فاتح ماي 2016 بالمغرب... من يتحمل المسؤولية؟


ياسين العوني
2016 / 5 / 2 - 17:43     

لا مجال لمن يحمل فكر الطبقة العاملة (وربما حتى لمن يدعي حمله) في هذا الزمن الرديء أن يكون مبتهجا للوضع المتردي في يوم العمال الأممي، في ذكرى ممزوجة بالعرق والدم، كمحطة تعكس تضحيات سنة بأكملها، بل عقود من البذل والعطاء النضاليين، ومن الاستغلال والقهر الطبقيين، كمناسبة لتجديد العهد مع الطبقة العاملة، الطبقة الثورية حتى آخر رمق.
لقد تابعنا كيف مرت المناسبة في العديد من المناطق بالمغرب، مرور بئيس كأقل ما يمكن قوله في هذا الباب. ورغم محاولة العديد من المناضلين النقابيين إظهار ما يلزم من تشبث بإحياء الذكرى بالكفاحية التي تليق بها، غير أن معطيات الواقع كانت هزيلة لدرجة كانت موشومة بالوضوح على كثير من الوجوه التي بدت وكأنها تمشي في جنازة فقيد إلى مثواه الأخير، وكأن هذا الفقيد لم يكن مرغوبا فيه سوى تجسيدا لطقس اجتماعي ليس إلا.
لقد مل العمال من خطابات كل سنة، ومن سقف شعارات كل سنة، ومن تلجيم النضالات ككل سنة، ومن الإمعان المفضوح والمتواطئ في إعادة تثبيت نفس الخطوط الحمراء ككل سنة، لدرجة أنه حتى العمال المنقبين -والذين لا يشكلون سوى قبضة صغيرة من مجمل فصائل الطبقة العاملة المنتجة بأكملها- لم يكونوا بالأعداد التي لطالما توافدت لإحياء هذه المحطة تجديدا لنفس النضال الشاق. أما الفئات المساندة والمرتبطة نضالاتها بنضال العمال فقد عكس هذا اليوم "التاريخي" حقيقة أي درك وقعت فيه تدريجيا لدرجة الهزالة كما وكيفا. لقد كان اليوم حقا مناسبة ضرورية ليرى "الكل" وجهه في مرآة الأول من ماي، في صوت الميكافونات ومكبرات الصوت التي كانت تفوق همم العمال والشغيلة المثبطة والمنكسرة.
لقد تابعنا اليوم مأساة حقيقية، فناهيك عن العزلة الساحقة للبيروقراطية النقابية والأحزاب السياسية الرجعية التي لم تستطع أن تجند حتى جيوش حوارييها لهذا اليوم، وناهيك عن انفضاح أمر القوى الإصلاحية المسترزقة على مختلف القضايا الطبقية وعلى رأسها معركة تحرر الطبقة العاملة، ناهيك عن كل ذلك... ماذا عنا؟
يتضح كذلك ضعفنا رغم كل المجهودات المبذولة ورغم التضحيات اليومية المقدمة من طرف مناضلين مخلصين لقضية شعبنا. إننا لا زلنا بعيدين عن تسجيل التقدم المطلوب وسط الطبقة العاملة المحروسة كل الطرق إليها بعناية فائقة. ونسجل كذلك هدر الكثير من الطاقات والتضحيات في مجالات أخرى للنضال لا تزيد ذوات المناضلين إلا إرهاقا وتأجيلا للمهام الآنية، وتجعل في آخر المطاف من حجم البذل المسجل بنزينا في محركات أخرى بعيدة عن أولويات الأولويات، رغم ما لمجالات نضالية أخرى كالمجال الطلابي والحقوقي من فرص ضئيلة للانفتاح والوقوف على معاناة شرائح كثيرة من أبناء شعبنا. يتضح كذلك أنه آن الأوان للطاقات المناضلة أن تتطور في بوتقة الصراع المرير ضد النظام وأزلام النظام وعلى درب شهدائنا الأبرار بغية تحمل المسؤولية، كامل المسؤولية..
عاشت نضالات شعبنا وفي مقدمته الطبقة العاملة..