العمل النقابي وسؤال الأزمة


التيتي الحبيب
2016 / 6 / 16 - 02:12     








في خرجاته الإعلامية الأخيرة سفه بنكيران النقابات وأدلى بتصريحات تهكمية على من شارك في الحوار الجارية أطواره. اعتبر مطالبها غير واقعية، وهو يفضل تخصيص مثل هذه الميزانية لخلق 80 ألف فرصة عمل. وهي ميزانية لا يتوفر عليها. ولن يلبي طلبات محاوريه وليفعلوا ما بدا لهم، وإذا قال له الشعب ارحل فسيفعل.
من الطبيعي أن يركب بنكيران أعلى خيله، لأنه يعتبر نفسه في وضع مريح ويتوفر على ميزان قوى يمكنه من إملاء شروطه، فيمنح ما يراه ويحجب ما لا يعجبه، كيف لا وهو يحاور نقابات ضعيفة، حاضرة للمفاوضات وهي مستسلمة. يعلم علم اليقين أن محاوريه يتظاهرون بالمكابرة فقط من اجل الحفاظ على ما تبقى من ماء الوجه.
بدأت قيادات هذه النقابات ببعض التسخينات نهاية السنة المنصرمة وبداية 2016 وقد كشفت تلك التسخينات عن ضعفها وفراغ صفوفها، فتم تعويض البرنامج النضالي الذي يحشد للإضراب العام والمظاهرات والمسيرات والوقفات لتعطيل الحياة الاقتصادية والاجتماعية وتحقيق الالتفاف الشعبي حول مطالبها، عوض ذلك اكتفت بجعجعة الكلام الفارغ وبإصدار البيانات المهددة بالوعيد والتصعيد. وفي إخراج مسرحي بادرت الحكومة إلى الدعوة إلى عقد جلسات الحوار. الأمر الذي تلقفته القيادات النقابية، وبادرت بإلغاء كل وعيدها، وهرولت إلى طاولة الحوار العقيم والانخراط المذل في اللجان التقنية والثلاثية وغيرها من الاجتماعات للظهور الإعلامي والتسويق الفج.
كانت خرجة بنكيران الإعلامية بعد فاتح ماي، حيث فشلت النقابات مرة أخرى في حشد المسيرات، تكون في مستوى المواجهة مع الباطرونا ومع جهاز دولتها وكراكيز حكومة تصريف الأعمال. لقد أمعن رئيس الحكومة في إذلال محاوريه بل كل القوى السياسية المناضلة، وتحدى الجميع إن استطاعوا حشد الشعب من اجل المطالبة برحيل حكومة البيجيدي.
بهذا يتبين من جديد، بان العمل النقابي يعيش اخطر أزماته، وبان المركزيتين الاتحاد المغربي للشغل والكنفدرالية الديمقراطية للشغل، باتت مجرد قوقعة فارغة تسكنها بيروقراطية تناصب العداء لمصالح الطبقة العاملة وعموم الشغيلة. وهي ناجحة ومتمكنة من الوضع، لان القوى اليسارية المتواجدة في صفوف هذه النقابات منشغلة بمهام حرفتها عن المهمة المركزية التي بدونها لن تتمكن النقابات من لعب دورها الطبيعي كأدوات الصراع الطبقي في يد الطبقة العاملة أساسا، وهي مهمة مباشرة وآنية، مهمة بناء الحزب المستقل للطبقة العاملة وعموم الكادحين. وكلما تقدم اليسار المؤمن حقا بهذه المهمة كلما اتخذ العمل النقابي مضمونه المنحاز لمصالح العمال، فيتم افتكاك الأدوات النقابية بعيدا عن التسلط البرجوازي وجهاز الدولة فتصبح أدوات الكفاح وفرض المطالب، آنذاك لن يكون موقف بنكيران أو غيره من كراكيز النظام إلا الانصياع لإرادة العمال وهو صاغر.