلفائها الموضوعيين، لقيادة الاتحاد.
بإمكان هذه الحركة النضالية المنبثقة أن تشيد منصة لانطلاق عمل نضالي تصعيدي استراتيجي من شأنه عزل وإسقاط القيادة البيروقراطية العميل ونسف التنسيق الذي يقوده الاتحاد المغربي للشغل مستندة في ذلك الى قوته التنظيمية و تغطيته الواسعة الى جانب حزامه النقابي (نقابة حزب العدالة والتنمية الرجعي ، ونقابة حزب الاستقلال الرجعي) المفصولتين حقيقة عن الواقع، لكنهما يسندان الى صدارة الواجهة السياسية ...
وبإمكان هذه الحركة النضالية شق هذا التنسيق وتحويله لقوة اضافية للحركة النقابية الديمقراطية المناضلة ضد الرأسمالية و الرجعية الحاكمتين اقتصاديا و ايدولوجيا.

3) ماذا بعد 20 فبراير ؟ و ما الذي يمكن أن يضيفه التحاق جامعات الاتحاد المغربي للشغل بالإضراب و بالمسيرة الوطنية ؟

الاكيد أن التاريخ يثبت انه لا إضراب عاما ليوم واحد كاف، و لا مسيرة وطنية واحدة كافية لصد حجم هجوم النظام على كل المكتسبات التي تم تشييدها بالنضالات والتضحيات الجسيمة والجبارة للشعب المغربي وتنظيماته المناضلة.
التاريخ سجل أن النداء و الدعوة إلى إضراب يوم واحد و حتى لمسيرة وطنية ليوم واحد يجعل من المحطة مجرد استعراض و احتفال و فرجة و التقاط صور، و استنزاف جهد وطاقة دون طائل، و محاولة احتواء و امتصاص براكين الغضب وتفجيرها في لحظة وجيزة عبر تكرار نفس الأشكال الرتيبة غير الفعالة و التي لا تترك أي أثر ولا أي ضغط على الأساس المادي للنظام القائم، أي الاقتصاد ودواليبه ، لنتساءل ما هو الاثر الذي يحدثه إضراب يوم واحد و حتى مسيرة واحد على الاقتصاد ؟ هل الإضراب يستهدف دواليب وعجلات الاقتصاد ؟ هل الإضراب يحدث شلل مواقع الإنتاج ؟ مواقع التوزيع ؟ هل الإضراب يستهدف مواقع القرارات / تنفيذ القرارات الاقتصادية والسياسية ؟ هل العمل النضالي وحدوي و متواصل وتصعيدي ويستهدف المواقع المذكورة ؟ لا شيء من هذا حدث على الأقل لحد الآن .
الذي يشفع لكل هذا، في هذه الحالة، هو تاريخ 20 فبراير، فهذا التاريخ لوحده كاف لكي نستمر في إنجاز واجباتنا النضالية تجاه قضية الشهداء والمعتقلين السياسيين، تجاه قضية الطبقة العاملة، تجاه المبدأ و الموقف.
إن الظرفية الراهنة بالنسبة لشغيلة التعليم تكشف عن توفرها على العديد من الامكانات للدفع بالشروط الذاتية لكي تنضج اكثر و لكي تتفاعل اكثر مع الشروط الموضوعية الناضجة، عبر التنظيم والوحدة النضالية الى جانب كل اشكال التنظيم الاخرى (تنسيقيات ، تجمعات، مجموعات، جمعيات ...) على أرضية برنامج و ملفات مطلبية تكون بمتابة وقود معركة وطنية موحدة مفتوحة طويلة النفس، لإسقاط كل مخططات النظام، الطبقية المعدة لتدمير منظومة الوظيفة العمومية و التنظيم النقابي .

4) إلى القواعد النقابية المناضلة

آن الأوان ان تتحمل القواعد النقابية المناضلة مسئوليتها التاريخية في التعبير بصريح القول و جرأة الفعل على رد استراتيجي على الهجوم الطبقي الذي طال ويطال المكتسبات التي تنهار كأحجار الدومينو و استثمار كل اشكال التنظيم وصيغ العمل النضالي الوحدوي والدفع بها نحو تبني شعار : " المعركة الوطنية الموحدة المفتوحة طويلة النفس" ، و إرغام القيادات البيروقراطية النقابية، في أفق عزلها واسقاطها، على تبني هذا الشعار لتأطير المعارك النضالية الجارية و القادمة، معارك نضالية وطنية موحدة في التنظيم و الزمان و ممركزة في المكان و إستراتيجية الأفق لإسقاط كل المخططات الطبقية.