الشيوعية العمالية ومهمة هذه المرحلة!


عادل احمد
2017 / 2 / 27 - 23:10     

على الشيوعية العمالية الاجابة على متطلبات عصرها، وعليها ان تتمكن من التعرف على خصوصيات كل مرحلة من مراحل النضال الطبقي، وما يمكن فعله لتقدم النضال الطبقي خطوة الى الامام لصالح تحرر الطبقة العاملة. لا تستحق أن نسميها بالشيوعية اذا لم تقوم بمهام المرحلة والاجابة على جميع التحديات والعوائق التي تواجهها. ان لدى الحركة الشيوعية دائما حل لجميع المعضلات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في المجتمع، مع الاخذ بعين الاعتبار تناسب القوة ودرجة الاستعداد السياسي والنظري.
اوضاع الطبقة العاملة العالمية في الوقت الحاضر تمر بمرحلة صعبة للغاية وبمنتهى الخطورة لعدة اسباب ومن اهمها اولا، النظام الرأسمالي العالمي يمر بأزمة اقتصادية وسياسية حادة منذ قرابة العقد من الزمن وتتعمق الازمة يوما بعد يوم، وتشدد الخناق على الطبقة العاملة ومكتسباتها يوميا وبأستمرار. جعلت البرجوازية من هذه الازمة هجوما سياسيا على نضال الطبقة العاملة عن طريق احياء الحركات الرجعية مثل احياء الحركات الفاشية والعنصرية، ورش الزيت على نار الحركات الارهابية وجعل المجتمعات غير مستقرة سياسيا واجتماعيا، أضافة الى صعود الحكومات اليمينية المتطرفة في امريكا واوروبا وبث الروح القومية مرة اخرى للديمقراطيات الغربية، وضعت الامم في خطر المواجهات الاثنية والقومية. والسبب الثاني يكمن في حال الطبقة العاملة العالمية وتنظيماتها والتي تراجعت كثيرا خلال السنوات الماضية. ان تراجع نضال الطبقة العاملة بالضد من النظام الرأسمالي العالمي وهجماته المستمرة، جعل من النضال الطبقي للطبقة العاملة في موقف دفاعي بحت وضعيف سياسيا، وهذا ادى الى تراجع كبير وتشرذم في صفوف الطبقة العاملة العالمية وتنظيماتها. ان المنظمات العمالية العملاقة مثل الاتحادات والنقابات العمالية فرض عليها طابع سياسي غير فعال، وابتعدت اكثر عن النضال السياسي المباشر.
ومن الناحية المحلية في العراق فأن النضال الطبقي يمر بمرحلة كارثية للغاية. حيث تفتت النسيج الاجتماعي والمدني للمجتمع، وتأزم السلطة السياسية البرجوازية بكل تلاوينها وتنوعها وجعل من العراق جحيما بالنسبة للطبقة العاملة والجماهير الكادحة والمحرومة. وان الصراع الدائر بين الاجنحة المختلفة للبرجوازية وحروبها وتوزيع ولائاتها السياسية للدول الاقليمية والعالمية وانخراطها في صراعاتهم، جعلت من العراق بلدا كارثيا ولا ينعم بالاستقرار والارتياح فيه الطبقات المحرومة. ان ازمة السلطة السياسية للبرجوازية العراقية والكردستانية اثرت بشكل كبير على نضال الطبقة العاملة والقوة التحررية والانسانية وعلى رؤيتها السياسية والنضالية. في العراق ليس الطبقة العاملة هي المتضرر الوحيد وانما شرائح كبيرة في المجتمع تشققت ووصلت اليها نار النزاعات الطائفية والقومية للبرجوازية المتشرذمة في العراق. وان اي حل سياسي في العراق عليه ان ياخذ بعين الاعتبار جميع معطيات النضال السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وتعيين وظائف كل مرحلة مع الطبقات المتضررة مع بقاء قيادتها تحت امرتها ومحاولة فرض الهيمنة السياسية والفكرية على متطالبات هذه المرحلة. في وضع كهذا لا يمكن للطبقة العاملة القيام بشيء بمفردها والاستغناء عن الشرائح المتضررة من هذه الاوضاع. وان اي حل سياسي يجب ان يؤدي الى جذب الطبقات المتضررة في تحسين الاوضاع والاجابة على متطلبات هذه الطبقات، ومن ثم الاستمرار لتحقيق متطلبات الطبقة العاملة العراقية النضالية واهدافها السياسية والاقتصادية.
ان الشيوعية العمالية في العراق عليها الاجابة على هذه المستلزمات النضالية والقيادية عن طريق استراتيجية سياسية محددة ورؤية فكرية وسياسية واضحة، لربط النضال الطبقي في الوقت الحاضر مع محاولة تحقيق اماني الطبقات والشرائح المتضررة في الاوضاع الحالية. ان مسألة الحل القومي للشعب الكردي يجب الاجابة عليه وايجاد الحل السياسي والواقعي له لخدمة العمال والكادحين والمحرومين في هذه المنطقة. ان الدفاع عن مدنية المجتمع واستقرار الدولة المدنية والعلمانية وايجاد الحل والبديل السياسي لها، وانخراط الجزء الاكبر من الحركة المدنية بالائتلاف مع الطبقة العاملة العراقية عن طريق كيان سياسي بقيادة الطبقة العاملة. ان استرجاع المدنية هو المطلب الاساسي في الوقت الحاضر لجميع الطبقات المتضررة ومن ضمنها الطبقة العاملة العراقية، وعلى الطبقة العاملة الامساك بقيادة هذه الحركة. وهناك ايضا شرائح وطبقات متضررة من النزاع الطائفي والديني في العراق. ان اي حل اذا طرح من قبل الشيوعية العمالية في العراق لانهاء الطائفية عليه الاخذ بعين الاعتبار جميع الفئات المتضررة من هذه السياسة، والاجابة على جزء كبير من مطالبهم السياسية والاجتماعية. ان الاستقلال السياسي للعراق وابعاده عن الصراعات السياسية بين الكتل الامبريالية العالمية والدول الاقليمية، يجب ان يأخذ الاجابة الواضحة والدقيقة والبعيدة عن الامتيازات الضيقة الافق التي تنتهجها التيارات البرجوازية جميعها الان في العراق. وهذا يتطلب الرؤية الاممية للشيوعية العمالية في المنطقة والعالم، والعمل الجاد لقطع يد الدول الاقلمية والعالمية عن تدخلها في العراق وفي اوضاعه. ان العمل مع الطبقة العاملة والحركات الانسانية والتحررية مع باقي الدول بأمكانه ان يعيد هذه الاستقلالية الى العراق سياسيا واجتماعيا.
ان كل هذه التدابير السياسية لنهوض الشيوعية العمالية والاجابة على متطلبات مرحلتنا هذه، تؤدي بالضرورة على جعل الشيوعية العمالية ان تكون قوة معتبرة سياسيا واجتماعيا لاخذ زمام الامور من اجل قيادة جميع الحركات التحررية والانسانية في المجتمع العراقي. ان اي قوة سياسية او اي حركة سياسية واجتماعية، اذا تمكنت من الاجابة على اكثرية المشاكل والمعضلات السياسية، بأمكانها ان تصبح قائدا ورائدا في المجتمع.