كلمة الى الأمام.. الاول من ايار وعمال العراق اليوم


صحيفة الى الامام
2016 / 5 / 2 - 02:05     

ليس الاول من ايار كما يحاول البعض ان يصوره بأنه عيد العمال، بل ان الاول من ايار هو يوم تضامن العمال العالمي، يوم احتجاج العمال العالمي ضد بشاعة واستغلال وعدم مساواة وظلم الرأسمال. يوم ابراز العمال أنفسهم بوصفهم كطبقة، يوم تذكير البرجوازية بأن كل جرائمها السياسية ومعتقلاتها واساليب تعذيبها واعلامها المأجور وكتابها ومثقفيها واقتصادييها وسياسييها لن يتمكنوا من تمرير حقيقة ان عالمهم الراسمالي، ومهما وضعوا الرتوش عليه من الديمقراطية والليبرالية في احسن احواله، نقول لن يتمكنوا من تجميل عالم اللامساواة، عالم التحرش الجنسي، عالم السياسة العنصرية ضد اللاجئين، عالم توسع انتشار رقعة البطالة، عالم الحروب الطائفية والدمار، عالم احياء كل الخرافات الدينية لتحميق البشر وتكبيل عقولها وافكارها كي يكونوا عبيد للرأسمال، عالم الاستغلال العرقي والجنسي، عالم قمع الحريات الفردية والانسانية تحت مسميات محاربة الارهاب، عالم تجنيد الاطفال، عالم الاضطهاد الجنسي للمرأة على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والسياسي حتى في اكثر الدول الديمقراطية حسب تقارير المنظمات الدولية لحقوق الانسان.
في الأول من آيار من كل عام، تعد القوات الامنية نفسها لاستعراض قوتها وغطرستها وعنجهيتها تجاه الاستعراض الطبقي للعمال، فنجد المواجهات بين العمال والشرطة في عشرات الدول مثل كوريا الجنوبية وتركيا والفيلبين ودول أمريكا الجنوبية وحتى الدول التي تفتخر بديمقراطيتها في عمق اوربا.
في الاول من ايار، تجدد البرجوازية خططها الامنية والعسكرية وتجدد ترسانتها القمعية وتستحدث اساليب تحميقها للجماهير والمجتمع، لأنها ترفع في صفوف المسيرات العمالية راية ماركس، راية يا عمال العالم اتحدوا، راية البيان الشيوعي، راية مؤلف كتاب "رأس المال"، راية معلم الطبقة العاملة الذي يرشد العمال، طالما هناك رأسمال، فكل اشكال الاضطهاد تستمر، وان العمال بثورتهم الاشتراكية لن يخسروا سوى قيودهم. اي بعبارة اخرى وهذا ما ترتعب منه البرجوازية من ان ماركس بين بشكل جلي وواضح ان كل التاريخ البشري هو تاريخ الصراع بين الطبقات او النضال الطبقي، وان الطبقة العاملة لديها رسالة تاريخية، فهي حفارة قبر البرجوازية.
وفي العراق، الذي تمتلك فيه الطبقة العاملة ارث نضالي عظيم، الذي ابرز محطاته يبدأ، منذ اول اضراب لعمال مسفن الدوكياد في البصرة عام ١-;-٩-;-١-;-٨-;- ومرورا بأضراب عمال السكك في عام ١-;-٩-;-٢-;-٧-;- والمطالبة بسن اول قانون عمل، ثم اضرابات عمال نفط كركوك في كاروباغي عام ١-;-٩-;-٤-;-٦-;-، وبعد ذلك اضرابات عمال الزيوت النباتية في عام ١-;-٩-;-٦-;-٨-;- التي دشن النظام البعثي الفاشي حكمه بفتح النار على المضربين، لتنتهي المرحلة الاولى من تاريخ الطبقة العاملة النضالي، فلقد دأبت البرجوازية طوال ذاك التأريخ، بملكييها وجمهورييها، باستعمارها ووطنييها، في تشديد الخناق على حرية التنظيم والاضراب والتظاهر للطبقة العاملة، والحيلولة دون نهوض المارد العمالي في العراق. فتشديد ظروف العمل واستغلال العامل بأبشع الصور، هو الاساس الذي استند عليه البرجوازية في العراق كي تزيد ارباحها وتنتفخ جيوبها وتعبد الطريق امام التحاق العراق بالسوق الرأسمالية العالمية، بينما مورست كل اشكال التنكيل ضد العمال، فكانت السجون والمعتقلات والاعدامات والنفي هو نصيب الفعالين والنشطاء العمال. والمرحلة التاريخية الثانية، كانت في ظل النظام البعثي، الذي وصل استثمار العمال واستغلالهم الى ابشع صورة، فمرحلة الحرب العراقية - الايرانية، التي حول النظام البعثي جميع مصانع ومعامل وزارة الصناعة الى التصنيع العسكري لتطبيق القوانين العسكرية على العمال.. والمرحلة التاريخية الثالثة هي مرحلة ما بعد الاحتلال، حيث دفعت الطبقة العاملة ثمن قمع واعدام ونفي قادتها وفعاليها ونشطائها، ليحدث فاصل تأريخي بين ماضيها النضالي وحاضرها. بيد انها استطاعت ان تمضي قدما في نضالاتها بالرغم من المشاكل والعوائق التي وضعت امامها في مصانع ومعامل وزارة الصناعة والقطاع النفطي والكهرباء والبلديات.. واهم تلك المشاكل، محاولة البرجوازية في نقل الصراع الطائفي الى صفوفها، فلقد تحولت اماكن ومعيشة العمال الى اهداف للمجموعات الارهابية والمليشيات الطائفية، فلقد قتل المئات من العمال، وبعد ذلك فرضت البطالة عليهم، ثم الافقار على العمال من خلال تمرير سياسة الليبرالية الجديدة للمؤسسات المالية الدولية، فكان تسريح العمال او تحويلهم الى سن التقاعد، والمماطلة في عدم دفع رواتب عمال مصانع ومعامل وزارة الصناعة، والتقليل من معاشات ورواتب جميع عمال العراق. اي بلغت صفاقة حكومة عبادي، الى درجة مد اياديها في جيوب العمال والموظفين تحت عنوان سياسة التقشف، لدفع فاتورة السلب والنهب، الذي قامت وتقوم به البرجوازية المتمثلة بأحزابها الطائفية والقومية في العملية السياسية.
ان كل ألاعيب الاصلاح، وبدائل المهزلة، مثل حكومة تكنوقراط وغيرها، والمناورات المكشوفة للتيار الصدري، وروضة او مدرسة المشاغبين المهزلة للمعتصمين النواب، هي تعبير عن الصراع السياسي بين اجنحة تيارات الاسلام السياسي الشيعي، ولا تمثل لا من قريب ولا من بعيد مصالح الطبقة العاملة. وعلى المدى البعيد هو تكريس لسلطة الرأسمال واعادة استثمار العامل كي يستمر في در الارباح في جيوب الصدر والمالكي والعبادي وعلاوي والجبوري..
ان الطبقة العاملة اليوم، تواجه معضلات عديدة بفعل مخطط البرجوازية، بيد انها تمتلك امكانات كبيرة وتاريخ نضالي عريق، ان تظهر كطبقة هائلة القوة، سواء على صعيد المكانة الاقتصادية التي تحتلها وخاصة في ميدان النفط والغاز، او على الصعيد العددي، في مواجهة حيتان الفساد والرأسمال في العراق، وتنهي الصراع السياسي لصالحها وصالح المجتمع برمته.
ليكن الاول ايار من هذا العام، رسالة الى الاسلام السياسي بكل تلاوينه والقوى القومية، الذين حولوا العراق الى اقطاعية خاصة بهم، ونهبوا كل ثروات المجتمع، وعبثوا بأمنه وسلامته، بأن الطبقة العاملة هي القوة الوحيدة التي ستفرض التراجع عليهم وتعيدهم الى من حيث اتوا.