مهمة تسليح العمال المنظم


عادل احمد
2017 / 12 / 10 - 19:45     

ان النظام الراسمالي العالمي يحاول ان يجعل صراعاته تطغي على المجتمع البشري، وان يجعل من عالمنا عالم السيطرة والنفوذ والربح وتراكم الثروة بيد قلة من الطفيلين، وجعل نظام العبودية واقعا على المجتمع البشري بالقوة وعن طريق العنف والعسكرتارية في الوقت الراهن. ان الصراع عن طريق نشر الأرهاب واستخدام الاسلحة الفتاكة لتدمر العالم من اجل تحقيق اهدافهم هي السمة المميزة للنظام الراسمالي العالمي الحالي. ان فقط ميزانية تصنيع الاسلحة وتشكيل الجيوش وخدماتها في بعض الدول مثل امريكا وروسيا وبريطانيا وفرنسا لعشر سنوات، تكفي لسد حاجات ومتطلبات المعيشة للناس البسطاء لقرن من الزمن.. وان قتل مئات الالاف من البشر سنويا في انحاء العالم نتيجة لهذه الصراعات الدموية هي من اجل بقاء وادامة النظام الرأسمالي وأستمرار عبوديته لعموم للمجتمعات.
ان منطقة الشرق الاوسط هي المحور الرئيسي في هذا الصراع وتأتي بعدها بدرجات أقل منطقة شرق اسيا وحول بحر الصين الجنوبي وشبه الجزيرة الكورية، وكذلك في افريقيا وامريكا اللاتينية وخاصة فنزويلا والبرازيل.. ان سياسة الكونترا والمليشيات المسلحة وتدفق الاسلحة الى ميدان هذه الصراعات وانشاء فرق وكتل وجماعات مسلحة متنوعة طائفية وقومية واثنية ودينية متخلفة ورجعية، واطلاق اياديهم لقتل الناس العزل والابرياء وقتل الاطفال بدم بارد، من اجل خلق مناخ من الرعب والارهاب بين الناس والبحث عن مصالحهم داخل هذه الصراعات لبسط النفوذ والهيمنة السياسية والاقتصادية في هذه المناطق، والتي ضحاياه في الاول والاخير هم من ابناء الطبقة العاملة والجماهير الكادحة. ان سياسة انشاء الكونترا والجماعات المسلحة المتنوعة لمحاربة بعضهم البعض هي سياسة جديدة تنتهجها الدول الراسمالية الكبرى من اجل تنافسها وايجاد موطيء قدم لها في كل من هذه المناطق. اصبح العالم جراء هذه السياسات غير مستقر وغير امن ومليء بالتوترات ويتجه نحو النفق المظلم غير المعلوم والخطير ايضا. وان سباق التسليح وتجربته وتدفقه الى مناطق تنافسهم هي سياسة خطرة وتصبغ مجتمعات هذه المناطق ومعيشتهم بصبغة العسكرتارية وسياسة الكونترا والجماعات المسلحة القاتلة، وتصبح سياسة عامة في هذه المجتمعات. ان الصراع الطبقي والاصلي ضمن هذه السياسة سوف يختفي ظاهريا ويقع تحت تاثير العسكرتارية وقتالها الرجعي.
ان هذا الجانب من السياسة المظلمة والرجعية للبرجوازية لا يمكن مواجهته بطرق النضال الطبقي التقليدية لوحدها، اي الاحتججات وتظاهرات العمال والطبقات المحرومة، وانما يجب اضافة عوامل اخرى مثل التي اضافته الطبقة البرجوازية في تنافسها وهو التسليح والمظاهر العسكرتارية. ان نضال الطبقة العاملة والجماهير الكادحة فرض عليه هذا العامل العسكري اذا ارادت مواجهة البرجوازية والراسمالية. ان فقط العمال والكادحين المنظمين جماهيريا وحزبيا وعسكريا بأمكانهم المواجهة وقلب الاوضاع لصالحهم، والا يواجهون القمع الدموي واخفاق المواجهة مع الكونترا المسلحة والمليشيات المأجورة. ان الجانب التسليحي للعمال المنظمين هو العامل الحاسم لمواجهة البرجوازية المسلحة. اني هنا اتطرق الى الجانب المسلح بمعناها المنظم، اي بجانب تنظيم العمال في المنظمات الجماهيرية المختلفة وبجانب تنظيمهم في الحزب السياسي، سيكون التنظيم العسكري واقع مفروض عليهم لان الظروف الحالية والسياسة الحالية للطبقة البرجوازية العالمية والمحلية هي خلق المناخ العسكري والتسلحي. وان اضافة هذا العامل الى نضالنا ليس تغييرا في استراتيجية نضالنا الطبقي، وانما هو تاكتيك ثوري فرض على النضال العمالي في هذه المناطق من الصراعات. ان العمال والكادحين المسلحين بأمكانهم مواجهة الجماعات المسلحة من جهة وكذلك حماية العمال وتنظيماتهم من مهاجمة هذه الكونترا المسلحة الرجعية، والوقوف بوجه فرض الوحشية والبربرية على الجماهير.
ربما يسأل احدا بأن هذه السياسة قد تشبه سياسة حرب العصابات التي انتهجها اليساريون في امريكا اللاتينية في اواسط القرن الماضي، ولكن ما اقصده هنا مختلف مع حرب العصابات اليسارية. ان اليسار اللاتيني اهتم بحرب العصابات كستراتيجية من اجل وصول طبقة المثقفيين اليساريين الى السلطة، ولكن ما اقصده هو النضال وصراع الطبقة العاملة لبناء الاشتراكية والغاء الملكية الخاصة والعمل المأجور، لكن فرض على الطبقة العاملة في هذه المناطق هذا التاكتيك الثوري والا ستواجه الفشل والقمع بأستمرار. اني اقصد بهذه السياسة تحديدا في الوقت الحاضر في العراق وكوردستان والتي هي موضوعنا الحالي. العمال المنظمين حزبيا وجماهيريا ومسلحين جيدا بالماركسية وكذلك تسليحا عسكريا في تنظيمهم العسكري في المجالس بجانب نضالها الطبقي اليومي، برأي هي السياسة الصحيحة في الوقت الراهن. لا يمكن مواجهة البرجوازية في كل الاحوال بالطريقة الكلاسيكية في كل مكان، ربما في الدول الغربية الحالية لا تحتاج الطبقة العاملة ان تنتهج جانب التنظيم العسكري تاكتيكا، لان الاوضاع مستقرة نسبيا وان النضال العمالي وقدرته لشل سياسة البرجوازية لاتزال في مكانها، وان الاعتصامات والاحتجاجات العمالية في الغرب لا تزال سلاحا فعال من اجل مواجه السياسات البرجوازية. الاوضاع تختلف في الاماكن التي اشرنا اليها، كما وأن وسياسة البرجوازية تختلف واساليب المواجهة مختلفة، ولهذا يتطلب من الحزب الماركسي ان يفكر بجدية بهذا الجانب من اجل المواجهة وحماية حركته السياسية. اصبح الجانب العسكري مهمة لابد منها من اجل النهوض والمواجهة وأخذ المبادرة في هذه الصراعات الدموية في المنطقة.