كلمة حق في ذكرى المناضل الشيوعي الرفيق محمد فضل حسّان


جهاد عقل
2018 / 5 / 7 - 09:55     


عندما تحاول الكتابة عن رفيق درب وصديق عزيز رحل قبل الموعد، تجد نفسك عاجزًا أمام مأساوية الحدث، حيث تتبخر الكلمات، ولا تعرف من أين تبدأ.
هذا ما حدث معي منذ رحيل رفيقنا الغالي محمد فضل حسّان (أبو شرف)، فكلما جلست لأكتب عن مسيرته النضالية - النقابية، تبخرت الكلمات والذكريات من شدة الألم والحزن على رحيل هذا المناضل الشيوعي المُخلص لشعبه وحزبه وجبهته.
عرفت الراحل في العديد من المحطات النضالية وكان أول لقاء لي معه في أواسط الثمانينيّات من القرن الماضي، وبعدها ترسخت علاقاتنا من خلال النضال النقابي المُشترك، ضِمن نشاطنا في الدائرة النقابية للحزب حيث كان ممثلًا لنا في نقابة عمال البناء مع رفاق الدرب، وبعدها كرئيس للجنة العاملين في بلدية طمرة.



مناضل لديه ثوابت طبقيه لا تلين
عندما كنّا نعقد اجتماعاتنا الدورية للدائرة النقابية والتي كنت مركزًا لها أي الدائرة، كان الراحل رفيقنا محمد فضل حسّان لا يتغيّب عن أي اجتماع، مثابرًا، له حضور واضح يُعبِّر من خلاله عن مواقفه الطبقية الصلبة لصالح جمهور العاملين، مؤكدًا دائمًا أنّ قوتنا النقابية يجب أن نستمدها عن طريق الارتباط ميدانيًا بهموم العمال والعاملات، ولا أنسى كيف كانت بعض مواقفه الواضحة جدًا في هذا المجال، تؤدي الى صِدام وحوار رفاقي متوتر بعض الشيء مع البعض من الرفاق، لكن همّ الرفيق أبي شرف الوحيد هو تقوية نضالنا الطبقي بين جمهور العُمّال، وانطلاقًا من موقف مناضل شيوعي لديه ثوابت لا تلين.



قيادته لجنة عمال بلدية طمرة - مرحلة نضالية هامة
تواصل نشاطنا المشترك، عندما تولى الرفيق الراحل محمد فضل حسّان رئاسة لجنة العمال في بلدية طمرة، وفِي بعض الحالات العضوية فيها، تكرست معرفتي به أكثر خلال هذه المرحلة هو وزملائه في اللجنة، وكان له دور بارز في خوض نضالاتنا اليومية من أجل تحسين شروط عمل العاملين في البلدية خاصة وفِي السلطات المحلية عامة.

لم يتوانَ أبو شرف أو يتردد عن أية مشاركة في نضالاتنا في هذا المجال، بل كان دائمًا في مقدمة المظاهرات والتظاهرات، وبرز دوره هذا خلال مرحلة الأزمة في جميع السلطات المحلية ومنها طمره، بالنسبة لتأخير دفع رواتب الموظفين وتأخير التحويلات للتأمينات التقاعدية، حيث كان داعمًا لنضالنا هذا هو ورفاق دربه في اللجنة الذين أكن لهم كل الاحترام، ففي هذه المرحلة خضنا معركة طويلة ضد الحكومة وضد وزارة الداخلية، حيث عانت معظم السلطات المحلية من أزمة مالية خانقة، جراء تغيير في سياسة الحكومة، والغاء العديد من بنود الدعم التي تستحقها تلك السلطات، وبرزت هذه الأزمة بشكل خاصة لدى السلطات المحلية العربية، التي تفتقد لمصادر التمويل الخاصة، فكان للرفيق الراحل دور هام في هذه المرحلة النضالية التي اعتبرها من أهم المحطات النضالية التي خضناها وكان لنا الدور المركزي في قيادتها، وعندما كنت اتحدث مع أبي شرف حول بعض الخطوات النضالية كان يرد بهدوئه المعروف :"لا طريق أمامنا يا رفيقي سوى المزيد من النضال لمواجهة سياسة حكومة الزعران"، كلماته هذه كانت تمنحني المزيد من القوة والمزيد من العطاء النضالي.



هموم نقابية واجتماعية
ولا أنسى اهتمامه ورفاقه ورفيقاته في اللجنة بهموم كل عامل وعاملة في البلدية، حتى لو أدى ذلك لمواجهة له وتحمله تبعات تلك المواجهة، لم يهتم أبا شرف فقط في القضايا الحقوقية للموظفين والموظفات في البلدية، بل اهتم أيضًا بتعميق الوحدة والتآخي بين الجميع، ولا أنسى ما قام به هو ورفاقه في اللجنة بالدعوة لإفطار رمضاني جماعي أو للسهر على وجبة عشاء للعاملين وعائلاتهم، وفِي احدى تلك اللقاءات فاجأني هو ورفاقه بتكريمي وتقديم درع تقدير منهم لي، يومها عجزت الكلمات عن التعبير لهذه المفاجأة الحميمية.
حقًا إنها مرحلة نضالية هامة كان للراحل دور مركزي وهام فيها وفِي غيرها من المراحل النضالية التي شارك فيها الراحل الرفيق محمد فضل حسّان الذي عاش مهاجر في وطنه عن مسقط رأسه قرية الدامون.
للعائلة الكريمة الزوجة والأبناء والأحفاد ولرفاق الدرب نقول رحل أبو شرف جسدًا لكن ما قام به من نضال لشعبه وللطبقة العاملة ستبقى ذكراه خالدة بيننا.