توسيع التجمعات العمالية العامة.. طريق من اجل تنظيم الطبقة العاملة


عادل احمد
2016 / 4 / 3 - 21:58     

تحدثت في مقالاتي السابقة عن التنظيم العمالي الحزبي المتمثل بتشكيل وتوسيع الخلايا الحزبية والجماهيرية والمتمثل بالتنظيم المجالسي. وان نقطة الشروع في العمل الحزبي والعمل الجماهيري يكمن في معرفة الواقع الموضوعي لحالة حركة الطبقة العاملة في العراق في الوقت الحاضر. ان من لا يعرف تشخيصات الحالة التنظيمية الحالية للطبقة العاملة لا يمكن ان يطرح الشكل التنظيمي المناسب لعموم الحركة العمالية من اجل النهوض بالاداء الطبقي في الاوضاع الراهنة. ان القاء نظرة شاملة على الحركة العمالية في العراق يبين بوضوح المستوى والشكل البدائي لتنظيم الاحتجاجات والاضرابات العمالية، ويبين ايضا دور الوعي العمالي الضعيف للعنصر الفعال داخل حركة الطبقة العاملة. ان ألقاء نظرة على احتجاجات واعتصامات عمال وزارة الصناعة لفترة من الزمن في العام المنصرم، وكذلك تظاهرات واحتجاجات عمال شركة نفط الجنوب وعمال الموانيء في البصرة وعمال بعض القطاعات والشركات الحكومية في العراق، نرى بأن مستوى تنظيمهم واساس حركتهم يعتمد على نوع بدائي وتقليدي لشكل التنظيم وهو "تجمعات عامة" للعمال. هذه "التجمعات العامة" هي الشكل الاولي والفعال لتجميع العمال من اجل مطاليب معينة. ان التجمع العام للعمال هي حصيلة عمل المحافل والحلقات والقادة العماليين المحليين في مكان العمل، والتي بامكانها التاثير على بقية العمال من اجل الشروع بعمل معين ومن اجل مطلب معين.
ان الطبقة العاملة العراقية مرت بفترات زمنية وتاريخية عديدة وتأثرت هذه الطبقة من الناحية السياسية والتنظيمية بظروف هذه الفترات والاوضاع المحلية والاقليمية والعالمية ايضا. في بداية تكوينها اعتمدت على الشكل التنظيم الصنفي والحرفي ومن ثم التنظيم النقابي تحت تأثير التيار البرجوازي الاصلاحي "الحزب الشيوعي العراقي"، وبلغ هذا التنظيم النقابي قوة أعتمدت عليها الحركات الاجتماعية المختلفة في صراعاتها، ولكن مع مجئ حزب البعث للسلطة واشراك ممثل التيار الاصلاحي في سلطته، تمكن من اجهاض الحركة النقابية وتحويلها الى اداة بيد البعث في قمع معارضيه من العمال والحركة العمالية، وأدى الى هروب اهم قادتها الميدانيين والمعروفين على مستوى العام للحركة من امثال حكمت كوتاني واخرين.
وبعد انهيار السلطة البعثية بيد امريكا واحتلال العراق وتسليم السلطة للاحزاب الدينية والطائفية ووضعها على هرم السلطة، تراجعت الطبقة العاملة في العراق من الناحية السياسية والتنظيمية بشكل دراماتيكي وتراجع دورها في المسرح السياسي. وهذا اثر بشكل سلبي على الاشكال التنظيمية التي تمتعت بها الطبقة العاملة طوال تاريخها. وعندما همت بالخروج من العزلة لتطالب بحقوقها جراء الاوضاع المزرية، لم تجد غير الشكل البدائي وهي "تجمعات عمالية عامة" لتطرح مطاليبها والدفاع عن نفسها ووجودها، ولم تجد غير هذا الشكل التنظيمي على الرغم من تشكيل كيانات عمالية مختلفة بعيدا عن الاحتجاجات العمالية. ان العمل من اجل التنظيم العمالي يجب ان يبدأ من النقطة التي بدا بها العمال انفسهم وهي حال مستوى تنظيمهم.
ان التجمع العام للعمال هو الشكل البدائي الأنسب والمؤثر للاحتجاجات العمالية في زمن معين ومن اجل مطلب معين، ولكن بقائه في نطاق محلي ومرحلي لا يؤثر على سير مجمل الحركة العمالية في الوقت الراهن. ومن اجل النهوض بالحركة العمالية نحتاج الى التنظيم الاوسع من التجمعات العامة مثل التنظيم المجالسي، والتي بأمكانه ان يربط جميع القطاعات العمالية وجميع صنوف العمال من الصناعيين والزراعيين الى العمال المتفرقين وعمال البناء والمطاعم والخدمات وغيرهم.. بألية مشتركة وهي انتخاب الممثلين عن طريق اقتراع عام الى الهيئات الاعلى.
ان التنظيم المجالسي بأمكانه ربط جميع العمال من جميع الصنوف وبهيئات متنوعة ومختلفة ويكون بشكل مباشر. بحث اذا قام عمال قطاع ما بأضراب فان جميع العمال في بقية القطاعات سيكون لهم علم بهذا الاضراب، وبأمكانهم المساندة او التضامن اذا كان المطلب فئوي أو القيام بتوسيع الاضراب اذا كان المطلب جماهيري وعام يخص الطبقة العاملية بأجمعها. ان التنظيم الحالي "تجمعات عمالية عامة" لا يمكن ان يأخذ هذا الدور مثل ما يقوم به التنظيم المجالسي، والتنظيم المجالسي ايضا لا يمكن ان يبدأ اذا لم يكن هناك "تجمع عمالي عام" في أماكن العمل. ومن هنا يتوضح اهمية هذه التجمعات العمالية العامة في تشكيل المجالس العمالية، ويجب ان يتم البدأ من النقطة التي بدأ بها العمال في الوقت الحاضر، اي نبدأ بتنظيم اوسع لهذه التجمعات العامة ونركز على افقها السياسي والتنظيمي ونوضح جوانبها واهميتها وضرورتها والتعرف على قادتها الميدانيين، ومستوى وعي قادتها وربطهم مع بقية القيادات لتبادل الخبرات مع بعضهم البعض، والاتفاق على العمل المشترك من اجل توسيع التجمعات العامة في جميع اماكن عمل وسكن العمال، وهذا بدوره ينشط عنصر الوعي بين العمال ويقوم بأبراز طليعتهم لتشكيل المجالس العمالية.
خلاصة القول هي ان نبدأ بواقع حال الطبقة العاملة في العراق وشكلها التنظيم الحالي وهو "تجمعات عمالية عامة" كما رأينا في كل الأحتجاجات في الوقت الحاضر، وان نوسع هذا الشكل التنظيمي وافقه السياسي والعمل بينهم من اجل الارتقاء بالوعي السياسي والتنظيمي في صفوفهم، والعمل من اجل ابراز اهم قادتهم الميدانيين والناشطين، والتركيز على رفع وعيهم الطبقي والعمالي في كل المناسبات، وخلق الارضية المناسبة والطبيعية لتجمع هؤلاء القادة مع بعضهم والقيام بتبادل الخبرة والنضال المشترك، بعدها تكون الخطوة التالية وهي تشكيل المجالسية العمالية والجماهيرية. ومن هنا يمكن تنظيم طليعتهم من الشيوعيين في الخلايا الحزبية والهيئات القيادية.