الرأسمال يصعد من محاربته للعمل النقابي


النهج الديمقراطي العمالي
2018 / 7 / 24 - 09:48     

افتتاحية:
الرأسمال يصعد من محاربته للعمل النقابي
انتزعت الطبقة العاملة الحق في العمل النقابي عبر خوض معارك تاريخية وأصبحت النقابات أحد أهم أدوات التنظيم الذاتي للطبقة العاملة واعتبره الشيوعيون المدرسة الأولى في خوض الصراع الطبقي للعمال. فيه يتعلم العمال تنظيم أنفسهم وصياغة ملفاتهم المطلبية وانتخاب زملاء وزميلات منهم لتقديم تلك المطالب لإدارة مؤسساتهم والى الأجهزة الممثلة للدولة ولكي يربطوا علاقات الوحدة في النضال مع العمال في نفس القطاع في المدينة او الاقليم او البلاد ثم في نسج العلاقات النضالية مع جميع قطاعات الطبقة العاملة عبر تنظيمهم النقابي على الصعيد الوطني. وقد استطاع العمال تحقيق العديد من المكتسبات عبر النقابة كما استطاعوا صد الهجوم الذي خطط له أرباب العمل والباطرونات.
ولان النقابة المناضلة والمكافحة تعتبر سلاحا قويا في يد العمال ولان العلاقة بين العمال والباطرونات علاقة تناحرية عدائية تشكل خسارة العمال فيها ربحا للباطرونات والعكس كل تراجع أو رضوخ للباطرونات هو انتصار للعمال فقد سعت طبقات الباطرونات بمساعدة من أجهزة الدولة على انتزاع سلاح النقابة من يد العمال او من خلال التضييق عنه الى حد تجريم العمل النقابي كما يهدف اليه القانون الجنائي المغربي من خلال الفصل 288 المشؤوم.
بالإضافة إلى كل السياسات والممارسات المعروفة والتي سبق لنا عبر جريدتنا التطرق لها وفضحها فإننا نود عبر هذا العدد وغيره من الاعداد القادمة التطرق الى جانب اخر وهو ضرب العمل النقابي عبر ضرب استقرار الشغل وتحويله الى نشاط هش وغير مستقر. فكلما أصبح العامل مهددا في استقرار شغله والطرد او التوقف للمؤسسة التي يعمل بها كلما انفرط اهتمامه الى الحفاظ على عمله والقبول بشروط الباطرون المجحفة والظالمة.
هكذا اصبحنا نلاحظ انتشار العزوف عن الانتظام والانخراط في النقابات وتقلص وجود النقابات وتأطيرها إلى اقل من 6% من الشغيلة يكون المنتسبون إلى القطاع العام والوظيفة العمومية القسط الاكبر من هذه النسبة الهزيلة. إن العمل في القطاع الخاص يحاصر بشكل منهجي حتى انه اصبح شبه ممنوع والدليل على ذلك كلما تم الاعلان عن تنظيم مكتب نقابي في شركة ما يتم التضييق عليه او طرد أعضائه في نهاية المطاف. طبعا يتصدى العمال إلى ذلك وهم مطالبون اليوم بتصعيد الصمود في هذا التصدي وهذا يستوجب توفير بعض المقومات والتي بدونها فان تغول الباطرونا لا حد له. ومن بين هذه المقومات لابد من الاشارة الى اهمها:
1- استرجاع النقابات لخدمة أهدافها الأصلية والأصيلة وانتزاعها من يد الباطرونا أو القوى التي تحرف العمل النقابي زيتم هذا الاسترجاع عبر
• تفعيل شعار “خدمة الطبقة العاملة وليس استخدامها”.
• تفعيل المبادئ الستة للعمل النقابي التقدمي : الديمقراطية، الوحدة، التضامن، الاستقلالية، التقدمية، والجماهيرية.
• الربط بين العمل النقابي لتحقيق الأهداف المباشرة (تلطيف الاستغلال) والأهداف البعيدة (القضاء على الاستغلال).
2- توجيه اهتمامنا بالعمل النقابي على قاعدة انه يعتبر مدرسة تؤهل العمال لكي يتحولوا من طبقة في ذاتها تستغلها الرأسمالية إلى طبقة تسعى لتصبح قائدة التغيير الحقيقي في المجتمع ليس لأنها تريد ذلك بل لأنه من واجبها أن تقود هذا التغيير والذي بدون قيادتها له لن يتحقق بل ستنجح القوى الرجعية في حرفه وتوظيفه لقمع الطبقة العاملة وحلفائها وفي ادامة استغلال العمال ونهب ثروات البلاد. ولكي تنجح عملية هذا الانتقال من طبقة عاملة في ذاتها الى طبقة عاملة من اجل ذاتها وجب على العمال الاكثر نباهة ونضالية وكفاحية ان يسهموا في بناء الحزب المستقل للطبقة العاملة؛ فغياب هذا الحزب اصبح اليوم اكبر عرقلة ذاتية في إنضاج الشروط الموضوعية للتغيير الثوري ببلادنا.
3- يجب أن يتوجه الاهتمام اليوم الى العمل النقابي في القطاع الخاص وتوسيعه للقطاعات المهيكلة والتي لم تسجل اية خطوة جريئة لذلك وفد اظهرت معركة عمال وحدات ديلفي أهمية بناء العمل النقابي المكافح والديمقراطي لقيادة معارك مثل هذه القطاعات الجديدة بالمغرب.
يبرهن ملفنا لهذا العدد أن الرأسمالية المتوحشة عبر العالم وفي المغرب ماضية في ضرب استقرار الشغل وتهشيش أوضاع العمال وباقي الطبقات الفقيرة وذلك من اجل تحقيق هدف مزدوج كسر شوكة الطبقة العالمة وجعلها سهلة الانقياد لشروط سوق الشغل ومن جهة ثانية تغذية صفوف العاطلين عن العمل وتوفير اكبر قدر من الجيش الاحتياطي والذي يهدد آية حركة نضالية أو إضراب عمالي. إن هذه الظروف هي ما بغدي التردي الذي نعيشه في العمل النقابي وهو الذي يجب الابداع في معارك سياسية واجتماعية لفرض التغيير الحقيقي حتى تتراجع الرأسمالية الهمجية عن مخططاتها الراهنة والتي تطبقها الدولة في جميع القطاعات الاجتماعية. بما فيها التسهيلات المالية والقانونية لخلق شركات الوساطة والمناولة من الباطن والسماح لها باكتساح جميع القطاعات بما فيها القطاعات العمومية والشبه عمومية مثل ما يحصل اليوم في مجمع المكتب الشريف للفوسفات.
ومن جديد نعيد التأكيد على اهمية العمل النقابي وأهمية النضال من اجل ان تتميز ممارستنا وفهما له بالمتطلبات التالية:
• التفاني في خدمة الشغيلة : دائما معهم وبجانبهم في الاتحادات المحلية وفي معاركهم بمؤسساتهم الاقتصادية لكن مع تفادي النضال مكانهم (العمل النقابي الإحساني والنضال النقابي بالوكالة) ومع تسييد مقومات العمل النقابي التقدمي.
• تقوية التنقيب والعمل على استرجاع ثقة الشغيلة في العمل النقابي بتطوير أداء النقابات الموجودة وبتنقيب قطاعات جديدة.
• تسييس العمل النقابي من خلال اتخاذ مواقف من القضايا السياسية التي تهم الشغيلة ومن خلال العمل على إدماج الشغيلة في المعارك السياسية والاجتماعية الكبرى مثل حركة 20 فبراير وحراك الريف والحركات الاحتجاجية المحلية.
• إعادة الاعتبار للخطاب الداعي للنضال من أجل التخلص من الرأسمالية كأصل لكل مشاكل الطبقة العاملة وبناء نظام اشتراكي كتجسيد للسلطة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للطبقة العاملة.
• الدعاية لبناء حزب الطبقة العاملة كأداة أساسية لتنظيم الطبقة العاملة وعموم الكادحين من أجل تحقيق المطالب والحفاظ على المكاسب والسير نحو القضاء على الاستغلال الرأسمالي.