على هامش انعقاد المؤتمر الوطني السادس للك.د.ش: هل يتم الحد من سطوة الانتهازيين في الأجهزة المختلفة؟.....2


محمد الحنفي
2018 / 11 / 25 - 13:02     


الشروط الذاتية والموضوعية لتأسيس كدش قبل أربعين سنة:.....1

إننا عندما نتكلم عن النقابة، والعمل النقابي، يحضر في مركز تفكيرنا، فيما نتكلم فيه، فكرتان أساسيتان:

الفكرة الأولى: الحاجة إلى إطار نقابي مبدئي مبادئي، يعوض الإطار الذي تحول إلى إطار بيروقراطي بورصوي، لا يخدم إلا مصالح الجهاز البيروقراطي: المحلي، أو الإقليمي، أو الجهوي، أو الوطني، الذي يستفيد من الباطرونا، ويتآمر على العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، بالإضافة إلى مصالح (الباطرونا).

والفكرة الثانية: صيرورة الإطار الجديد، المؤسس على قواعد جديدة، ومبادئ جديدة، وبرنامج جديد، وعلى أساس تحقيق أهداف جديدة، لصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، لسحب البساط من تحت أرجل الجهاز البيروقراطي، البورصوي، ولإرجاع المكانة اللازمة إلى العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

وهاتان الفكرتان، عندما تحضران في أي محطة تنظيمية: حالية، أو مستقبلية، تجعلاننا نستحضر الشروط الذاتية، والموضوعية، التي تحكمت في عملية تأسيس الك.د.ش، في نونبر 1978. وهذه الشروط، التي تتحول، باستمرار، تقتضي تجدد النقابة، باعتبارها الإطار الذي يحضر في وجدان العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وأملا في جعل الك.د.ش، الإطار المبدئي، والوحدوي، والمبادئي، الذي تنتفي في ممارسة أجهزته النقابية كل أشكال الانتهازية، والعمل النقابي المبدئي، والمبادئي، لخدمة مصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين. وبالتالي، فإن تأسيس الك.د.ش، لم يكن من أجل إعادة إنتاج نفس الممارسات، التي ينتجها الاتحاد المغربي للشغل، كجهاز بيروقراطي، بورصوي. بل من أجل أن تصير أجهزة الك.د.ش، أجهزة ديمقراطية، تقدمية، جماهيرية، مستقلة، وحدوية، حتى تصير إطارا لخدمة مصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وجعل العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، يحرصون على الارتباط بالنقابة، التي تحرص على جعلهم يتمتعون بالحقوق الإنسانية: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، بالإضافة إلى تمتيعهم بكل حقوق الشغل، التي صارت من حقهم، بحكم قيامهم بعمل معين، لصالح المجتمع، سواء تعلق الأمر بالمؤسسات الإنتاجية، أو تعلق بالمؤسسات الخدماتية، أو بالأعمال الحرة.

فما هي الشروط الذاتية، التي تحكمت في تأسيس الك.د.ش؟

وما هي الشروط الموضوعية، التي تفرض تأسيس النقابة المذكورة؟

أولا: الشروط الذاتية، التي وقفت وراء تأسيس الك.د.ش.

إننا عندما نمعن النظر في موضوع الشروط الذاتية للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، خلال ستينيات، وسبعينيات القرن العشرين، نجد أن النقابات، التي كانت قائمة في ذلك الوقت، يضرب فيها التحريف أطنابه.

فالاتحاد المغربي للشغل، لا يعرف شيئا اسمه الديمقراطية الداخلية، ولا يسعى إلى تربية العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، على الديمقراطية، ولا يدعم النضال من أجلها في الواقع، ولا يحرص على تسييد مضامينها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية في الواقع. وكل من يطالب باحترام الديمقراطية، يكون مآله الطرد، أو التعذيب، إلى حد الضرب المبرح، كما حصل مع شهيد الطبقة العاملة: الشهيد عمر بنجلون، في أقبية الاتحاد المغربي للشغل، في بداية ستينيات القرن العشرين، الأمر الذي يترتب عنه: أن الاتحاد المغربي للشغل، لم يعد نقابة مبدئية، ولم يعد محترما لمبادئ العمل النقابي.

وما قلناه في الاتحاد المغربي للشغل، يمكن أن نقوله في الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، الذي تأسس في أوائل ستينيات القرن العشرين، من أجل أن يصير نقابة بديلة، لنقابة الاتحاد المغربي للشغل، ناسيا أنه نقابة حزبية، لا تخدم إلا مصالح الحزب، ولا تخدم، أبدا، مصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

والاتحاد المغربي للشغل، الذي اشتهر منذ ستينيات القرن العشرين، بممارسته البيروقراطية، وبأنه لا يخدم إلا مصالح الطبقة الحاكمة، ومصالح المؤسسة المخزنية، ومصالح الأجهزة البيروقراطية للاتحاد المغربي للشغل، التي لا ترى في العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، إلا وسيلة لممارسة الابتزاز على الحكم، الذي يعتبر نفسه في خدمته، مما يعرض مصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، للتهميش في النقابة، كما في المؤسسة، التي يعملون فيها، كما في الواقع اليومي، الذي يعيشه جميع أفراد المجتمع، الأمر الذي يفرض نعت الاتحاد المغربي للشغل، بالجهاز البيروقراطي، وبالجهاز البورصوي، الذي لا يتجاوز النضال، من أجل الخبز وحده، ولا شيء غير الخبز. والعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، المنتمون إلى الاتحاد المغربي للشغل، لا يعرف وعيهم البئيس، تحولا في اتجاه الوعي الأرقى، الذي يعتبر مدخلا للاهتمام بالأوضاع الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، مما يجعلهم يهتمون بأوضاعم الخاصة، لا بالأوضاع العامة للشعب المغربي، الأمر الذي يترتب عنه: عدم انشغال العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، بالأمور السياسية، التي تقود إلى الالتحاق بالأحزاب السياسية المناضلة، والعاملة على تحسين الأوضاع الاقتصادية، والاجتماعي، والثقافية، والسياسية، حتى تصير في خدمة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وتستجيب لمتطلباتهم، التي تعمل الأجهزة البيروقراطية على تحطيمها، بتجميد الملفات المطلبية، خدمة للحكام، وباقي الأثرياء. وهو أمر اقتضى التفكير في إيجاد بديل نقابي، في أواخر سبعينيات القرن العشرين.

وقد أدرك الشهيد عمر بنجلون، منذ ستينيات القرن العشرين، أن البديل النقابي للاتحاد المغربي للشغل، أصبح ضروريا، مما جعله يعمل على تأسيس النقابة الوطنية للتعليم، التي كانت مستقلة عن تنظيم الاتحاد المغربي للشغل، فكانت البداية، التي تلتها مبادرات أخرى، في عدة قطاعات، توجت بتأسيس الك.د.ش، في أواخر نونبر 1978، لتصير الك.د.ش، بديلا نقابيا مركزيا، تحترم في إطاره الديمقراطية، والتقدمية، والجماهيرية، والاستقلالية، والوحدوية، مما جعل العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، يلتحقون بها، والتخلص من الجهاز البيروقراطي، البورصوي، فكانت سنوات الجمر، والرصاص، من نصيب الك.د.ش، من 1979 إلى 1984، بل تجاوزتها إلى عدة سنوات أخرى، قبل أن تدخل الك.د.ش، في التنسيق مع الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، لتدخل بذلك في متاهة التنسيق البرلماني / السياسوي، الذي لم تعد فيه الك.د.ش، مستقلة عن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، تبعا لعدم استقلالية الاتحاد العام للشغالين بالمغرب عن حزب الاستقلال. وهو ما انعكس سلبا على أداء الك.د.ش؛ لأنها أدخلت المنتمين إليها في متاهة التضليل، لأنه، إن كان أي منتم إلى الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، يعتبر نفسه جزءا لا يتجزأ من حزب الاستقلال، فإن المفروض: أن كل منتم إلى الك.د.ش، يجب أن يعتبر نفسه جزءا لا يتجزأ من الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ما بعد 8 مايو 1983. والأمر ليس كذلك، لأن الك.د.ش، نقابة مبدئية، ومبادئية. ومن مبادئها: الاستقلالية.

والفرق بين الك.د.ش، وبين الاتحاد العام للشغالين بالمغرب:

أولا: أن الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، أسس لإضعاف الاتحاد المغربي للشغل، كجهاز بيروقراطي بورصوي، على أساس أن الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، مجرد منظمة حزبية.

ثانيا: أن الك.د.ش، جاءت نتيجة لصراع مرير، ضد الجهاز البيروقراطي البورصوي، وتأسست على أن تكون مبدئية، ومبادئية. ومن مبادئها الاستقلالية، التي تفرض عليها أن لا تكون حزبية، أو تابعة لحزب معين، أو للدولة المخزنية، حتى تصير إطارا لتصريف المبادئ، التي تميزها عن غيرها من النقابات.

ثالثا: أن الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، تنظيم نقابي حزبي، مهمته تنفيذ القرارات الحزبية، في القطاعات العمالية، والخدماتية، بما يخدم مصالح الحزب (حزب الاستقلال).

رابعا: أن الك.د.ش، منظمة ديمقراطية، لها أجهزتها التقريرية: المحلية، والإقليمية، والجهوية، والوطنية، ولها أجهزتها التنفيذية، على جميع المستويات. وتتخذ قراراتها في الإطارات التقريرية، لتحول إلى الإطارات التنفيذية، التي تشرف على تنفيذها، على أرض الواقع.

خامسا: أن الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، منظمة رجعية، لا يمكن إلا أن تكون رهن إشارة المخزن، وأجهزته المخزنية، باعتبار الحكم المخزني حكما رجعيا، إلى درجة أننا كنا نتساءل، في أواخر ثمانينيات القرن العشرين، وبداية التسعينيات من القرن العشرين:

ماذا يجمع بين الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، وبين الك.د.ش؟

ذلك، أننا كنا نعاني، في اجتماع الأجهزة المحلية، والإقليمية، والجهوية، على الأقل، مع أجهزة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، وكنا نجالس، وباستغراب كبير، عناصر مكاتب هذه النقابة، التي كنا نجتمع معها، في ذلك الوقت، وكنا نشعر في دواخلنا، أنه لا تجمعنا بهم، أية علاقة، وأن ما يصرفونه، لا علاقة له بالعمل النقابي، وبالعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

سادسا: أن الك.د.ش، منظمة تقدمية، وتعتبر إطارا لإشاعة الفكر التقدمي، ولتربية العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، على التقدمية. وهو ما يجعلها أكثر بعدا عن التنسيق مع الاتحاد العام للشغالين بالمغرب. غير أن القرار السياسي بين الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ما بعد 8 مايو 1983، وحزب الاستقلال، يقضي بالتنسيق الحزبي، الذي يمتد إلى التنسيق النقابي، في المؤسسة البرلمانية، الذي صار في ذلك الوقت، يمتد إلى الميدان النقابي، لتشكل النقابتان، بذلك، قوة (ضاربة)، إلا أنه سرعان ما أثبتت الشروط الموضوعية، أن ذلك التنسيق، يدخل في إطار الممارسة البهلوانية، للبورجوازية الصغرى، ليصبح بذلك متجاوزا.

سابعا: أن الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، منظمة، لا يحضر اجتماعاتها، وتجمعاتها العامة، إلا الحزبيون، ومن يعتبرون أنفسهم حزبيين، مما يجعلها منظمة نقابية نخبوية حزبية، لا علاقة لها بجماهيرية الإطار النقابي، الذي يفترض فيه أن يقود النضالات المطلبية، لصالح جماهير العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، إلا أن الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، ليس كذلك، الأمر الذي يجعل عمله عملا حزبيا صرفا، في صفوف العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، بهدف جعل ذلك العمل، وسيلة لاستقطاب المزيد من المنتمين إلى الحزب، وإلى النقابة في نفس الوقت، استعدادا لأي انتخابات، يظهر فيها الحزب كقوة كبيرة.

ثامنا: أن الك.د.ش، منظمة جماهيرية، على مستوى الانتماء، وعلى مستوى الملفات المطلبية، وعلى مستوى النضالات المطلبية، والك.د.ش، إطار للمنتمين إلى جميع الإطارات، ولغير المنتمين إلى أي إطار، عندما يحترمون مبدئيتها، ومبادئها، ولا يمكن اعتبارها منظمة حزبية، لا تضع إلا الحزبيين، أو من ينتمون إلى الحزب من غير العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، أو من يعتبرون أنفسهم حزبيين؛ لأن الك.د.ش، إذا تحولت إلى منظمة حزبية، تحضر قيمها بين الحزبيين، الذين أرادوها حزبية. وهو أمر لا يخدم مصالح الك.د.ش، كمنظمة ديمقراطية، تقدمية، جماهيرية، مستقلة، وحدوية، والعمل المتواصل الهادف، إلى اعتبار الك.د.ش، منظمة حزبية، مطعمة بعناصر تنتمي إلى توجهات يسارية معينة، وقابلة بأن تصير مجرد ماكياج، حتى تظهر الك.د.ش، كنقابة للجميع، لا فرق بين هذا التوجه، أو ذاك، ولا بين المنتمين إلى مختلف التوجهات اليسارية، وغير المنتمين إلى أي توجه.

تاسعا: أن الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، هو منظمة حزبية بامتياز، حتى وإن ادعى قوادها أنها مستقلة عن الحزب، وهي بذلك، ليست مستقلة، مما يجعلها لا تتطور، ولا تتقدم، ولا تتوسع. فوجود حزب الاستقلال في الحكومة، يقوي الحزب، وعدم وجوده في الحكومة، لا يؤدي إلا إلى إضعاف الحزب. وهو ما يكشف عن الطبيعة الانتهازية، للذين يختارون الانتماء إليه، وتقويته، عندما يدخل إلى الحكومة، ويتحمل مسؤوليته فيها، ويدير من خلال تلك المسؤولية، عدة قطاعات، إن لم يكن زعيمه رئيسا للحكومة، بعد أي انتخابات يعرفها المغرب، والتي تنجم عنها أغلبية، وأقلية. فالأغلبية المعينة، تؤدي إلى تحمل زعيم الحزب، مسؤولية الحكومة.

عاشرا: الك.د.ش، منظمة مستقلة عن الأحزاب، وعن الحكم، ويعمل فيها المنتمون إلى مختلف الأحزاب الوطنية، والديمقراطية، والتقدمية، واليسارية، والعمالية، وغيرها، ممن ينسب نفسه إلى اليسار، الأمر الذي يترتب عنه أن الك.د.ش، نقابة لجميع العاملين، في مختلف القطاعات الرسمية، وفي مختلف القطاعات الخاصة، مما يكسبها امتياز اعتبارها تحمل معها، وفي مبدئيتها، ومبادئها، عناصر قوتها، التي تجعلها قوية بامتياز، ووحدوية كذلك بامتياز.