فاتح ماي مكسب عمالي لا تحق المتاجرة به !!


حميد طولست
2015 / 5 / 4 - 23:26     

فاتح ماي مكسب عمالي لا تحق المتاجرة به !!
لاشك أن الفهم خان الكثير من المتتبعين للشأن السياسي والنقابي في المغرب ، ولم يستوعب مثلي ، لماذا قاطعت بعض النقابات المحسوبة على المعارضة احتفالات فاتح ماي لهذه السنة وفي مثل هذه الظروف المتوترة والمزدحمة بالمشاكل البنيوية التي يعرفها العامل المغربي في كل مناحي حياته الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ؟ وكل يعلم أنه ليس من حقها أن تفعل ذلك المكتسب العمالي الصرف ، والتي تعد المناسبة والوسيلة الوحيدة لاحتجاج الطبقة العاملة على السلوك اللاديمقراطي للحكومة والتنديد بفضح عجزها ووزرائها عن تقديم أي إجابة أو حلول لمعضلة الاحتقان الشعبي والاجتماع الكبيرين المتمثلين في معضلة غلاء المعيشة ومعضلة التشغيل ، فلماذا الإصرار على التعامل مع قضية مصيرية بمبررات الواهية ، لا تخدم الطبقة العاملة ، ولا تحقق لها العيش الكريم والغد السعيد ، لا من قريب ولا من بعيد ، كمعاقبة الحكومة بمقاطعة تظاهرات "فاتح ماي" الذي أن فاتح ماي ليس مكسبا حكوميا تُعاقب به الحكومة ، أو يُتفاوض عليه معها ، إنه مكسب عمالي تحقق بفضل نضالات العمال المريرة.
فإذا كانت نضاليات النقابات جادة في الدفاع عن الطبقة العاملة ، إخضاع الحكومة لمطالبهم المصيرية العادلة والمشروعة ، وليست لها غايات أخرى غير ذلك ، لاتخذت سبلا أنجع وأفيد وأسرع ، وهي كثيرة ومتوفرة ، وعلى رأسها الانسحاب من الغرفة الثانية -كما فعلت إحدى النقابات ، أيام النضال الحقيقي – والانسحاب من المجالس العليا الاستشارية كالمجلس الأعلى للتعليم ، واللجنة الوطنية لإصلاح أنظمة التقاعد ، ومؤسسات تسيير "الكنوبس" والسنيسيس" و التعاضديات ومؤسسات الأعمال الاجتماعية ، وأن تقاطع انتخابات اللجان الثنائية القادمة، وأنداك سيفلت زمام الأمور من يد رئيس الحكومة ، ويضطر للجلوس إلى طاولة المفاوضات وتلبية جميع المطالب العمالية هذا كانت هذه الحركة البهلوانية ترمي فعلا إلى تنظيم المجتمع على نحو يجعل الثروات الناتجة عن كدهم المشترك، وتنفع كل الذين يعملون وليس حفنة الأغنياء ، الذين لا يهمهم أمر الطبقة العاملة المغبونة وما تعيشه من شقاء تعدى حدوده القصوى ، والذين لا يكترثون لما يعانونه من غبن وحيف وتكالب الظروف المعيشية المزرية ، كما هو حال عمال شركة "سيتي باص" للنقل الذين تأمرت عليهم النقابات الصفراء المتخاذلة ، وتكالبت عليهم الباطرونة الجشعة .
هذه الفئة التي ما أظن أن السادة أصحاب قرار مقاطعة التظاهر الكارثي والمقزز إلى حدود الغثيان ، قد فكروا كيف تعيش عائلاتهم من دون دخل ، ليس لمدة شهر أو شهرين ، بل مند حرمان معيليهم من أجورهم بعد الفصل عن العمل – قبل سنوات - رغم أن أكثريتهم كانوا عمالية مناضلين ، بل وقادة نقابيين ، لكنهم بيعوا بأرخص الأثمان في سوق نخاسة النقابات المنحازة للحكومة وأصحاب الأعمال وبيروقراطيتهم المتعفنة ، جزاء على تحديهم لأنظمتها ، ورغبة في تركيعهم وإحباط نضالياتهم المشروعة التي استمرت - رغم الظروف القاسية ، في كل جبهات النضال والاحتجاج - لسنوات ، يقوي من عزيمتها ، إيمانهم بحقهم في العمل والأجر العادل والمساواة بين جميع العاملين ، وبحقهم في الدفاع عن حق أبنائهم في العيش الكريم والغد الأفضل .
لهؤلاء أقول : ما أضعف من حرمكم من مكتسبكم "فاتح الذي"، أمام قوة عزيمتكم ، وصلابتكم تجاه ما تتعرضون له ، والذي عزاؤكم فيه ، صمود مناضليكم الحقيقيين أمام فساد وتعسف كل الجهات ، وإصرارهم على مقاومة ظلم الفصل دون وجه حق ، بكل الطرق والوسائل المشروعة ، وعلى رأسها الحرف والكلمة التي حمل أحدهم -"ابا محمد ح" - مسؤولية التعبير عن آلامكم ومحنكم عبرها ، والذي نجح ، حيث فشلت الوسائل الأخرى ، في الكشف عن الكثير من الوجوه الكاذبة ، وفضح زيف النقابات وتآمرها الذي لم يستطع -عبر رحلة سنوات العذاب على طولها –أن يفقده إيمانه بأهمية النضال واستكمال الطريق مع زملائه من أجل العيش والحرية والعدالة الاجتماعية.
حميد طولست [email protected]