هل يمكن الحديث عن نقابات يسارية، وأخرى يمينية، وأخرى لا يمينية، ولا يسارية؟.....17


محمد الحنفي
2018 / 1 / 15 - 18:18     

تقرير الأصلح للمسؤولية بيد القواعد النقابية لا بيد القيادة:.....2

6 ـ عدم التفاعل مع الحركة الديمقراطية على المستوى الوطني، وخاصة، إذا كان ذلك بدون علم القيادة النقابية، التي تحرص على الابتعاد ما أمكن عن الحركة الديمقراطية، حتى لا تبتلى النقابة بالديمقراطية، وحتى لا تساهم في النضال من أجل تحقيق الديمقراطية، ومن أجل أن لا تنبه قواعدها إلى ضرورة دمقرطة النقابة، والعمل النقابي، وحتى لا تضطر إلى تحويل النقابة إلى إطار للتربية على الديمقراطية، بمضامينها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، ومن أجل أن تبقى النقابة، والعمل النقابي، في خدمة الأهداف التي تسعى القيادة النقابية إلى تحقيقها، لا في خدمة مصالح، وأهداف العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، بل في خدمة مصالحها هي.

وعدم التفاعل مع الحركة الديمقراطية، يهدف، بالأساس، إلى ضرب الحصار على النقابة والعمل النقابي، وإلى جعل العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، بعيدين عن الاحتكاك بالحركة الديمقراطية، حتى يحافظوا على بلادتهم، وغبائهم، ولا يدركون ما يجري في الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، حتى يصير، كل ذلك، في مصلحة الطبقة الحاكمة وفي مصلحة أرباب العمل، الذين يمارسون الاستغلال الهمجي على الكادحين، ومن أجل أن تقوم الطبقة الحاكمة، وأرباب العمل، بإغداق العطاء السخي على القيادات النقابية، محليا، وإقليميا، وجهويا، ووطنيا، وبدون محاسبتها على أوجه الصرف، مهما كانت غير مشروعة.

وهكذا، نجد أن الوفاء للقيادات النقابية، مهما كانت الشروط، والانضباط لقراراتها، وعدم القيام بأي ممارسة نقابية مخالفة لما تراه القيادة، وعدم الأخذ برأي القواعد النقابية، وعدم اعتبار النقابة مدرسة للتربية على الديمقراطية، وعدم التفاعل مع الحركة الديمقراطية، هي أهم المعايير التي تستمدها القيادة النقابية البيروقراطية، أو التابعة، أو الحزبية، التي أو التي تعتبر النقابة إطارا للإعداد، والاستعداد لتأسيس حزب معين، من واقع النقابة، والعمل النقابي.

وما تنشغل به هذه القيادات، هو اختيار المسؤولين عن الفروع، والأقاليم، والجهات، حتى لا تنفلت النقابة من قبضة القيادة النقابية، مهما كان نوعها، ووجه بيروقراطيتها. فالقيادة التي تعتبر متحكمة في النقابة، وفيما تنتجه من عمل نقابي، وفي تفعيل ذلك العمل على أرض الواقع، بما يتناسب مع الأهداف المسطرة في فكر، وفي ممارسة القيادة النقابية البيروقراطية، أو من في حكمها من قيادات نقابية أخرى.

ومعلوم أنه في النقابة البيروقراطية، أو التابعة، أو الحزبية، أو الإطار للإعداد، والاستعداد لتأسيس حزب معين، فإن من يقرر الأصلح للمسؤولية، ليس هم المنتمون إلى النقابة، وليس هن المنتميات إلى النقابة، المعنيون، والمعنيات بالنقابة، وبالعمل النقابي، بل من يقرر الأصلح للنقابة، هو القيادة النقابية، المتحكمة في كل مفاصل النقابة، والعمل النقابي، التي تحدد، بناء على المقاييس المذكورة، في من يتحمل مسؤولية الفروع، ومن يتحمل مسؤولية الإقليم، ومن يتحمل مسؤولية الجهة، حتى لا تفرز القواعد النقابية، من ينتج ممارسة نقابية، لا ترضى عنها القيادة النقابية، أو لا ترغب فيها، لكونها لا تخدم مصلحتها، ومصلحة الطبقة الحاكمة، ومصلحة أرباب العمل.

وانطلاقا من كون القواعد النقابية، في معظم النقابات، لا رأي لها، في فرز المسؤولين عن الفروع، والأقاليم، والجهات، في اعتماد أشخاص معينين، كمخاطبين في الفروع، والأقاليم، والجهات، لا يمكن اعتباره إلا ريعا نقابيا، توزعه القيادة النقابية على عملائها، كما توزع التفرغ النقابي، الذي لا يمكن اعتباره، كذلك، إلا ريعا نقابيا، كما يمكن اعتبار لجوء المتفرغين إلى تغيير الإطار الذي ينتمون إليه، ريعا نقابيا أيضا، أي أننا نجد أن القيادات النقابية، أو معظمها، توزع الريع على عملائها، وبدون تحديد لمدة الولاية، أو وحدة التفرغ، وبدون الخضوع لقوانين تغيير الإطار، حتى ينصاع المسؤولون النقابيون، لإرادة القيادة النقابية، ويعملون على الالتزام بإرادتها، على أرض الواقع النقابي، ودون إيلاء أي اعتبار لإرادة القواعد النقابية، التي قد تتنافى مع إرادة القيادة النقابية.

وتبعا لأشكال الريع النقابي، المقدمة إلى عملاء القيادة النقابية، فإن هذه القيادة، تدوس كل القوانين التنظيمية، لتسلم قسطا من أقساط أموال النقابة، في كل مناسبة، تكون فيها انتخابات اللجان الثنائية، والتي لا تعرف طريقها إلى المكتب المحلي، أو الإقليمي، أو الجهوي للنقابة، ولا تحسب من أموال النقابة، على مستوى الفرع، أو الإقليم، أو الجهة، ولا يحاسب عليها متسلموها أمام تنظيماتهم المحلية، أو الإقليمية، أو الجهوية، ولا أمام القيادة الوطنية، مما يجعل المقادير المسلمة لعملاء القيادة النقابية، بمثابة ريع نقابي، لا يوازيه إلا الريع المخزني، الذي يقدم كامتياز لعملاء المخزن. وإلا، فلماذا لا تسلم تلك الأقساط إلى التنظيم، في شخص المسؤول عن مالية المنظمة، على المستوى المحلي، أو الإقليمي، أو الجهوي، الذي يقدم تقريرا مسؤولا عن مالية المنظمة، في كل محطة تنظيمية، يبين فيه المداخيل، ومصادرها، والمصاريف، وأوجه الصرف، حتى لا يتم التلاعب بالمنظمة النقابية، وبأموالها التي تتحول إلى أموال سائبة، في يد القيادة، وعملائها، وخارج الخضوع للضوابط التنظيمية، التي تسطرها النقابات، في مؤتمراتها التنظيمية.

ولكن عندما تسود الممارسة البيروقراطية، أو التبعية، أو الحزبية، أو النقابة الإطار للإعداد، والاستعداد لتأسيس حزب معين، فإنه يصير كل شيء ممكنا، نظرا للفساد النقابي، المنتج للريع النقابي، الذي صار متفشيا في معظم النقابات، إن لم نقل كل النقابات، التي يقودها العملاء إلى مجال الاستثمار، عن طريق التمتع بالعديد من الامتيازات النقابية، التي يتحول فيها الرأسمال المعنوي، إلى رأسمال مادي، تتحقق فيه تطلعات عملاء القيادة النقابية، بدل تحقيق طموحات العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

ولا ندري إن كان العملاء يقدمون تقريرا ماديا، عن المبالغ التي تسلموها من القيادة النقابية، أمام التنظيم المحلي، أو الإقليمي، أو الجهوي، أو أمام القيادة النقابية، أم أن عملاء القيادة النقابية، لا يحاسبون عن الأموال التي سلمت لهم، ولا يسألون عن أوجه صرفها، ما دام تسليمها لهم خارج الأطر التنظيمية، التي لم تعد تعتبر في مثل هذه الحالة، لأن الغاية، هي شراء العملاء، وتوجيههم، وجعلهم يسعون إلى تحقيق تطلعاتهم الطبقية، باعتبارهم حاملين لعقلية البورجوازية الصغرى، المريضة بتحقيق التطلعات الطبقية، والساعية، باستمرار، إلى تحقيقها، ولو على حساب العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.