تونس الدور السياسي المباشر: الرهان المؤجل لبيروقراطية الاتحاد العام التونسي للشغل


بشير الحامدي
2018 / 1 / 28 - 20:57     

تونس ـ الدور السياسي المباشر: الرهان المؤجل لبيروقراطية الاتحاد العام التونس للشغل
7 سنوات بينت وبشكل بات أن لا رهانات صارت بالنسبة للشريحة البيروقراطية التي صعدت لقيادة الاتحاد بعد 17 ديسمبر غير التعويض عن الإقصاء الذي مورس ضدها طيلة العهدين الديكتاتوريين السابقين وتحديدا منذ ما بعد 26 جانفي 1978 والمتعلق بإقصائها من لعب أي دور سياسي جنبا إلى جنب مع البيروقراطيات الحزبية المرتبطة بالكتل والمجموعات التي تتقاسم النفوذ الاقتصادي والبوليسي المخابراتي.
بدا هذا الرهان كبيرا ومتهافتا عشية تهريب الديكتاتور بن علي وتجلى في مشاركة البيروقراطية النقابية في حكومتي الغنوشي الأولى والثانية وفي دعم حكومة الباجي قايد السبسي الأولى أيضا في فيفري 2011 ثم في تزعم هذه البيروقراطية ما سمّي بالحوار الوطني والذي أدّى بعد اسقاط حكومة الترويكا إلى تحالف شبه معلن مع نداء تونس تطور إلى تبني صريح لما سمي بوثيقة قرطاج وإلى مشاركة أيضا غير رسمية لبعض رموز هذه البيروقراطية في حكومة الشاهد وفي بعض المناصب السياسية ـ قناصل ولاة معتمدين مديرين عامين ..إلخ ـ
البيروقراطية النقابية تتبنى اليوم بالكامل الرؤية التي تعتبرأن لها دورا سياسيا يجب أن تلعبه وصرنا نسمع وعلى المكشوف تصريحات لبعض أعضاء المكتب البيروقراطي المركزي تعلن صراحة عن تمسكها بهذا الدور السياسي وعن التزامها به وهو ما يؤكد أن المشاركة السياسة صارت أحد استراتيجيات هذه البيروقراطية وهو أمر طالما سكتت عنه في السابق وتجنبت الخوض فيه مكتفية بدور الحارس الذي يرتب لها من قبل الحكم.
الطبقة البرجوازية المحلية والبيروقراطيات الحزبية المرتبطة بها وخصوصا الحزبان الكبيران اللذان يشكلان الحكومة كما القوى الاستعمارية و البنوك العالمية المانحة تعلم بهذا الدور الجديد الذي أصبحت تعمل البيروقراطية النقابية من أجله لذلك هي لا ترفضه ولكنها تفعل على تأجيله أكثر ما يمكن إلى حين يتأكد حضور رجل المطافئ بدمه ولحمه لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
البيروقراطية النقابية بدورها تعلم جيدا كل هذا وتجهد نفسها للظهور غير مستعجلة للعب هذا الدور الآن وبالمكشوف فيكفيها ترتيب البيت الداخلي وسد كل منافذ الاختراق وانتظار الفرصة الملائمة التي ستفتحها استحقاقات العام 2019 السياسية وهو ما تترجمه طبيعة القائمات الفائزة في تجديد هياكل الاتحاد سواء منها التنفيذية الجهوية أو التنفيذية القطاعية.
يكفي أن يحوز نداء تونس على أغلبية مريحة في انتخابات 2019 ضد حزب النهضة حتى تحين الفرصة لحكومة ائتلافية يكون فيها للبيروقراطية النقابية مناب كبير.
هذا هو شرط إزاحة النهضة عن الحكم وهو شرط ليس غائبا عن كتلة كبيرة من أصحاب النفوذ الاقتصادي المتناقضة مصالحهم مع مصالح الكتلة التي تدعم حزب النهضة وكذلك عن نداء تونس وطيف واسع من اللبراليين الديمقراطيين وعن بيروقراطية الاتحاد العام التونسي للشغل.
الجبهة الشعبية وحدها المحكوم عليها بالموت سياسا بعد 2019 إنها عاجزة عن التجذر في اتجاه الحركة الثورية وعاجزة أكثرعن بناء تحالف اليسار اللبرالي والبيروقراطية نقابية.
ـــــــــــــــــــــ
بشير الحامدي
28 جانفي 2018