أضراب عمال المحلة


خالد محمد جوشن
2017 / 9 / 4 - 07:03     

يكشف اضراب عمال المحلة عن خلل عميق فى معالجة الدولة لمشاكل القطاع العام فى مصر ، هذا القطاع الذى كان عماد التنمية فى مصر فى مرحلة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر تم بيع معظمة فى اطار الخصخصة بعقود احترافية فى الفساد فى مرحلة حكم مبارك ،وبتعليمات مباشرة من امريكا
وقد ترتب على هذا البيع تشريد الالاف من العمال فى الشوارع مقابل مكافات هزيلة ، وتم ارغام العاملين على بيع حصصهم فى هذه الشركات والتى كانت احدى مكاسب ثورة يوليو للعمال بالتهديد تارة وبالترغيب تارة اخرى
رغم ان البيع كان تحت لافتة وقف نزيف الخسائر واعادة ضخ الاموال فى هذه القطاعات ، وهو هدف مشروع لاشك فيه
الا ان العكس هو ما حدث تماما حيث لم تتضمن هذه العقود الفاسدة استمرار العمالة والحفاظ على حقوقها او ضخ اسثمارات مالية بهذه الشركات والمصانع وتطويرها
بل لقد قام الملاك الجدد بتفكيك المصانع وبيعها خردة ، و قامو بانشاء شركات لتقسيم الاراضى المقام عليها هذه المصانع والشركات ومعظمها فى اماكن راقية لانشاء عمارات سكنية ومولات تجارية
ولعل البيع الفاسد للشركة العربية لحليج الاقطان مثال صارخ على هذا العبث حيث تم شراء الشركة واراضيها بمحالجها وماعليها من مبانى بالسعر الدفترى وبحساب التدفقات النقدية دون اى معايير للابقاء عليها او تطويرها وضخ استثمارات بها او الحفاظ على حقوق العمال
وثمن اجمالى البيع لايساوى ثمن محلح واحد باراضية ومعداته من محالجها الاثنى عشر الموزعة على محافظات الجمهورية ، زفتى وكفر الشيخ ودسوق وغيرها واغلبها على النيل مباشرة ،
وتم اغلاق معظم هذه المحالج وانشاء شركة موازية للاستثمار العقارى لبيع وتقسيم اراضى الشركة وبنائها مولات وعمارات سكنية فاخرة من خلال مطوريين عقاريين

وكنت اتصور ان شركة المحلة وهى قلعة الصناعة فى مصر ستتفادى هذه الكارثة التى حلت بالقطاع العام فى مصر عن سبق تصميم وترصد وتتبنى من خلال نقابتها القوية سبل اصلاح حقيقية لوقف نزيف الخسائر الذى تتعرض له هذه الشركة العملاقة ، والذى هو تكأة لعدم اعطاء العمال حقوقهم التى تكفيهم للعيش الكريم وتصفية الشركة وبيع مقدراتها
ان الخلل فى شركة المحلة فى تصورى وفى ضوء غياب المعلومات يكمن فى الاتى
انهيار منظومة التحديث والتطوير والتدريب فى الشركة مما ادى الى استخدامهم نفس الاساليب القديمة فى الانتاج الذى لايلقى سوقا رائجة فى السوق الاجنبى والمحلى
غياب الشفافية فى منظومة الادارة مما ادى الى استحواذ الادارة العليا على الالاف من الجنيهات شهريا دون اعتبار الى اوضاع الشركة الخاسرة
تكدس بضاعة راكدة فى المخازن تقدر بملايين الجنيهات دون تصريف ولو بالتكلفة الفعلية
ان الاصلاح الفعلى لشركة المحلة لن يقوم الا على اكتاف العمال وهم بالالاف وهذا مصيرهم ومصير اولادهم
وعلى الدولة اذا كانت جادة فى حل هذه المأساة ان تسعى الى طرح شركة المحلة الى البيع ويكون للعمال نصيب الاسد فيها
ومن خلال منظومة متكاملة بين الادارة والملاك الجدد وهم العمال يمكن ان تنطلق شركة المحلة الى العالمية الى التطوير والتجديد سواء فى البشر او فى منظومة الادارة واعتماد اساليب ، ولابأس من الاستفادة من دول حديثة العهد مثل بنجلادش والتى اصبحت مهدا لماركات عالمية فى مجال المنسوجات وصناعة الملابس والمفروشات
العمال بشبابهم وشيوخهم وطاقتهم الجبارة فى المحلة الكبرى وغيرها هم الامل فى نهضة الصناعة فى مصر ، ولاامل فى رجال الاعمال الباحثين عن الثراء السريع من خلال بناء المنتجعات وتقسيم الاراضى ، والكاومبوندات المغلقة باسوارها العالية
على الدولة المصرية من خلال ارادة سياسية ان تسعى بجدية هى وعمالها على الابقاء على شركة المحلة صرحا وطنيا، لانه لايمكن تصور مصر بدون شركة المحلة، كما لايمكن تصور ايطاليا بدون شركة فيات ، او المانيا بدون شركة مرسيدس