أزمة الحركة النقابية بالمغرب


عبد الكريم اوبجا
2019 / 4 / 12 - 09:16     

إن أزمة العمل النقابي بالمغرب هي أزمة البدائل على مستوى جميع القطاعات من خلال هجوم الدولة على كل روافد النقابات( ج و ح ش م، الحركة الطلابية) مما مهد لبروز نضالات فئوية وتنسيقيات كتعبير عن أزمة العمل النقابي التقليدي والذي لا ينخرط فيه سوى 5 بالمائة من مجموع العاملين.
فلا يتعلق الأمر بإقناع الشغيلة بضرورة العمل النقابي وفقط، بل نحن أمام توالي حصد الحركة العمالية لتاريخ من الهزائم الكبرى، إننا أمام مرحلة مخاض غير واضحة المعالم، كما أن أزمة النقابة اليوم هي أزمة المشروع من زاوية تفكك القاعدة المادية للنقابات وفئويتها وزاوية المطالب التي تم تقزيمها.
نحن في سياق مرحلة نقابية جديدة عنوانها الانتقال من مرحلة "الشراكة و الحوار" لتدبير نتائج الاصلاحات الليبرالية إلى مرحلة جديدة لا دور فيها للحركة النقابية كشريك اجتماعي في تدبير نتائج مخططات التقشف و الإصلاحات الليبرالية.
إن تصعيد الهجوم على الحريات النقابية و تجريم الحق في الإضراب و تفكيك الوظيفةالعمومية و الإجهاز على الحماية الاجتماعية أفقد الحركة النقابية التقليدية وظيفتها و جعلها أمام مستقبل مجهول، فهي مهددة ليس فقط في وظيفتها كشريك اجتماعي بل يطال التهديد وجودها.
إن أزمة الحركة النقابية المغربية حاليا تتجاوز أزمة قيادتها البيروقراطية إلى أزمة مشروعها النقابي القائم على سياسة التعاون الطبقي، لنخلص إلى استحالة إصلاح و دمقرطة هذا المشروع لكون القاعدة المادية و السياسية التي يرتكز عليها قد تفككت بفعل أزمة الرأسمالية و عمق سياسة التقشف و المديونية...
إن تعديل موازين القوى بين البيروقراطية و المعارضة النقابية قد أصبح يتجاوز حدود معركة داخلية، و أصبح هذا التعديل مشروطا بتغيير موازين القوى بين الشغيلة و الباطرونا، و بالتالي فالبديل يكمن في إعادة بناء الحركة النقابية على أسس جديدة للجواب على كل جوانب أزمة المشروع النقابي التقليدي (المطالب، أشكال النضال و التنظيم، الاستراتيجية و التكتيك ....).
لقد أثبت التاريخ فشل المشروع النقابي للمنظمات النقابية التقليدية، و الأزمة الرأسمالية الحالية لم تعد تدع أي مجال للبيروقراطية و المستسلمين لسياستها بلعب دور "الشريك الاجتماعي" أو الوسيط بين الشغيلة و الباترونا، و بدأت تتقلص امتيازاتها مما يهدد وجودها بالذات، و واهم من لا زال يراهن على التنظيمات النقابية التقليدية، أضف أنها لا تمثل حقيقة الطبقة العاملة حيث أن 95 بالمائة من الشغيلة خارج النقابات، ثم لماذا لا نستحضر التغيرات في بنية و طبيعة الطبقة العاملة الحالية، و ماذا عن باقي الفئات الاجتماعية المضطهدة و التي تقتحم ميدان النضال أكثر بكثير مما تفعله شغيلة القطاع الخاص.
علينا استحضار كل هذه الأمور أثناء بحثنا عن بدائل حقيقية للخروج من الأزمة. و شخصيا أرى أن البديل يكمن في إعادة بناء الحركة النقابية على أسس جديدة تقطع مع كل ما سبق.
فماذا صنعت التنظيمات النقابية التقليدية لعقود من الزمن؟ ماذا قدمت للشغيلة؟ لم تقدم سوى خيانات و هزائم متوالية، بالإضافة إلى أن أشكال التنظيم و النضال و طبيعة المطالب التي تعتمد عليها هذه التنظيمات ساهمت في تقلص قاعدتها.
سيكون من الأفضل بناء تجارب نقابية جديدة تقطع مع الماضي و تربط الصلات مع باقي الحركات الاجتماعية الجديدة، و من شأن ذلك أن يعيد المصداقية و الثقة في الممارسة النقابية و في شعارات الوحدة و التضامن.