ورقة عمل: حول معوقات تطبيق قانون العمل الفلسطيني


سلامه ابو زعيتر
2016 / 8 / 23 - 23:31     

بسم الله الرحمن الرحيم
23/8/2016
ورقة عمل حول المعوقات لتطبيق قانون العمل الفلسطيني
مقدمة:
يعتبر قانون العمل هو الحد الادنى للحقوق العمالية.. وهو الذي ينظم علاقات العمل بين العمال وأصحاب العمل...ومعظم الدراسات المحلية والدولية التي جرت حول الموضوع أكدت أن هناك سوق السوداء للعمل في كل مكان، بحيث يتعمد المشغلين فيه تغييب القانون مبررين ذلك بالكثير من المبررات منها الأوضاع الاقتصادية والظروف الاجتماعية ...الخ، أما على مستوى الواقع الفلسطيني حسب الاحصائيات أن هناك أكثر من 80 % من المنشآت التشغيلية لا تلتزم بتطبيق القانون وأكثر من 85% تتعامل بعقد عمل شفهي وهذه الارقام تؤكد ضعف تطبيق قانون العمل، وهنا نري أن الإشكالية ليست بالقانون، ولكن تكمن بعدم تطبيقه فمنذ نشره باجريدة الرسمية في 25/11/2001 وبدأ سريانه من بتاريخ 25/12/2001، هناك معوقات وتحديات انعكست على عملية التنفيذ .
لقد تجسدت ثقافة لدى نسبة كبيرة من أصحاب العمل، وهي ثقافة تنكر القانون، بعدم تطبيقه أو الالتزام به في ظل غياب المطالبة والضغط لتطبيقه بشكل عملي من العمال او ممثليهم او من قبل الجهة التنفيذية ممثلا بوزارة العمل الفلسطينية. وهذا يعود لعدة أسباب في تصوري تتعلق بأطراف الإنتاج وغياب الحماية الاجتماعية للعمال ونلخص المعوقات بالتالي:
أولا : معوقات ترتبط بالظروف الاقتصادية والاجتماعية.
(قانون العرض والطلب.. نسبة البطالة والفقر)
ارتفاع نسبة البطالة حيث سجلت في محافظات غزة نسبة مرتفعة، بلغت نحو 42.7٪ في الربع الثالث، بينما بلغت نسبة البطالة في الضفة الغربية نحو 18.7٪، خلال نفس الفترة، وفق الإحصاء الفلسطيني، ونسبت الفقر في وسط المجتمع الفلسطيني تصل الي إلى 80% في ظل غياب خطة اقتصادية واجتماعية واضحة تسعى لتنمية مستدامة بفلسطين والمؤشرات تشير الى ارتفاع نسبة المستفيدين من المساعدات الاجتماعية 60 الف اسرة، وتصبح 160 ألف أسرة وهو مؤشر سيء لا يدل على هناك خطة لخفض نسبة البطالة والفقر.
وسُجلت أعلى معدلات بطالة للفئة العمرية 20- 24 سنة، حيث بلغت نحو 45.2% في الربع الثالث للعام 2015 وفق الأرقام.
ثانيا / معوقات ترتبط بالحكومة وبجهات تنفيذ القانون وهي زارة العمل :
تعتبر وزارة العمل هي الجهة التنفيذية لمتابعة تطبيق القانون ولكن هناك بعض المعوقات منها:
- ضعف الدور الرقابي وذلك مرتبط بإمكانيات وزارة العمل في المتابعة التفتيش، وقلة عدد المفتشين حيث لا يستطيع تغطية 40 الف منشئة تحتوي على 140 ألف عامل بهذه الإمكانيات المتاح فهم يعملون ضمن طاقات وإمكانيات محددة.
- ضعف الامكانيات والموازنات الخاصة بالتفتيش والتدريب للمفتشين .
- غياب المختبرات خاصة بالسلامة المهنية وأطباء عمل.
- أثر الانقسام على التواصل بين موظفي وزارة العمل بالوطن ومتابعة التشريعات والقوانين.
- عدم تمتع المفتشين بالضابطة القضائية مما اضعف تدخلهم ودورهم الرقابي.
- محدودية الدخل للمفتش يساهم احيانا في تعرضهم لمحاولات الرشوة وتقبل الهدايا من المشغلين.
ثالثا /معوقات من جانب أصحاب العمل الفلسطينيين باعتبارهم أصحاب علاقة:
- أن بعض أصحاب العمل يخالفون القانون بشكل يومي دون رقيب أو حسيب ويمارسون على العمال الابتزاز وخاصة بتوقيعهم على مخالصات عمالية يتنازلون فيها العمال على حقوقهم وهم على رأس عملهم وهذه العقود تعتبر باطله نصا وقانونا.
- اليات التعاقد بين العمل وصاحب العمل، تعتمد على عقد العمل الفردي الشفوي الذي يجعل العمال في متاهه من حيث إثبات مدة العمل وأجورهم وظروف عملهم.
- القصور في تفعيل المواد الخاصة بالعقوبات المقرة بالقانون على من لا يطبقون هذه المواد وعلى المنشئات التي لا تطبق هذه المواد ( لوائح الجزاءات )
- غياب قوة وسلطة الردع، فبعض أصحاب العمل لا يشعرون بان هناك أي رادع، وهذا الوضع ساهم في الكثير من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية بين أصحاب العمل والعمال.
- عدم تنظيم سوق العمل بالشكل الحقيقي واليات الاثبات حول واقع العمل، بإلزام أصحاب العمل بتقديم بيانات عن عمالهم بشكل دوري، وكذلك عن اصابات العمل والوفيات التي تحدث بمواقع العمل.
رابعا/ معوقات من جانب العمال والنقابات التي تمثلهم.
- ضعف الوعي لدي العمال بالقانون وعدم الاهتمام به الا في حالات وجود نزاع عمالي او مشاكل مع المشغل..
- عدم المطالبة بتنفيذ القانون خوفا من الطرد أو خلق اشكاليات مع المشغل..
- ضعف الانتساب للنقابات وغياب الدور الحقيقي للنقابات العمالية في المتابعة لمدي تنفيذ قانون العمل .
- ضعف اليات الاتصال بين النقابات والعمال من جانب اعطاء التوجيهات او الاستشارات القانونية بما يعزز الوعي القانوني للعمال .
خامسا/ معوقات لها علاقة بالقضاء والاجراءات التنفيذية للأحكام في القضايا العمالية:
- القصور في متابعة القضايا العمال وطوال المدة في النظر فيها والبت قضائيا.
- تصل اجراءات رفع القضايا للمحاكم مدة طويلة قد تصل لأكثر من عامين وهنا يجدر المطالبة بمحاكم عماليه وليس قضاه عمل.
مقترحات التوصيات :
- ضرورة تعزيز لغة الحوار الاجتماعي بين اطراف الانتاج .
- ضرورة تشكيل اللجان الثلاثية للنظر في النزاعات العمالية .
- ايجاد السبل لفتح مفاوضات جماعية وعقد اتفاقيات عمل جماعية .
- ضرورة العمل فورا على حملة ضغط لتنفيذ قانون العمل واجراء التعديلات الازمة عليه بما يواكب التطور والمتغيرات.
- ضرورة زيادة الوعي لدى العمال لمعرفة حقوقهم.
- تفعيل دور التفتيش وتوفير الامكانيات اللازمة له.
- انشاء محاكم عمالية متخصصه في قضايا العمل.
- ادراج نص بالقانون يعطي القضايا العمالية الصفة المستعجلة للنظر فيها.
- تفعيل جهاز القضاء المختص ( قضاء عمالي) وزيادة عدد العاملين في قضايا التبليغ وايجاد وسائل سريعة لتبليغ اصحاب الدعاوى العمالية.
- توفير الدعم لمساعدة العمال برفع قضاياهم, سواء ماديا او قانونيا.
- مراجعة القانون وتطوير علاقات العمل مع الشركاء الاجتماعيين.
- تفعيل الدور الاعلامي لإبراز قضايا العمال بشكل اكبر بعد وضع منهاج قانون العمل لدى كافة الكليات والجامعات والمعاهد لأهمية نشر ثقافة قانون العمل.
- ضرورة موائمة قانون العمل مع المتغيرات والتشريعات الجديدة التي تصدر.
اخيرا لتطبيق القانون يجب ان نؤمن بثقافة القانون ودوره في توفير بيئة عادلة تخفف من الاستغلال والمتاجرة بالفئات الضعيفة واستغلال الحجة والعوز والفاقة والفقر .
د. سلامه ابو زعيتر
عضو الامانة العامة في الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين