رفيق الدرب الإعلامي النقابي الفلسطيني عاطف سعد رحلت عنّا بدون إنذار


جهاد عقل
2015 / 8 / 10 - 22:21     





- كان ذلك يوم الخميس 30 تموز ، يوماً تلتهب فيه حرارة الشمس في الخارج ، وبدوري واصلت جلسة عمل نقابيه تحمل في بنودها العديد من الهموم والقضايا الملتهبة كلهيب الشمس الحارقه خارج القاعة ، وبين بند وبند تذكرت أنني لم أتحدث أو ألتق منذ فترة طويله رفيق وصديق عزيز على قلبي ، وإتصالها الوحيد هو متابعة أخبار بَعضُنَا البعض عبر وسيلة التواصل الإجتماعي . فقررت أنني سأُبادر في المساء للحديث معه عبر الهاتف ، والمقصود الإعلامي والنقابي الفلسطيني رفيق الدرب عاطف سعد .

أنهيت الجلسة وأعددت جزء من تبعاتها وأخذني الوقت ، فهناك إلتزامات عديده وقبل سفري دخلت صفحتي على "الفيس" فقرأت وبشغف ما كتبه عن زيارته للأرض تحت عَنْوَان "عِتاب غَزاله" ، ونقل من خلاله حواره بل مع شجرة التين وشجيرة الصبّار أو الصَّبر كما كتب، وشاهدت صور الثمار التي قطفها ، فرحت كثيراً رغم العتاب الذي تلقاه من "غزاله" وأشجارها، وكان سر فرحي يكمن في قصة مشتركة لنا وهي العودة للأرض والأشجار والزراعة رغم إنشغالنا في هموم الحياة وقضايا العمال والنضال اليومي في هذا المجال... فقلت لنفسي "صحتين رفيق عاطف على الصبر والتين والعنب ، خاصة وأنني أهملت قضية الزراعة هذا الصيف وضميري يؤنبني على هذا الإهمال للأرض في "الخارجه" واتوقع ان ينتظرني "عتاب " وتعنيف منها لا يقل تعنيفاً عمّا تلقاه رفيقي عاطف سعد.

لكن فرحة صديقي ورفيقي عاطف سعد لم تكتمل ، حيث ألمّت بٍه نوبة قلبية بعد عودته إلى البيت بقليل ، لم تمهله طويلاً ، وعندما قرأت أول خبر عن وفاته ، لم أُصدق أنَّه غادرنا ، حاولت التأكد من صحة هذا الخبر اللعين، ولم أحصل على جواب مباشر إلا عندما تم نشر نعي رسمي من قبل رفاقي في حزب الشعب ورفاقي في الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين ..فبكيت ...نعم كان فراق مفاجئ لرفيق درب في المجالين الإعلامي والنقابي.

رَحَلت رفيقي العزيز ونحن نحمل العديد من الأحلام لمواضيع تداولناها معاً في لقاءاتنا ، ومنها أرشفة تاريخ الحركة النقابية الفلسطينية ، وهذا المشوار بدأناه ومن ثم واصلت جزء منه أنت، رَحيلك أعاد لي ذكريات عديده تداولنا البعض منها ، كفترة إعتقالك لمدة عشر سنوات من قبل قوات الإحتلال ، نضالك في الجامعة ، كطالب شيوعي عَرِفَ كيف يحصل على تأييد طلاب الجامعة ، ولا أنسى ذلك اليوم الذي قمت والعائلة ومعكم الوالدة رحمها الله بزيارتنا في بيتنا ببلدي عرعرة ، والفرحة التي طغت على ذلك اللقاء بعد فترة الحصار الطويل الذي عشته والعائلة ، والذكريات النضالية التي إستمعنا لها من الوالدة رحمها الله والتي تحمل العديد من المواقف النضالية للأم الفلسطينية من أجل إنهاء الإحتلال.

رَحَلت رفيقي ولم يتسنى لنا أن نلتقي ونتجاذب أطراف الحديث حول آخر كتاب قرأته أنتَ أو قرأته أنا فكان ذلك حديث دائم ننقل فيه المعلومات تلك الكُتب ،لكنك كنت تتابع ما أكتبه وبإختصار عن آخر ما قرأت وأنا كذلك ، وفي بعض الحالات تبحث عن الكتاب الذي قرأته وأنا عن الكتاب الذي قرأته أنت، مع من سأتحاور و"أنافس" موضوع المُطالعه بعد رحيلك رفيقي؟؟؟

لن أنسى لُطف حديثك ولُطفَ نقاشك ، ومهنيتك التي يشهد لها الجميع في تحرير الخبر الصحفي وكتابة التقرير الصحفي ، تابعت فترة تحريرك لصحيفة الإتحاد العام لنقابات عمال فلسطين "صوت العامل"، حيث كنت تُمَحٍص وتُدَقِق في كل خبر وكل معلومة لتنقل أفضل ما يكون من معلومات مهنية وإخبارية للطبقة العاملة الفلسطينية ، كيف لا وأنتَ من تخرج من بيت صحيفة "الطليعة" التي كان لكَ فيها دور هام خلال فترة عملك هناك، ولا أنسى دورك في نقل هموم الشعب الفلسطيني ومعاناته وأنت تعمل كمراسل لوكالة "رويتر" للأنباء ، حيث لعبت دور الصحفي البارع في نقل الخبر والتقرير بأمانه صحفية جعلت قراء الوكالة يكيلون لك المديح والتقدير.

لم تترك مهنتك التي أحببتها وجعلتنا نستمتع كل يوم بما نقلته لنا عبر صفحتك على الفيسبوك من خواطر وأخبار وصور ، حتى قبل ان تغادرنا بلحظات كتبت رائعتك " عتاب غزاله" والتي تنقل فيها شوقك للأرض للشجر للحياة التي أحببتها وعِشتها رغم ما عانيت في غياهب السجن وضيق الحياة ، ولم تفقد الأمل بالمستقبل ، كنت الزوج المُحِب والأب الحنون لم تتوانى عن تطبيق ما آمنتَ به من مبادئ المساواة والديمقراطية ليس فقط في بيتك الصغير بل وفي بيتك الواسع وطنك فلسطين.