الاول من ايار، يوم لاظهار العمال كطبقة


عادل احمد
2016 / 5 / 2 - 02:03     

هناك ثمة قول في المجال الطبي بأن تشخيص الأصابة بالمرض هو حل نصف المشكلة ومن ثم ياتي العلاج المناسب لحل النصف الاخر. وهذا التطبيق يظهر صحته على الطبقة العاملة بوضوح شديد. ان النصف الاكبر من مشاكل الطبقة العاملة هو عدم المعرفة والشعور كطبقة منتجة لجميع الثروات في المجتمع وصاحبة لمفتاح كل تغيير في المجتمع الرأسمالي. ان الشعور كطبقة تعني الشعور بالوحدة وضرورتها. وان هذا الشعور هو اصل الصراع بين العمل والرأسمال.
هناك عوامل عديدة تصب في هذا الاتجاه بأن يظهر العمال كطبقة وان يخلق هذا الوعي بين صفوفهم بأنهم يجب ان يظهروا قوتهم كطبقة موحدة، وان المكانة الاقتصادية والصلة الاجتماعية لهذا الاقتصاد هي من مميزات النظام الرأسمالي والضرورية لوجود العمال كطبقة اجتماعية ذات مصالح مشتركة. وان وجودها كطبقة اجتماعية هي اساس خلق الوعي الطبقي. ولكن هذا الوعي لن يصبح قوة الا بممارستها العملية اليومية امام الرأسمال. وان طوال تأريخ الرأسمالية هناك حركة لفئات العمال الاشتراكيين، يحاولون جاهدين للتوضيح بأن الوعي الطبقي ضرورة ملحة بين العمال للقيام بتحسن اوضاعهم المعيشية والقضاء على معاناتهم عن طريق وحدة الاواصر الطبقية.
ان فعاليات الاول من ايار هي الصورة الطبقية والواعية للجماهير العمالية امام الرأسمالية. هي صورة واضحة المعالم، اولا كطبقة وثانيا كأممية. في الصورة الاولى ان الشعور بوجود العمال كطبقة وليس كأفراد مشتتين في علاقات الانتاج والمجتمع هو تشخيص علمي للوجود العمالي وقوته. وان الشعور بالقوة ليس شئ ذهني وانما واقع عملي ملموس يحس به جميع العمال عندما يجتمعون سويا ويتحدثون عن مشاكلهم ومصيرهم المشترك. وان التجمعات والاضرابات والتظاهرات في الاول من ايار هي عملية خلق لهذا الوعي الطبقي للعمال وهي عملية زرع بذور الثورة الاجتماعية. اما الصورة الثانية لفعاليات الاول من ايار هي اظهار الطبقة العاملة كطبقة عالمية واممية ولها مصير ومصالح مشتركة بين عمال جميع الامم. ان الشعور بوهم الاوطان والحدود للعمال هو الخلاص للطبقة العاملة العالمية من اوهام البرجوازية بضرورة وجود الدولة والوطن والحدود القومية، لتجزئة صفوف العمال بالتصنيفات الوهمية. ان شعار "ليس للعمال وطن" هو شعار واقعي لحالة الطبقة العاملة العالمية. وخاصة في يومنا هذا يظهر وضوحها مثل الشمس، وان عمال اوروبا المشتركة لا تعرف الحدود القومية، ان العمال جزء من خلق الثروة لرأسماليي هذه الدول بلا استثناء. وان العامل بأمكانه التنقل بحرية لبيع قوة عمله اينما يشاء، ليس مهما لمن يبيع فهي بالتالي تصب لصالح رأس المال..
ان فعاليات الاول من ايار من هنا تأتي ضرورتها اكثر. انه ليس يوم للاحتفال بعيد معين مثل بقية الاعياد، وانما هو يوم لاظهار الوعي الطبقي والتضامن الطبقي بين صفوف العمال في العالم. انه يوم لتخرج جيل جديد للعمال بوعي طبقي جديد وبضرورة التضامن الطبقي، وبضرورة تصعيد الصراع الطبقي في المجتمع. وهذا ما يؤكد عليه العمال الاشتراكيين دائما في مناسبات الاول من ايار. ان الرأسماليين يحلو لهم خلق منظمات واحلاف متنوعة لتنظيم عملية نهب قوة العمال بينهم بآلاف الاشكال. يشكلون اتحادات وجمعيات متنوعة بينهم ليظهروا كطبقة سائدة وموحدة واممية للنهب. ان اتحاد الرأسماليين لا يعرف القومية ولا يعرف الحدود ولا يعرف الاوطان، ولكن يخلقون كل هذه الاوهام القومية والوطنية لتفرقة صفوف العمال وتمزيق وحدتهم وتضليل وعيهم الطبقي، بأوهام مصطنعة وتحاول ابعادهم عن التضامن والوحدة والقوة.
يحاول العمال الطليعيين والاشتراكيين العماليين بكل قوة الاستفادة من وجود التجمعات العمالية الصغيرة والكبيرة، محليا وعالميا من اجل نشر الوعي الطبقي والتضامن العمالي بقدر الامكان. ويحاولون اظهار العمال كطبقة اجتماعية وثورية لدك أسس نظام العمل المأجور والرأسمال. وان الاحتفال بيوم تضامن العمال العالمي هو من ابتكارات القادة الاشتراكيين والعماليين، لتقوية ونشر الوعي الطبقي العمالي بضرورة التضامن والوحدة وبضرورة اظهار جميع عمال العالم كطبقة عالمية واحدة.
ان القيام بفعاليات الأول من ايار في العراق في ظل الاوضاع الراهنة ضروري جدا بالنسبة للاشتراكيين، نظرا لمرور الطبقة العاملة العراقية بماسي وويلات جراء سياسات البرجوازية القومية والطائفية لتمزيق صفوف الطبقة العاملة وجرها الى نزاعاتها الرجعية. وان الاحتفال بهذا اليوم لرفع الصوت الطبقي واظهار العمال في العراق كطبقة موحدة ضروري جدا. وعلينا نحن الاشتراكيين العمل من اجل جعل فعاليات كل سنة من الاول من ايار يوما لتقوية ونشر الوعي الطبقي العمالي والتضامن الاممي بين العمال. ان حضور العمال كطبقة في يوم واحد فقط تزرع الخوف في قلب كل برجوازي ورأسمالي، واذا أستمر حضورهم بهذا الوعي الطبقي سيقلعون الرأسمالية من جذورها ويتبنون عالما بيدهم عالم الحرية والمساواة والسعادة للانسانية. وان حضور العمال كطبقة سيسحب البساط من تحت اقدام القوميين والطائفيين ومصاصي الدماء وسينهي خداعهم للطبقات المحرومة من وراء سياساتهم اللاانسانية. وان حضور العمال كطبقة ستشرق شمس تحرر البشرية من نير استغلال الانسان للانسان، شمس تحرر المجتمع من الطبقات..