البيروقراطية العمالية و الديمقراطية النقابية


عبد الكريم اوبجا
2016 / 7 / 26 - 18:41     

إن أغلب المنظمات التقليدية للحركة العمالية متبقرطة سواء كانت أحزابا أو منظمات نقابية، و الميزة المشتركة بين الأجهزة البيروقراطية هي عدم منح المبادرة التنظيمية للطبقة العاملة و التصدي للديمقراطية الفعلية.

فالبيروقراطية شريحة ذات امتيازات انتزعت السلطة من العمال و وسعت امتيازاتها فخلقت لنفسها نمط حياة جديدة يقترب من نمط حياة البورجوازية الصغيرة و لها طرقها الخاصة في العمل و النضال حفاظا على امتيازاتها و تطويرها.

و بعبارة أخرى، فالبيروقراطية شريحة اجتماعية لها جذورها داخل الحركة العمالية و لديها امتيازات استمدتها من دورها كممثل للعمال داخل النظام الرأسمالي الذي لها كامل المصلحة في الحفاظ عليه، فتحرص على أن لا يصطدم الملف المطلبي للمنظمة النقابية بأسس النظام الرأسمالي، و تسعى فقط إلى تلطيف تجاوزات هذا الأخير، و بالتالي فعلى النقابيين الكفاحيين النضال على واجهتين: ضد الرأسمالية و ضد البيروقراطية.

إن البيروقراطية النقابية إصلاحية بطبعها و تكبح انعتاق الطبقة العاملة في حين أن الديمقراطية العمالية ثورية في جوهرها، و البيروقراطية الإصلاحية تهيمن اليوم على الحركة العمالية و تقودها، لكن العمال يصعب عليهم التنكر لها مهما شرحنا لهم عن تخليها عن مصالحهم و بالخصوص في ظل غياب قيادة بديلة ذات مصداقية، كما أن السياسة الإصلاحية تعبر عن مستوى وعي بدائي لدى العمال الذين لا يتخذون مواقف ثورية منذ البداية.

فلأجل بناء نقابة كفاحية، يجب الانطلاق من المصالح الموضوعية للعمال و وضع أجهزة الديمقراطية العمالية في المقدمة، مما سيتيح لجماهير العمال الحكم على الخطوط النقابية و التيارات السياسية للحركة العمالية انطلاقا من التجربة الملموسة، و الاختيار بين خطين: الخط البيروقراطي الإصلاحي أو الخط النقابي الديمقراطي الكفاحي البديل عن السياسة البيروقراطية.

فيما تشكل الديمقراطية العمالية خطرا قاتلا للبيروقراطية كيفما كانت طبيعة هذه الأخيرة، و تستتبع الديمقراطية العمالية استعادة العمال لسيطرتهم على المنظمة النقابية و الدفاع عن مصالحهم و التحكم في تسيير شؤونهم الخاصة و ليس الدفاع عن مصالح الشريحة البيروقراطية.

إن البيروقراطيون الإصلاحيون يدافعون عن الديمقراطية البورجوازية و ليس عن الديمقراطية العمالية، فالديمقراطية البورجوازية تتيح لهم إنماء امتيازاتهم بالارتكاز على المنظمات التي يسيطرون عليها، أما الديمقراطية العمالية فتتيح للعمال الافلات من قبضة الشريحة البيروقراطية و التحرر من نير الاستغلال و العمل المأجور.

إن الديمقراطية النقابية سلاح في يد العمال في فترة الهدوء كما في فترة المعارك، و تعني الديمقراطية النقابية الحق في التعبير عن الرأي و التنظيم و اقتراح السبل و الأدوات التنظيمية، و عقد جموعات عامة في أماكن العمل، و دورية اجتماعات الأجهزة، و الحق في تشكيل تيارات للدفاع عن هذا الخط النقابي أو ذاك ...الخ.

و يقتضي إرساء سير عمل نقابي ديمقراطي و القضاء على البيروقراطية و سياسة التعاون الطبقي، رفض الخنوع و الامتثال و الاستسلام لسياسة الأمر الواقع التي يفرضها الخصم و عدم قبول خطابات أرباب العمل و عدم التنازل أما حجج البورجوازية و البيروقراطية.

على العمال أن يردوا دائما على خصومهم مهما عوزتهم القوة الكافية و أن يكونوا واقعيين في نفس الوقت، لكن الواقعية لا تعني الاستسلام، بل تقديم الحجج و الشعارات التي تراعي الوضع الفعلي و موازين القوى القائمة بغية تعديلها لصالح العمال.

-------------------------
هوامش:
- العمل النقابي الكفاحي و الحزب الثوري، أندري هنري