دور المعارضة العمالية


عادل احمد
2015 / 11 / 22 - 20:26     

ان النظرة الى الانسان العامل او الطبقة العاملة وتعريفها بطبقة فقيرة ومحرومة في المجتمع، لا تعطي الصورة والمكانة الموضوعية والاجتماعية الصحيحة لموقعية العامل في المجتمع. ليس بالضرورة ان تكون الطبقة العاملة افقر شريحة في المجتمع، فهناك شرائح مختلفة في المجتمع تعاني الفقر والحرمان اكثر من العمال. وهناك ايضا الطبقة العاملة تمتلك مكانة اقتصادية عالية مقارنة بشرائح اخرى وخاصة في الدول الصناعية والمتطورة في الغرب، او حتى في بعض الدول الغنية بالنفط والمعادن في الشرق وافريقيا وامريكا اللاتينية. عليه ان تعريف العامل ومكانته لا يأتي بسبب فقره وجوعه، بل بمكانته الاجتماعية والطبقية الرئيسية في النظام الرأسمالي.
ان اليسار اللاعمالي ينظر الى العمال لا كطبقة رئيسية قادرة على حل التناقضات الطبقية والتغير الجذري في المجتمع الرأسمالي، بل كطبقة فقيرة وتستحق الدفاع عنها والدفاع عن مستوى معيشتها. وان هذه النظرة لها جذورها السياسية والاقتصادية. وهي نظرة الطبقات الاخرى وخاصة البرجوازية الصغيرة لمكانة العامل واستخدامه في المصلحة والمنافع الاقتصادية للبرجوازي الصغير والمثقفين والمتعلمين البرجوازيين. وفي السياسة الدليل اكثر وضوحا فهي من أجل كسب اصوات العمال لبرنامجهم الانتخابي او السياسي. في المجتمع. اي ان التحدث بأسم العامل والدفاع عن قسم من المطالب العمالية تاتي كصفة وتعبيرا عن الشغف والرفقة بالانسان العامل. لم ينظر ماركس ابدا الى الطبقة العاملة كطبقة فقيرة وتستحق ان تعيش مثل البقية في المجتمع. بل نظرته الى العامل والطبقة العاملة جاء من الموقعية الطبقية والقدرة الطبقية للطبقة العاملة في انهاء استغلال الانسان بيد الانسان الى الابد. وان هذه الموقعية والقدرة، ليست فقط سياسية وانما اقتصادية واجتماعية وتحديدا كأحد الطبقات الرئيسية والمهمة في علاقات الانتاج الرأسمالي. وان هذه المكانة الاقتصادية المهمة للمنتج الاصلي في المجتمع يبرز دورها السياسي الاصلي في تغييرالمجتمع ايضا. ان الطبقة العاملة لا تحتاج الى العطف والشغف من الطبقات الاخرى لكي يتحسن وضعها الاقتصادي والمعيشي، بل كطبقة تتمتع لهذه الميزة بأن تأخذ الدور القيادي في كل الاصلاحات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. ليس هذا فحسب بل وحتى تتمتع بالمكانة التي تأخذ على عاتقها استكمال مسيرة الديمقراطية البرجوازية والتي عجزت عن أكمالها وتحقيقها الطبقة البرجوازية نفسها في اماكن عديدة من العالم.
ان الطبقة المعارضة الرئيسية في المجتمع البرجوازي هي الطبقة العاملة. وان معارضة بقية الطبقات للمجتمع البرجوازي لا تخرج من نطاق الاصلاحات وتجميل النظام الراسمالي البشع والجشع. ان العمال معارضين للنظام الرأسمالي من الالف الى الياء، ولكن في كل خطوة من معارضتهم تأخذ بنظر الاعتبار قدرتهم السياسية والتنظيمية لفرض الاصلاحات والمطالب على البرجوازية. واذا نظرنا اليوم الى الوضع في العراق، نرى بأن بجانب العمال هناك شرائح مختلفة تعارض الحكومة وسياسات الاحزاب المتحالفة معها، ولكن اذا نظرنا بدقة الى هذه الاعتراضات والاحتجاجات الجماهيرية نرى بأن النواة القوية لهذه الاحتجاجات ليس الطبقة العاملة بل هي الطبقات المحرومة. ولهذا نرى بأن هذه الاحتجاجات لا ترتكز على قوة فاعلة رئيسية وانما ترتكز على قوة هامشية وبامكانها ان تتلاشى مع بعض الاصلاحات الطفيفة. ان ضعف المعارضة للوضع القائم في العراق على الرغم من وجود الفساد والارهاب والقتل الطائفي وحرمان اكثرية المجتمع من مقومات مصادر الثروة في العراق، تكمن في وجود معارضة عمالية ضعيفة والتي هي بالاصل المعارضة الرئيسية للوضع القائم.
ان جذب الانتباه في رأي المجتمع بأكمله نحو المعارضة الرئيسية وهي معارضة الطبقة العاملة هي مهمة الطبقة العاملة نفسها او ممثلها السياسي، الحزب الشيوعي العمالي بالدرجة الاولى ومن ثم القيام بخطوات عملية لبيان هذه القدرة وجذب بقية الشرائح المحرومة نحو برنامجها السياسي والاقتصادي. ان تكثيف الادبيات الحزبية والصحف العمالية وتوزيعها بين اوساط العمالية هي خطوة مهمة بهذا الاتجاه. وان نشر اخبار الاعتراضات والاحتجاجات العمالية بشكل واسع وظهور قياديين عماليين في التجمعات والاحتجاجات ووصول اصواتهم في القنوات المرئية والمسموعة والصحف الى المجتمع هي ايضا خطوة مهمة بأن تبرز دور المعارض الرئيسي وافاقه في المجتمع.
ان مهمة الشيوعيين العماليين في العراق هي عبارة عن بيان الحقيقة، بأن فقط بأستطاعة الطبقة العاملة وعن طريق نضالاتها السياسية بالأمكان اصلاح وانقاذ المجتمع من مستنقع السياسات الطائفية والقومية للاحزاب البرجوازية والاسلامية في العراق. وان اظهار هذه القدرة في الميدان العملي وبشكل يومي، هي مهمة سياسية واحد الجوانب المهمة في النضال الشيوعي. على جرائدنا الحزبية والعمالية ان تركز على دور ومهام الطبقة العاملة وافاقها في كل خطوة تقوم بها. ان كثرة الاهتمام بالمسائل والنضالات العمالية اليومية وابراز بدائلها السياسية في التجمعات والبيانات والجرائد العمالية والشيوعية، مهمة اصلية في الوقت الحاضر. حان الوقت ان نعمل كفريق قوي، وبنظرة ثاقبة الى الامور، وبعيدا عن النزعة الحلقية الضيقة واللااجتماعية، وبروح التحزب العالي والاجتماعي، ومن قوة الايمان بقدرة الطبقة العاملة على قلب النظام الرأسمالي. ان كل هذه الامور هي خطوات مهمة من اجل استرجاع الدور العمالي في كل التغيرات الواردة في المجتمع.