في اليوم الاول من ايار، ماذا تقول الطبقة العاملة في العراق؟


نادية محمود
2016 / 5 / 2 - 09:47     

[email protected]
نحيي هذه الايام الاول من ايار يوم العمال العالمي، انه يوم التذكير والتأكيد مرة اخرى بان الطبقة العاملة طبقة حية، وهي اساس انتاج كل الخيرات، وان الراسمالية اذا تمتعت بالارباح المليونية فذلك عائد فقط وفقط لما تنتجه ايدي وعقول هذه الطبقة، وان تحرير المجتمع من الاضطهاد والتمييز والفقر وتحقيق المساواة الاقتصادية، وليست الحقوقية والقانونية والسياسية، بين البشر، انما يقع على كاهل هذه الطبقة.
الا انه ورغم دورها الاقتصادي، لازالت لم تمارس الطبقة العاملة دورها السياسي بعد. فهي غائبة ومغيبة. ولما تزل الضلالات والاوهام التي تبثها بشكل حثيث احزاب الطبقة الرأسمالية على اختلاف تلاوينها تسود عليها. فليس هنالك، كما يقول لينين، جدار الصين يفصل بينها وبين الطبقات البرجوازية. ولما تزل، لم تقدر بعد دورها الحقيقي والشامل في الانتاج حق قدره، ولما تزل لم تنظم نفسها بعد، لتقول: كفى يعني كفى!
في حمية التنافس الرأسمالي على الحصول على الارباح، وتوزيع واكتساح السوق العالمي، وتقليص نفقات الانتاج، دفعت وتدفع ألطبقة العاملة في العراق ثمنا لصراع ألرأسمالية العالمية. العراق ليس معزولا عن العالم الخارجي، بل يشكل احد المناطق لهذا الصراع والتنافس الرأسمالي. فكانت حصة الطبقة العاملة من البطالة والفقر وانعدام الخدمات، وتغييب دورها السياسي، واضعاف قدرتها على فرض والحصول على حقوقها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. وفوق هذا وهذاك، وضع المجتمع برمته تحت رحمة القوى الارهابية.
فاذا كانت شرط تأمين العيش في المجتمع الراسمالي ان يبيع الانسان قوة عمله، الا ان حمية التنافس والصراع بين القوى الرأسمالية، ادت الى لا تجد الملايين من يشتري منها قوة عملها، على الرغم من استعداها لبيعه حتى وباسعار رخيصة! اصبح الحصول على فرصة عمل امنية، مكسبا، يغدو معها الحديث عن المطالب بحقوق اقتصادية، مجازفة، قد تكلف الانسان واسرته لقمة عيشهم، بوجود جيش من البطالة المتأهب للحصول على اية فرصة عمل، بأي ثمن، وبأية شروط. ان هذا يعني ان ثمن ضمان تراكم ارباح الرأسمال يؤدي كتحصيل حاصل الى افقار الملايين.
في العراق يدفع المزيد والمزيد من العمال الى البطالة. وفئات اخرى لازالت مهددة بالانتقال الى جيش العاطلين. لننظر الى مؤسسات التمويل الذاتي في العراق، لقد تخلت الدولة عن المؤسسات الصناعية، لعجزها عن المنافسة مع البضاعة الاجنبية المستوردة التي تكتسح السوق، تاركة اياها تواجه مصيرها اما منافسة البضاعة الاجنبية او اغلاقها والصرف عن العمل.
وتوقف عجلات الانتاج في الكثير من المعامل والمصانع يشكل تحديا جديا لنا لتنظيم الطبقة العاملة التي فرضت عليها البطالة. ففي الوقت الذي كان نضال الطبقة العاملة يتم في مواقع الانتاج، وتستيطع ان تفرض على الطبقة الرأسمالية شروطها، سواء كانت حكومة او قطاع خاص، بان تنال اجورا افضل عبر تنظيم الاضرابات والاعتصامات، الان افتقدت الطبقة العاملة هذه القدرة لاستخدام هذا السلاح الذي كان يشكل خطرا حقيقيا على الرأسمالية الحاكمة لانها تستفيد من ناتج العمل المأجور. حيث ليست هنالك عجلات تدور، عدا قطاع النفط والخدمية، لتهدد الطبقة العاملة بايقافها.
في العراق، حين تؤمن الطبقة الرأسمالية في العراق دخلها من مبيعات النفط، وتعتمد عليه بشكل يكاد يكون كلي. لا تعتمد على الصناعات والزراعة المحلية الا بشكل هامشي جدا. وتوقف عجلات الانتاج في الكثير من المعامل والمصانع يشكل تحديا جديا لنا لتنظيم الطبقة العاملة التي فرضت عليها البطالة. ففي الوقت الذي كان نضال الطبقة العاملة يتم في مواقع الانتاج، وتستيطع ان تفرض على الطبقة الرأسمالية شروطها، سواء كانت حكومة او قطاع خاص، بان تنال اجورا افضل عبر تنظيم الاضرابات والاعتصامات، الان افتقدت الطبقة العاملة هذه القدرة لاستخدام هذا السلاح الذي كان يشكل خطرا حقيقيا على الرأسمالية الحاكمة لانها تستفيد من ناتج العمل المأجور. حيث ليست هنالك عجلات تدور، وليس هنالك انتاج يهدد بالتوقف، عدا قطاع النفط والخدمية، لتهدد الطبقة العاملة بايقافها.
ان هذا أدى ويؤدي الى عجز الالاف من ايجاد فرص عمل، مؤديا الى البطالة والى تشتت الطبقة العاملة وتفرقها مما يضع امامنا تحديات جديدة حول كيف يمكن للطبقة العاملة ان تؤمن معيشتها، معيشة اسرها، تنظيم نفسها اذا كانت اعدادا غير قليلة منها خارج حلبة الانتاج؟ وكيف يمكن ان تشكل قوة تنظيمية سياسية مستقلة بوجه الطبقة الرأسمالية الحاكمة، وهي في الكثير من المواقع، عدا النفط والخدمية، خارج نطاق الانتاج؟ ان هذا يلقي علينا مهام جسام، لتوحيد نضال العمال في القطاعات العاملة مع العاطلين عن العمل.
في ظل هذه البطالة المليونية، تتمكن الرأسمالية من ادامة وجودها، فلديها دائما الاحتياطي الذي يمكن ان يدير لها عجلة الانتاج من جهة. ومن جهة اخرى، تجد هذه الطبقة من اوساط هذه البطالة المليونية، من هو مستعد لبيع نفسه للعصابات والميلشيات من الشباب الفقراء الذين لا يجدون مصدرا لتامين معيشتهم، غير استئجار انفسهم وبيع انفسهم الى تلك الزمر الارهابية.
مالذي تقوله الطبقة العاملة في العراق؟ ان الاف العوائل تنقب في جبال وتلال من النفايات تبحث عن شيء تبيعه. حين يضع اتحاد نقابات العمال في العراق، قرار ما او مقترح ما، يسعى للتنسيق مع من يفترض ان يكونوا اعدائه الطبقيين، انهم ينسقون مع اتحاد الصناعات العراقي، وعيونهم تتطلع الى رضا منظمة العمل الدولي ومباركتها. تبث الاحزاب البرجوازية، على اختلاف صنوفها، الاسلامية والقومية والليبرالية، ضلالاتها واوهامها، ساعية الى خداع العمال ان اصلاح الاوضاع امر ممكن عبر البرلمان العراقي او اصلاحات هذه الحكومة!
ان انتصار الطبقة العاملة لا يضع النهاية فقط للنظام الرأسمالي، بل يسدل الستار على تاريخ الصراع الطبقي ايضا. ذلك الصراع الذي امتد الاف السنين، والذي كانت دائما و ابدا ضحيته الطبقات الكادحة، من عبيد، او فلاحين، او عمال. ان مهمتنا اليوم وكل يوم الى يوم نعلن فيه انتصار الطبقة العاملة سياسيا واقتصاديا على الطبقة الرأسمالية، وتتجسم بقدرتنا على اظهار الطبقة العاملة كطبقة مستقلة بذاتها ولذاتها.