الاحتجاجات في جنوب العراق وواجب عمال النفط!


عادل احمد
2018 / 7 / 15 - 23:54     

اندلعت الاحتجاجات مرة اخرى في المحافظات الجنوبية ضد الحكومة والاحزاب والمليشيات الاسلامية. اندلعت شرارتها في محافظة البصرة وتوسعت رقعتها بعد ذلك الى محافظات ميسان وذي قار والعمارة والنجف وبابل.. احتجاجا على سوء الخدمات الاجتماعية من انقطاع الكهرباء في الصيف الحار جدا وشحة المياه الصالحة للأستهلاك البشري وفي ظل البطالة المليونية والفقر والغلاء. هذا من جهة ومن جهة اخرى سرقة ثروة الجماهير من اموال النفط والغاز من قبل الاحزاب والمليشيات الاسلامية المشاركة في السلطة، من قبل الحكيميين والصدريين والعباديين والمالكيين والمرجعيين والنجيفيين والبرزانيين والطالبانيين و...الخ. ان السخط الجماهيري ضد هذه الاحزاب وسلطتها وسياساتها وصلت الى درجة لا يمكن تحملها وتنفجر بين حين واخر، ولكن تخمد في النهاية ببعض الوعود والاهتمام المؤقت وفي النهاية يخرج المتظاهرين خالي الوفاض وتشتد عليهم المعاناة مرة اخرى.
ان الاحتجاجات الاخيرة تأتي بعد شهرين من الانتخابات في العراق والتي قاطعتها الاغلبية، اي قاطعت اغلبية الجماهير سياسات واعمال هذه الاحزاب ولكن هذه الاحزاب والحكومة لا تعير أهتمام لما قالته الجماهير في الانتخابات، ولا يهمها ما قام به المتظاهرون في السابق ضدهم طالما بأمكانهم سرقة المليارات ووصولها الى البنوك الخارجية او شراء القصور والمنتجعات السياحية. اي أن هذه الحكومة تنظر الى هذه التظاهرات والاحتجاجات كشيء مؤقت ويمكن تجاهلها ومعالجتها بالمسكن ومن ثم اطلاق الوعود الكاذبة مرة اخرى. وهناك حقيقة مؤلمة اخرى وهي معرفة الحكومة بالتشتت وعدم التنظيم في الاحتجاجات وعدم وجود قيادة سياسية ذات رؤية واضحة في كل هذه الاحتجاجات والتظاهرات رغم وجود العنف والاستياء الشديد داخل هذه الاحتجاجات. اي ان الاستمرارية بهذا الشكل من اندلاع الاحتجاجات ومن ثم يخمد اوارها بين حين واخر، وكذلك استمرار هذه الاحزاب الاسلامية والحكومة المتكونة منها باطلاق الوعود الكاذبة ومن ثم سرقة الاموال العامة.
ان الدروس التي نتعلمها في مسيرتنا الاحتجاجية وعدم تكرار الاحتجاجات بدون نتيجة ونجاح يكمن في اصلاح عيوبنا ونواقصنا الحالية. لا يمكن استمرار بالاحتجاجات بدون صعود السلم من درجة الى درجة بنجاح ووعي.. ان الصعود الى الاعلى يتطلب كيفية الاستمرار والحفاظ على التوازن ودرجة من اليقظة والوحدة وهذا معناه التنظيم الاجتماعي والواعي. ان كل خطوة نخطوها يجب أن تصاحبها الوحدة واليقظة اي وجود تنظيم دائمي ووعي سياسي دائم، والا نفقد البوصلة ونفقد طاقاتنا بدون الوصول الى اهدافنا المشروعة. ان السخط الجماهيري وحده والاحتجاج والنزول الى الشوارع وحده لا يوصل الى هدف ما نحتاجه، وانما التمسك بالوحدة والتنظيم والادراك بخطواتنا هو الكفيل لتغير كفة الميزان لصالح الاحتجاجات الجماهيرية المحقة. ان الاحتجاجات العفوية وبدون تنظيم موحد وبدون افق واضح ستكون بدون فائدة لتحقيق الاهداف. ان التنظيم حتى وان كان صغيرا والوعي والادراك وان كان قليلا سوف يحقق آمال واهداف المتظاهرين والمحتجين..
ماالعمل؟ الوقت ليس متاخرا الان، امامنا فرص وامكانية ان نقيم ضعفنا ونواقصنا والشروع بالعمل البطولي والنضالي. ان الاحتجاجات موجودة في الشوارع والسخط الجماهيري موجود بين ابناء الطبقة العاملة والكادحة، والاستعدادات موجودة لخوض البطولات والتضحية وما ينقصنا هو تنظيمنا الجماهيري. علينا ان نبدأ بتنظيم صفوفنا قبل كل شيء، وان التنظيم العمالي في شركة نفط الجنوب هو الخطوة الاولية.. لان شريان الاقتصاد العراقي يكمن في نفط الجنوب وخاصة البصرة وان تنظيم هذا الجزء من العمال من قبل قادتها، سيكون ضربة قاضية لحكومة البرجوازية العراقية فتوقف يوم واحد عن العمل في نفط الجنوب يعني خسارة ومشاكل كبيرة لهذه الحكومة، وهذا سيكون نقطة ضعف الحكومة وموقف قوي بالنسبة لعمال نفط الجنوب. ان تنظيم العمال في نفط الجنوب ومن ثم احتجاجاتها سوف تجلب بقية المواطنيين من الشباب العاطلين عن العمل والكادحين والفقراء الى الشارع، لان الاحتجاجات سوف تكسب قوة مادية وهي الضغط المادي الناتج عن توقف العمل في انتاج شريان الاقتصاد في العراق. ان العمال المنظمين هم بؤرة ونواة تنظيم المجتمع. ان الاحتجاجات بدون التركز على نقاط قوتنا سوف تفشل كما رأينا في الاحتجاجات السابقة. ان ما قامت به التظاهرات الاخيرة في البصرة من الدخول الى الحقول النفطية واحتلالها كانت خطوة ذكية ولكن بدون عمال النفط في هذه الاماكن والتضامن معهم سيكون بدون نتيجة. ان احتجاجات الشباب العاطلين عن العمل يجب تنسيقها مع عمال شركة نفط الجنوب اي القيام بالعمل المشترك. ان احتجاجات العمال بدون مساندة جيش الفقراء والعاطلين عن العمل غير مؤثرة والعكس صحيح، جيش المتظاهرين من الفقراء والعاطلين عن العمل الفقراء بدون مساندة العمال غير مؤثر.. بدون البدء بوقف تصدير النفط ستكون الاحتجاجات ضعيفة، ويمكن للحكومة والمليشيات الاسلامية السيطرة عليها بسهولة. ولكن تضامن عمال النفط مع جماهير الفقراء في المحافظات والمدن سوف تستكمل القوة التي بامكانها اجبار السلطة على تلبية احتياجات المواطنيين.
ان الجزء الاكبر يقع على عاتق عمال نفط الجنوب في تحقيق اهداف المتظاهرين في الوقت الحاضر. التنسيق المباشر وتشكيل لجان بين العمال القياديين في نفط الجنوب وبين اهالي المحافظات الجنوبية من الفقراء والكادحين لاستكمال التظاهرات والاحتجاجات بقوة، هي الخطوة العملية لتخفيف معاناة المواطنيين العراقيين. وان القادة في عمال نفط الجنوب يقع عليهم هذا الواجب بأن يكونوا في مقدمة الاحتجاجات وعلى رأسها وقيادتها. ان تنظيم انفسهم هو اول خطوة ومن ثم تنظيم التظاهرات وبالاخير سيكون تنظيم المجتمع يقع بأيدهم. يجب ان لا ننسى اخفاقاتنا في السنوات السابقة رغم احتجاجاتنا وتضحياتنا وبطولاتنا وان نتعلم الدرس منه و نركز على قوتنا وتنظيمنا العمالي والجماهيري، في مواجهة الفساد والسياسات الغير انسانية للطائفيين والقوميين للبرجوازية العراقية وممثليها السياسيين. حان وقت ان نستخلص الدروس من تجاربنا السابقة وان نخطو خطوات الى الامام لتحقيق مطالبنا.