حان وقت الافق العمالي!


عادل احمد
2016 / 2 / 8 - 00:59     

هناك تيارين رئيسيين في الساحة السياسية العراقية وهما التيار الاسلامي بشقيه السني والشيعي، والتيار القومي بشقيه العربي والكردي. ان هذين التيارين لعبا دورا مهما في الحياة السياسية في العراق طوال النصف قرن المنصرم وتركا بصماتهما على مصير حياة ملايين العراقيين وفي نواحي عديدة اجتماعية وسياسية واقتصادية. في العقدين الاخيرين مزج التيار القومي العروبي مع الاسلام السياسي السني في عهد النظام البعثي، وتلاقت مصالحهما بعد انهيار العالم ثنائي القطب وتحولت الايدولوجية الاسلامية كراية للقومية الملتانتية بالضد من تدخل الغرب وامريكا في منطقة الشرق الاوسط. وبأسقاط النظام القومي البعثي من قبل امريكا ودول الغرب عام 2003 وبروز دور تيار الاسلامي الشيعي وقبضته على السلطة بجانب قوات الاحتلال الامريكي، وكذلك بروز دور التيار القومي الكردي في كردستان العراق، حصل تغييرا سياسيا جديا في معادلات القوة والسلطة وتغييرا في توازن المعادلات السياسية في منطقة الشرق الاوسط. وان هذه التغييرات جعلت من الدولتين الرئيسيتين وهما السعودية والعراق ان تلعبا دورا محوريا في اكثرية المناطق وبؤر النزاع في الشرق الاوسط، وكل واحد منهما يحاول جاهدا ان يكون لها الدور الرئيسي في ترسيخ افاقه السياسية والاقتصادية.
بعد اكثر من عقد من الزمن من حكم تيار الاسلام السياسي الشيعي في الوسط والجنوب والتيار القومي الكردي في كردستان وتهميش دور التيار الاسلامي السني والقومي في السلطة، والذي بدء بالتحالف مع تيار الاسلام الملتانتي امثال القاعدة وداعش بمساعدة دول الخليج وتركيا ونزاعاته من اجل استرجاع مكانته السياسية والاقتصادية، جعلت المجتمع العراقي مسرحا لحسم الصراعات السياسية ومصالح الفئات المختلفة للبرجوازية العراقية. ان تاريخ هذا العقد من الزمن كان تاريخ نزاعات البرجوازية بمختلف تلاوينها لرسم ملامح المجتمع العراقي، وأغرقه في مستنقع الصراعات الطائفية والقومية وممارسة ابشع الاساليب واللعب السياسية بحق الاخرين، وجعل العراق جحيما يحرق فيها الاخضر واليابس بنار صراعاتهما الرجعية.
في ظل هذه الاوضاع وصل استياء الجماهير عموما والطبقة العاملة والكادحة خصوصا، من سلطة هذه الفئات من تيارات الاسلام السياسي والقومي بكل تلاوينها، الى ذروته. ووصل النقد والسخط الجماهيري على جميع هذه التيارات الى الدرجة التي اصبحت فيها موضع للسخرية ووالتهجم عليها بشكل علني في كل مكان وفي كل ساعة. ووصل النقد الى حد ما الى النهج الفكري للتيار الاسلامي والقومي واظهار حقائق سياسية وفكرية في ميادين عديدة. ان هذا السخط والاستياء وهذا النقد والسخرية اتاحت الفرصة ان تلقي بظلالها على انهاء توهم الجماهير بهذه التيارات السياسية والفكرية. اذا كانت قوة هذه التيارات قائمة على اساسين قويين وهما اولا: وهم الجماهير بأفق هذه التيارات وثانيا: قوة مليشاتهم واستبدادها. بما ان توهم الجماهير بهذه التيارات بدأ يتلاشى ولا تستطيع الاستمرار بخداع الجماهير بتلاوينه ومعتقداته، فتبقى سلطة مليشاتها واستبدادها القوة الوحيدة التي بأمكانها ان تعتمد عليها. وان محاولة المواجهة مع قوة هذه المليشيات بدأت تبرز الى العلن يوم بعد يوم عن طريق التظاهرات والاعتصامات العمالية والاحتجاجات الجماهيرية في ساحات المدن والمحافظات. وعلى الرغم من ان قسم من هذه الاحتجاجات عفوية وهي ردة فعل الجماهير لهذه الوضعية الماساوية، فهناك قسم اخر منتظم كما في الاحتجاجات العمالية مثل احتجاجات عمال الصناعات وعمال نفط الجنوب، أن توجيه مسار هذه الاحتجاجات والتظاهرات واستمرارها مرهون بالافق السياسي والفكري لهذه التيارات وهي مهمة التيارات العمالية والحزب الشيوعي العمالي العراقي.
ان مهمة هذه المرحلة بالنسبة للطبقة العاملة والشيوعيين هي توضيح الازمة الفكرية والسياسية للتيارات الاسلامية والقومية بمختلف انواعها، وازالة توهم جماهير بسياسات هذه الاحزاب ومنظماتها وتياراتها المختلفة. وان هذه المهمة هي الاولوية في المرحلة الحالية ويتم ذلك عن طريق النقد الجذري والشيوعي لاسس ومباديء هذه الحركات، وتعرية مصالحها السياسية والاقتصادية الحقيقية وبيان النقد الشيوعي والعمالي لهذه المصالح البرجوازية وتوجيه الجماهير نحو مصالحها الحقيقية والطبقية. ان النقد الفكري والسياسي لهذه التيارات في المجتمع يتم عن طريق الاصدارات والجرائد السياسية ونشرها في كل مكان بشكل منتظم، وكذلك عن طريق الندوات والسمنارات السياسية في كل مكان وفي جميع المجالات الممكنة وعن طريق رفاقنا ذوو الخبرة في مجال الدعاية والتحريض، والاستفادة من القنوات والفضائيات التي لها نفس التوجه النقدي لهذه الاوضاع. ان خلق اجواء النقد السياسي والفكري والجذري للتيارات الاسلامية والقومية، يؤدي الى توجيه مزاج المجتمع الى العمل السياسي والاجتماعي. وهذا بدوره ينبت نواة الاصطفاف والعمل الجماهيري والتنظيمي.
وان مهمة الثانية لهذه المرحلة هي العمل لانشاء قوة جماهيرية تواجه استبداد ميليشيات الاحزاب والتيارات الاسلامية والقومية في جميع مناطق سكن العمال والكادحين. وانشاء قوة جماهيرية لتنظيم الاحتجاجات والتظاهرات يتم بمختلف الطرق، تشكيل وتفعيل الخلايا الحزبية، تشكيل لجان عمالية مختلفة، تشكيل لجان الاحتجاجات المختلفة في المدارس والجامعات والمصانع والشركات، تشكيل منتديات والمنابر السياسية للادباء والفنانين، تشكيل منظمات للعاطلين عن العمل، تشكيل مجاميع وفرق مختلفة لاصحاب المهن والدخل الضعيف، تشكيل منظمات ذو توجه علماني و..الخ.
ان تعريف هذه المرحلة من النضال السياسي والطبقي هي مهمة جدية للشيوعية العمالية. وان طرح البديل السياسي والعملي في ضوء هذه الاوضاع هي التي بامكانها تغيير الوضع الحالي. بما ان البرجوازية غارقة في الازمة السياسية والاقتصادية والفكرية، فأن الطرح العملي الممكن كبديل لهذه الاوضاع هو سيكون قارب النجاة لانقاذ المجتمع.