الاول من آيار لاستنهاض الهمم وحماية العمال


سلامه ابو زعيتر
2017 / 5 / 3 - 09:36     


الاول من مايو في كل عام تتكرر وتتشابه طقوس الاحتفالات بعيد العمال العالمي التي تقوم بها القيادات النقابية التي تعتلي عروش العمل النقابي، الجميع يعكف لإحياء تلك المناسبة الاممية التي تجسدت بتضحيات العمال ودمائهم التي سالت وامتزجت بعرقهم لتعلو أصواتهم ضد الظلم وكل أشكال الاستبداد والاستعباد الذي انتجه النظام الرأسمالي وأدواته التسلطية علي العمال، وبرغم ما حققت نضالات العمال خلال القرن الماضي الان هذا القرن اعاد اشكال جديدة لاستغلال العمال في ظل البطالة المستشرية والفقر المدقع والغلاء الفاحش بالأسعار وجشع التجار والمشغلين، وكأن هذه الشريحة في المجتمعات هي جسور لأي استغلال، فمن خلالها تتعاظم ارباح المشغلين وتزيد منافعهم على حساب قوت وجهد العمال الذين ينالوا القليل من الاجور التي بالكاد تغطي الاحتياجات الاساسية لهم ولأسرهم الفقيرة ، يستمر مسلسل قهر العمال والحرمان كل لحظة وكأنه مقدر لهم ذلك ومطلوب منهم الصمت وإلا الطرد من العمل، في ظل عجز قانون" العرض والطلب "، فنسبة العمال العاطلين عن العمل كبيرة والخريجين كل عام يزيدون على ذلك ؛ في ظل غياب خطط تنموية وإجراءات تطويرية على سوق العمل مما يزيد نسبة العجز ويعقدها اكثر، وهذا كله يؤثر على الواقع العمالي وظروفهم ، امام استغلال المشغلين لتلك الظاهرة، ومساومة العمال على الاجور والحقوق امام استمرار توفير فرصة العمل او استيعاب عمالة جديدة، في ظل غياب الرقابة والتفتيش، وهذا الحال نعيشه كل لحظة في فلسطين، فرص عمل قليلة وطلب على العمل كثير وضمائر تضعف امام استغلال الواقع من قبل المشغلين، وهذا ينتج الصمت من ناحية، ومن ناحية اخري غياب الفعل الحقيقي للاجسام النقابية يزيد الامر سوء، فمن منطلق الحرص نرى ان هذا الواقع يحتاج لأفكار ابداعية ونضالات عمالية منظمة ومدروسة لتحقيق ادنى الحقوق والتطلعات العمالية وصولا لاستقرار وامن وظيفي بالعمل؛ مما ينعكس طبيعيا على عملية التنمية، ويساهم في تطوير الاقتصاد الوطني ويخلق نوع من التعاضد والحماية لكل مكونات المجتمع - واتقاء الشر -، فالعمال ان لم يكن اهتمام جدي بقضاياهم وهمومهم سيؤدي ذلك حتما لحالة من الضغط التي ستنتهي بانفجار ضخم لن تستوعبه الحالة التي تمر بها المجتمعات خاصة في ظل الثورات العربية وحالات التحرر التي يقودها الشباب والفئات المهمشة والمظلومة، ومن واقع المسئولية نري ضرورة لوضع خطط منظمة للنهوض بواقع العمال بشكل تنموي، ففي ظل البحث ضمن سياسات كل دولة وحكومة عن تنمية مجتمعية واقتصادية فعالة وايجابية يجب تذكر العمال، فلن تحدث التنمية بعيدا عنهم، فهم يشكلون السواد الاعظم من أي مجتمع وهم قوة العمل الاولي فيه، فتطوير العمال ضمن برامج التنمية البشرية واستهدافهم بشكل مدروس، بحيث يتم تمكينهم مهنيا ومعرفيا وتطوير ثقافتهم عبر مناهج عمالية ودورات تدريبية وورشات عمل وندوات تناقش معهم السياسات العمالية والوطنية، وغيرها من البرامج التعليمية التي حتما ستلعب دورا فعالا في احداث تغيير ايجابي لدي العمال؛ مما ينعكس طبعا على المجتمع والاقتصاد ، كما تحتاج هذه العملية الي تنظيم نقابي موحد وحملات ضغط منظمة تتبني قضايا ومشاكل عمالية حقيقية للضغط على صناع القرار لإيجاد الحلول فلا يجوز تجاهل قضايا العمال ونحن نناقش قضايا اجتماعية او اقتصادية ، او سياسية ، فالعمال عنصر أساسي في أي مواجهة لأي ظاهرة مجتمعية ، كما نحتاج لفهم واقع العمال جيدا فتلمس مشكلهم وتحليل ظروفهم يساعد بشكل كبير للتخطيط ورسم السياسات ولكي نصل لذلك نحتاج التالي :
- تنظيم نقابي عمالي حر ومستقل وديمقراطي وتقدمي له بعده الجماهيري ، ولتحقيق ذلك نحتاج لنبذ كل اشكال التفرقة النقابية والشرذمة التي بات العمال يدفعون ثمنها؛ امام صراع المصالح بين قيادات نقابية هنا او هناك، وهنا يجب الدعوة لحوار نقابي على اساس وحدة الهدف والتمثيل .
- انهاء حالة الانقسام الفلسطيني بين شطري الوطن، فانعكاسات هذا الانقسام المقيت يدفع ثمنه الفئات المهمشة والفقيرة وخاصة العمال في ظل التناحر وغياب الخطط التنموية والرعاية الاجتماعية والحماية من الاستغلال، فقد تضيع الحقوق امام الاولويات التي فرضت نفسها على المجتمع الفلسطيني مثل مواجهة الاحتلال والمصالحة الوطنية، والتي تغيب كل فترة لتتجدد مع امل بإنهاء الانقسام ، والانتباه فعليا لقضايا اجتماعية واقتصادية من اهمها العمال الذين فقدوا الكثير لغياب الاهتمام بهم وبمشاكلهم وبحقوقهم، وعلى سبيل المثال: ما حدث من سياسات الاحتلال عندما جردت عمال قطاع غزة من حقوقهم بحجة تعاملها سياسيا باعتبار محافظات غزة كيان معادي، والكثير مثل ذلك من مشاكل الخريجين والعمال الذين عملوا بالمستوطنات والخط الاخضر، والعمال الذين يموتون بالأنفاق او يتعرضوا لإصابات عمل وعجز لغياب السلامة المهنية والرقابة والتفتيش على بيئة العمل ...الخ .
- وجود حكومة فلسطينية واحدة تتحمل مسؤولياتها الاخلاقية والمهنية اتجاه الاقتصاد الوطني وسياسات التشغيل والحماية الاجتماعية لخلق حالة من الحوار الاجتماعي الجدي المبني على حالة من التوازن بين اطراف الانتاج وقواه الفعلية لا التضامن لحساب الطرف الاقوى وهم المشغلين، فمشاركة العمال بصناعة مستقبلهم وفي رسم السياسات العمالية له اثره الايجابي والفعال على العمليات التنموية .
- ضرورة العمل على وضع استراتيجية وطنية لخلق فرص عمل للعمال تحت مظلة وطنية وتوحيد الجهود والبرامج، وانشاء قاعدة بيانات موحدة لحصر العاطلين عن العمل، ووضع الخطط المنهجية للتدخل وتخفيف معاناة العمال و الخريجين
- عمل حالة من التشبيك والعلاقات بين المؤسسات النقابية العمالية و مؤسسات المجتمع المدني التي تتقاطع اهدافها مع اهداف الحركات العمالية ، بهدف تشكيل جبهة عمل للضغط لصالح قضايا ومطالب العمال التي تهمل وتترك معلقة بدون أي مبرر والسبب ضعف قوى التأثير والضغط على صناع القرار والمسئولين .
- ضرورة ايجاد اليات لتعزيز العلاقات الدولية والعربية مع قوى الحركات النقابية والاتحادات العمالية لتوحيد الجهود في ظل المتغيرات السريعة والتي تحتاج لتكاتف وتوحد تحت شعار يا عمال العالم اتحدو لنيل الحقوق كما وندعو كافة النقابات والعمالية والمؤسسات النقابية للعمل الجدي والفعال لحماية مصالح العمال ودعم تطلعاتهم في توفير واقع أفضل يحفظ كرامتهم وإنسانيتهم، كما وندعو العمال للمشاركة في الفعاليات العمالية والاحتفالات لإحياء هذه المناسبة ورفع صوتهم عاليا لتحقيق مصالحهم ومطالبهم النقابية .
الكثير من الافكار التي قد تساهم في تغيير الواقع العمالي، وتنهض به في ميادين المواجهة مع المستغلين والمستبدين ، فتضامن العمال وتوحدهم وتحديد اولوياتهم في المرحلة القادمة يؤسس لكيان نقابي عمالي قوي يستطيع ان يعبر عن هٌموم العمال بشكل حقيقي ، فيكفي تقزيم لحجم المشكلة وتنكر لها ، فاليوم وكل عمال العالم يستعدون لإحياء مناسبتهم العمالية عيد العمال ، تعلو الاصوات لإنهاء اشكال الظلم ، ومواجهة كل اشكال الاستعباد والاستغلال ، وضرورة توفير بيئة عمل مناسبة للعمال وعمل لائق ، ورعاية اجتماعية و صحية وتعليمية ، وإغاثة العمال المعطلين عن العمل رغم استعدادهم ومقدرتهم على العمل ، وتأسيس لواقع تسوده العدالة الاجتماعية والتكافل، فما يحدث من حالات على أرض الواقع فيما يتعلق بالتشغيل أو تقديم المساعدات حسب الانتماء السياسي والولاء والبراء للجماعات، شيء مخزي ومؤسف في هذا العصر الذي تتشردق فيه الخطابات عن التضامن والتحرر من النظم الفاسدة التي الت بسببهم الاوضاع في المنطقة العربية لما هي عليه الان ، فالدعوة الموجهة لكل من يستطيع ان يلعب دور اتجاه قضايا العمال ومشاكلهم ان يقوم بذلك مؤمنا بقضيتهم لا ان يجدد شكل اخر للاستغلال ، فقد ضاق الحال بالعمال ولن يرحموا قاتلهم او مرتكب الجريمة بحقهم او من يساهم بذلك ....
عاش الاول من ايار منبرا لتعلو فيه صوت العمال
كل عام وعمالنا بخير