الحكومة التونسية تقرر خصم أيام الاضراب من العاملين: اعتداء على الحق بالإضراب


جهاد عقل
2015 / 6 / 22 - 08:30     

*حسين العباسي الأمين العام لاتحاد الشغل التونسي:" إن الخصم يعتبر خرقًا أحادي الجانب لاتفاق مع الحكومة، وعليه قررنا التوجه للقضاء

*الحكومة تتهم الشغّالين الذين أضربوا بالارهاب


قرار رئيس الحكومة التونسية الحبيب الصيد القاضي بالخصم من اجور العاملين المضربين، أثار الغضب الشديد في الأوساط النقابية وخاصة لدى الاتحاد التونسي للشغل وأمينه العام النقابي حسين العباسي الذي اعتبر قرار الخصم وزملاءه النقابيين سياسة ترهيبية هدفها ارباك الشغالين وتخويفهم من المطالبة بحقوقهم التي يستحقونها.
ووفق القرار إياه قام العديد من الوزارات بالخصم من رواتب العاملين الذين قاموا باستعمال وسيلتهم النضاليه الا وهي الاضراب، وقد استفزّ هذا القرار الحركة النقابية التي "اعتبرته خرقا واضحا لما تم الاتفاق عليه بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل بشأن خصم ايام الاضراب من عدمه مؤكدة ان هذا الاجراء من شأنه ان يعمق أزمة الطبقة الشغيلة بمزيد امتصاص رواتبها بصيغ وبأساليب تصب كلها في خانة افلاس جيب المواطن وتدميره". وفق البيان الذي أصدره العباسي ونشرته وسائل الاعلام التونسية.
كما قامت النقابات بالتحرك المشترك ضد هذا الاجراء معتبرين اياه قرارا تعسفيا يضرب في العمق الحق النقابي. وفي البيان المُشار إليه للنقابي حسين العباسي بهذا الخصوص جاء: "إن الخصم الذي عمدت إليه بعض الوزارات من أجور الشغّالين بعنوان الاقتطاع من الأجر عن أيام الإضرابات هو تصرف أحادي الجانب يخرق اتفاقًا بين الاتحاد والحكومة تم على اثره تشكيل لجنة مشتركة للنظر في هذا الأمر، علاوة على طابعه السياسي العقابي المتشفي في هذا الظرف الاجتماعي والمعيشي المخصوص." وجاء في البيان أيضًا: "إنّ رَد كل المشاكل التي تواجهها الحكومة الى الاحتجاجات الاجتماعية هو إدعاء مبالغ فيه لا يهدف إلا الى التغطية على المشاكل الحقيقية والهيكلية المرتبطة أساسًا بالخيارات الاقتصادية الليبرالية والتي يسعى البعض إلى إعادة إنتاجها وفرضها على التونسيين رغم أنها أثبتت فشلها."
لكننا نرى أنّ أخطر ما يحمله هذا الهجوم الحكومي على حقوق الشغيلة ونقاباتهم في تونس هو محاولة اتهام العاملين ممن إستعملوا حقهم في الاضراب بأن من يقف خلفهم هي "قوى إرهابيه" ويحق لنا أن نتساءل وبغضب شديد هل استعمال الحق بالإضراب أصبح "إرهاب"؟!
للتأكيد على ذلك الاتهام قرأنا في بيان الاتحاد العام للشغل والموقّع من قِبل الأمين العام حسين العباسي ما يلي:" إنّ اعتبار بعض الإضرابات يتم الدفع لها من قبل إرهابيين، هو إتهام خطير وغير مسبوق يُسيء الى الشغّالين والى العمل النقابي ويتعدى على حق دستوري أصبح البعض يسوّيه جورًا بالعمل الإرهابي، وهو أمر لا يُمكن السكوتُ عليه تحت أي طائل." (من بيان الاتحاد 20.6.2015).
إن مثل هذا الاتهام هو بحد ذاته اعتداء بشع على حق الحركة النقابية التونسية بالقيام بتنفيذ إضرابات للشغالين والموظفين التونسيين في النضال من أجل تحقيق مطالب لهم، ولا يُعقل أن تقوم حكومة بتوجيه مثل هذا الاتهام التحريضي، أي اضفاء صبغة "الاارهاب" على حق نضالي وحيد يملكه العاملون ونقاباتهم. ولذلك نرى في مِثل هذا الاتهام محاولة خطيرة للتحريض على العاملين وحركتهم النقابية، وقرار الاتحاد التونسي للشغل بالتوجه للقضاء من أجل إعادة الأجور التي خُصمت من رواتب العاملين على مختلف مهنهم، قرار هام، والدعوة التي أصدرها النقابي العباسي أيضًا الى الحكومة بأن تلتزم بالاتفاق القائم وأن تعطى فرصة للجنة التي تم تشكيلها تؤكد أن الاتحاد التونسي للشغل يلتزم بالاتفاقيات لكن من يتنكر لها الحكومة. ونأمل أن يجد آذانا صاغية لدى الحكومة وفي حال مواصلتها التغاضي عن هذا النداء قد تتدهور علاقات العمل حتى الاضراب العام وهو حق أساس للحركة النقابية، الامر الذي سيؤدي الى إلحاق أضرار كبيرة في الاقتصاد التونسي هذا من جهة والى توتر العلاقات وخلق أزمة ثقة ما بين الحركة النقابية والحكومة. وللتأكيد على ذلك فقد حذرت الحركة النقابية التونسية بهذا الخصوص في وسائل الاعلام (الشروق) قائلة: "ستكون تبعات التحرك الاحتجاجي المشترك بين مختلف النقابات خطيرة قد تشهده الأيام القليلة القادمة تنديدا بقرار رئيس الحكومة الحبيب الصيد الاقتطاع من رواتب المضربين الذي أثار حفيظة الطبقة الشغيلة التي أطلقت صيحة فزع ضد ما اعتبرته عملية سطو ممنهج على رواتبهم في وقت كان من الأجدر على الحكومة ان تبحث فيه عن السبل الكفيلة لتجاوز الخلاف القائم بينها وبين الاجراء واذابة الجليد قبل ان تزيد الاوضاع توترا في وقت نحن في امس الحاجة فيه للتهدئة والاستقرار الاقتصادي والاجتماعي."