تصريح هيأة تحرير جريدة -أخبار عمالية- بخصوص الانتخابات التشريعية المغربية ليوم 07 أكتوبر 2016


هيأة تحرير جريدة -أخبار عمالية- - المغرب
2016 / 10 / 6 - 23:00     

تجري الانتخابات التشريعية المغربية ليوم 07 أكتوبر وسط احتقان عمالي وشعبي واسع نتيجة السياسات الحكومية اللاشعبية واللاجتماعية، حيث عملت الحكومة بشكل متسارع، وإذعانا منها لإملاءات المؤسسات المالية الدولية، على تمرير عدد من الإصلاحات التراجعية الماسة بالمكتسبات التاريخية للطبقة العاملة المغربية، من خلال تمرير الإصلاح المشؤوم لأنظمة التقاعد عبر وصفة الثالوث الملعون القائم على الرفع من سن التقاعد إلى 63 سنة والزيادة في مساهمات الموظفين بنسبة 4% وتخفيض المعاش عبر اعتماد نسبة 2 % بدل 2.5 % واحتساب معدل الأجر خلال الثمان سنوات الأخيرة بدل آخر أجرة كما كان معمولا به، ومرسوم التشغيل بالعقدة في الإدارات العمومية الذي يفكك الوظيفة العمومية ويكرس الهشاشة والمرونة داخل القطاع ويحرم آلاف المعطلين من حقهم في التوظيف، وتم تمرير المرسوم التكبيلي لحق الإضراب الذي يجرم ويكبل ويمنع الحق الأساسي في الإضراب، كما تم تفكيك الخدمات العمومية من صحة وتعليم، وخوصصة وتفويت العديد من المؤسسات التعليمية العمومية، وفتح مجال الاستثمار في القطاع الصحي أمام الخواص، وتم الاستمرار في سياسة خوصصة المؤسسات العمومية والقطاعات الاستراتيجية والسيادية كالموانئ والكهرباء والماء والمكتب الشريف للفوسفاط...
كما ساهمت السياسات الحكومية في ضرب القدرة الشرائية للطبقة العاملة وعموم الجماهير الشعبية عبر تفكيك صندوق المقاصة وتحرير الأسعار ورفع الدعم عن المواد الأساسية وقطاع المحروقات. و قد كان الشباب المغربي في مقدمة المكتوين بهذه السياسات اللاشعبية واللاجتماعية التي عمقت البطالة المعممة وسط الشباب من حاملي الشواهد والسواعد عبر القوانين المالية التقشفية التي قلصت جذريا مناصب الشغل، واستهدفت مكتسبات الطلبة وحقوقهم، وواصلت سياسة التعنيف و الاعتقالات و قمع كل الاحتجاجات الشبيبية و العمالية المناهضة للسياسات اللاشعبية.
بالموازاة مع ذلك عمقت الحكومة الارتهان للمؤسسات المالية الدولية وضرب السيادة الوطنية عبر المديونية الخارجية التي وصلت نسبا غير مسبوقة، و عبر الاستمرار في سياسات تصحير الاقتصاد الوطني ورهن الثروات الوطنية للشركات المتعددة الجنسيات عبر اتفاقيات الشراكة والتبادل الحر مع الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة الأمريكية.
كل هذه السياسات الحكومية المطبقة خلفت حنقا عماليا وشعبيا واسعا وتطلعا حقيقيا إلى سياسات اجتماعية حقيقية تقطع مع هذه السياسات التي خاضت ضدها الطبقة العاملة وعموم الجماهير الشعبية نضالات واسعة من إضرابات عامة ومسيرات وطنية ووقفات واعتصامات واحتجاجات غير مسبوقة أكدت على التوق العمالي والشعبي لوقف هذه السياسات اللاشعبية والتحرر من وصاية المؤسسات المالية الدولية.
في ظل هذه الشروط التي تجري فيها الانتخابات التشريعية وفي ظل التحديات المطروحة اليوم على الأمة المغربية نتيجة الضغوطات الخارجية والاستهداف المتنامي للوحدة والسيادة الوطنية، أليس النضال المستقل للطبقة العاملة ومنظماتها المستقلة هو الكفيل بتقديم إجابات حقيقية عن التطلعات المشروعة للعمال وعموم الجماهير الشعبية، وباستعادة الأدوار التاريخية في الدفاع عن وحدة وسيادة الأمة المغربية؟ أليست هذه التطلعات المشروعة هي البرنامج الحقيقي الذي ينبغي تطبيقه وتجسيده على أرض الواقع؟ وهل فعلا تستجيب اليوم البرامج الحزبية المقدمة في الانتخابات التشريعية إلى هذه التطلعات؟ وهل يمكن للطبقة العاملة تعليق الآمال على تغيير حقيقي في السياسات الحكومية في غياب تمثيلية سياسية للطبقة
العاملة تحمل برنامجا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا يجسد المطالب العمالية والانتظارات الشعبية؟ أليست الاستقلالية النقابية
اليوم هي التي على المحك في ظل توجه واضح نحو استهداف وضرب هذه الاستقلالية وهذا النضالي النقابي المستقل لأنه
يبقى العائق أمام التقدم في مسار تفكيك مكتسبات الطبقة العاملة التاريخية والإجهاز على حقوقها؟ أليس وجود منظمة نقابية تاريخية مستقلة بإرثها النضالي والتاريخي وبكفاحيتها الوطنية على أرضية الدفاع عن الوحدة والسيادة الوطنية وعن المكتسبات والحقوق العمالية يتعارض اليوم مع كل مخططات التفكيك وضرب الوحدة والسيادة الوطنية؟
لقد أبانت دروس الحركة العمالية على أن المطالب العمالية وكل تطلعات الطبقة العاملة نحو الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية لا يمكن فرضها إلا على أرضية النضال الطبقي المستقل القادر على إجبار الحكومات كيفما كان لونها السياسي على الرضوخ والاستجابة لهذه المطالب وعلى تغيير سياساتها المضادة لمصالح الطبقة العاملة، ومن النادر جدا في كل تاريخ الحركة العمالية أن تم الرهان على الانتخابات لتحقيق المطالب العمالية إلا في الحالات التي يتقدم فيها حزب عمالي حقيقي مستقل ببرنامج عمالي يستجيب لكل المطالب والتطلعات العمالية. فأين نحن اليوم من هكذا وضع، خصوصا في ظل غياب برامج عمالية حقيقية، وفي ظل برامج حزبية لا تجيب عن الانشغالات الحقيقية لأغلبية الأمة، وفي ظل تخلف هذه الأحزاب عن المساندة الفعلية للمعارك البطولية التي قادتها الحركة النقابية المغربية، وفي التعبئة لهذه المعارك في وقت كانت فيه الحركة النقابية في أمس الحاجة إلى هذا الدعم السياسي، بل وتوجهت نحو هذه الأحزاب من أجل بناء جبهة وطنية اجتماعية لمواجهة السياسات اللاشعبية واللاجتماعية لكنها لم تقابل بأية استجابة بالنظر إلى طبيعة هذه الأحزاب، ولعل التصويت على المشروع المشؤوم لأنظمة التقاعد يحمل الإجابات الواضحة في هذا الشأن، ويؤكد أن الطبقة العاملة المغربية كانت تصارع وحيدة، بل وبتواطؤ مكشوف من أحزاب سياسية.
لقد قرأنا في هيأة التحرير البرامج الانتخابية المقدمة من قبل الأحزاب السياسية المشاركة، ونرى من الضروري أن نطرح التساؤلات التالية : هل تقدم هذه البرامج إجابات عن انتظارات العمال والشباب؟ هل امتلكت الجرأة للإعلان عن إلغاء كل الاصلاحات التراجعية التي مررتها الحكومات المتعاقبة في المقاصة والتقاعد والوظيفة العمومية والإضراب...؟ هل تتضمن برامجها إجابات واضحة حول مطلب إقرار مفاوضات جماعية حقيقية مع المنظمات النقابية كفيلة بتحقيق مطالب العمال ووقف مسلسل التعسفات وانتهاك الحريات النقابية والتسريحات الجماعية للعمال؟ هل قدمت التزامات واقعية بتحصين الخدمات العمومية من صحة وتعليم ووقف مسلسل خوصصتها وتفويتها؟ هل التزمت بإعادة تأميم كل المؤسسات العمومية والشركات المخوصصة ووقف كل مشاريع خوصصة المؤسسات العمومية السيادية والاستراتيجية؟ ما موقفها من رهن السيادة الوطنية وثروات الأمة للمديونية الخارجية ولسداد فوائد وأصول هذه الديون؟ هل تنسجم برامجها مع انتظارات ومطالب الشباب المغربي التواق إلى سياسات اجتماعية تفتح لهم أفقا آخر غير أفق البطالة والارتماء في أحضان المخدرات وقوارب الموت والدعارة والإجرام...؟ هل تملك هذه البرامج إجابات عن توق الشباب المعطل إلى سياسات وطنية اجتماعية في ميدان التشغيل توفر مناصب شغل كافية لاستيعاب البطالة المعممة وسطهم؟ وهل..وهل..؟!
إن أكبر معركة يجب أن تعد لها الطبقة العاملة اليوم هي معركة مجابهة السياسات اللاشعبية واللاجتماعية للحكومات المتعاقبة على أرضية معارك طبقية وحدوية وازنة بغض النظر عن لونها السياسي أو عن هوية الأغلبية الحكومية التي ستفرزها انتخابات السابع من أكتوبر، بدل إعطاء الحكومة المقبلة شرعية تطبيق سياسات لن تختلف عن السياسات القائمة كما تؤكد كل المؤشرات، اللهم خلق أجواء الانتظارية وسط الطبقة العاملة.
إننا في هيأة تحرير جريدة "أخبار عمالية"، نؤمن بضرورة تحصين الاستقلالية الطبقية لمنظمات العمال عن الدولة وعن الحكومات وعن الباطرونا وعن الأحزاب السياسية، وهي المنظمات التي بنيت بنضال مرير لتكون إطارا وحدويا للنضال النقابي المستقل مفتوحا أمام كل العمال والعاملات بغض النظر عن انتماءاتهم أو ميولاتهم السياسية والمذهبية، وهي الاستقلالية التي تعني حرية الأعضاء في اختيار توجهاتهم السياسية بل حتى اختياراتهم الانتخابية بين المقاطعة أو المشاركة أو التصويت لهذا الحزب أو ذاك. ونؤمن كذلك بأن إحدى المعارك الأساسية اليوم هي توضيح الحقيقة كما هي وعدم تشويه وعي العمال ورهنهم لأجندات حزبية لا علاقة لها البتة بالانتظارات العمالية والشعبية الواسعة، وهي المعركة التي تتطلب فتح نقاش واسع وسط العمال والعاملات والنقابيين والنقابيات والشباب حول راهنية بناء تمثيلية سياسية حقيقية للطبقة العاملة، تكون جوابا حقيقيا عن هذه الانتظارات والتطلعات، وتساهم في الفرز السياسي الحقيقي الذي يمكن من إزاحة كل الأوهام وكل الضبابية السياسية التي خلقتها الوضعية السياسية اليوم.
إننا في هيأة تحرير الجريدة لا ندعي امتلاكنا للحقيقة المطلقة، لكنها دعوة صريحة لفتح النقاش في صفوف كل مناصري قضايا العمال والأمة من أجل إيجاد مخرج حقيقي في خدمة الطبقة العاملة والوطن.

عن هيأة التحرير