إلى المدافعين عن الأطلال العتيقة!


ابراهيم حمي
2016 / 7 / 24 - 19:16     

إلى بعض الرفاق...
أعلم أيها الرفيق أنك..
كلما بقيت داخل الحظيرة، تنتظر قرارات صاحبها.. فلا فائدة كبيرة ترجا من طرح الحيوان المطيع الذي بداخلك، ولن تصبح مناضلا فعلا قادرا على رسم مصيرك بنفسك.

إن كل من يتصور أن بقائه محافظا على أطلال المعبد "النقابي" بأنه يحافظ فعلا على إطار مناضل صالح، ليكون جسرا في المستقبل، فهو واهم.. ولا يستحضر التحولات الكونية التي عصفت بكل قوة تضامنية داخل إطارات كانت، وحتى الأمس القريب تفرض وجودها وهيبتها في الساحة نظرا لظروف وشروط لم تعد نفسها قائمة الآن.. إضافة للانحراف وفساد من يملك سلطة القرار داخل تلك الحضيرة التي لا زال الكثير يعتقد بأنها تدبر شؤونها القواعد بواسطة مؤتمرات أو مجالس صورية ليس إلا.
إن القوة الآن للشارع الذي على النخبة الواعية والصادقة والمناضلة فعلا أن تنخرط في إيجاد طرق وآليات أساليب للعمل بصيغ وخطاب جديد.
يتماشى مع الظروف والشروط الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المفروضة من طرف قوة متوحشة فتت كل طرق وأساليب العمل العتيقة.. كما أفرغت النضال النقابي الجاد من محتواه عندما ضربت في العمق الاستراتيجي آليات التضامن الذي يعتبر قوة أي مركزية نقابية.. وللأسف هذا حصل بمساعدة القيادات النقابية المخضرمة التي رفعت في منتصف التسعينيات شعارات تزايد بها في الساحة، وهي تجهل مضمونها ومحتواها وعمقها الحقيقي أو كانت تدري الأمر سيان الآن بعدما انهار كل شيء.
هذا معطى وجانب، أما الجانب الآخر، فعلى كل الرفاق الذين يقفون ضد التمرد على النقابات أن يدركوا جيدا التحليلات الحزبية والعاطفية لا تجدي نفعا أمام التطورات التاريخية.. وهناك أقصد الرفاق الذين منطلقهم من حسن النوايا وليس الاتباع أو أصحاب المصالح الشخصية المستفيدين من الوضع النقابي الرديء والذين لا تهمهم غير مصالحهم الشخصية الضيقة والتافهة مثلهم.
هذا كما يجب على هؤلاء الرفاق الذين يدافعون عن الإطارات النقابية من منطلق الغيرة أن لا يتجاهلوا قانون التاريخ وقانون نفي النفي وأن لكل مرحلة عملتها للتداول بها.. وأن العملة المنهارة تصبح صالحة كمأثر ليس إلا.. وأن لكل زمان رجاله وأدواته وآلياته، وأيضا إطاراته حسب الزمان والمكان.. وكل من لا يتطور بهذا المنطق سينقرض لا محالة.. فلا تتعبوا أوداجكم بالنفخ في جعاب فارغة بحكم تعرية الزمان والتاريخ الذي لا يرحم من يرى ورائه فقط.. تاركا القيادة نحو الأمام والمستقبل لمن لا يستحق أن يقودها أصلا لضبابية رؤيته أو لمشرعه الظلامي أصلا.
هذا ويجب أن ننتبه إلى أن الإطارات النقابية لم تعد لها نفس القوة ولا نفس البريق ولا يمكن أن تعود لها أبدا نظرا لمتغيرات الحاصلة التي فرضتها الدوائر المالية العالمية التي تعمل تحت إشراف الرأسمالية المتوحشة.
وعلى سبيل المثال لا الحصر.. إن العمل في القطاع الخاص أصبح بالعقدة وشروط محددة قانونيا ولا يمكن للنقابة أن تفعل أو تقوم بأي شيء ولا بأي فعل في ظل شروط أصبحت قانونية.. والمصيبة العظمى أن هذا النظام أو هذا السياق سائر نحو تطبيقه في القطاع العام.. خصوصا في التعليم.. الصحة.. وكذلك بعض الخدمات التي لها علاقة مباشرة بمصلحة أغلبية المواطنين.. والعبرة من التفويتات لعدة قطاعات في إطار مشروع الخوصصة الذي تم تمريره أمام أعين النقابات وفي عز قوتها.
إذن لا أحد يستطيع أن يقف في وجه التطور التاريخي كيفما كانت نتائجه إيجابية أو سلبية وعلى المتضرر أن يبدع ويجتهد في ابتكار طرق وأشكال وأساليب جديدة للمواجهة وليس بالحنين للماضي الذي لن يعود حتى لو حافظنا على أطلال تلك الإطارات النقابية الهرمة والتي ماتت كلينيكيا.