حول فن الدعاية


عادل احمد
2015 / 4 / 13 - 00:04     

على ضوء تطور عالم التقنيات والتكنلوجيا، وكذلك ظهور شبكات التواصل الاجتماعية في العالم مثل فيسبوك والتويتر والهاشتاغ واليوتيوب وغيرها من الشبكات المتنوعة للاتصالات، وبيان الوقائع والصور وانتشارها في جميع ارجاء العالم بشكل واسع، اصبح عالمنا اليوم اصغر من ذي قبل من حيث تلقي المعلومات ومعرفة ما يجري على كوكبنا، وكذلك السرعة الفائقة التي يمكن بها مشاهدة الأحداث فورا وبشكل مباشر او دقائق بعد حدوثها. ان هذا التطور في التقنيات والتكنولوجيا يصاحبه تطور في فن الذكاء وانشاء مؤسسات عالمية لعملية التأثير على المجتمع في جميع نواحي الحياة.
استطاعت الرأسمالية والبرجوازية العالمية التأثير على شكل حياة ملايين البشر وبيان صورة المجتمع الرأسمالي بأنها خالقة الجنة على الارض، وبيان الوقائع بما يتناسب مع مصلحة الطبقة البرجوازية عن طريق مبدأ "نشر نصف الحقائق واخفاء النصف الاخر"، وان هذه العملية بحد ذاتها هي اكبر كذبة على الاطلاق تقوم بها البرجوازية في عالمنا اليوم. وكذلك استطاعت البرجوازية وعن طريق استعمال هذه التكنولوجيا بأن تصنع من الحقائق والبديهيات بما يتناسب مع مصلحتها، شيئا من محض الخيال بين اوساط الطبقات المحرومة ومن اجل ادامة نظامها الطفيلي. اذن استطاعت البرجوازية تسخير كل التكنولوجيا والمعلوماتية لصالح نظامها ومن اجل خدمة الربح والتراكم الرأسمالي.
بما ان البرجوازية بحد ذاتها نظام طبقي ويحمل في اسس نظامها الصراع والتناقض الطبقي، فأن كل ما تقوم به يعارض ويناقض دائما مصلحة الطرف الاخر اي الطبقة العاملة والجماهير المحرومة. وان هذا التناقض يولد بالضرورة الوعي الاجتماعي انعكاسا للواقع المتناقض للمجتمع. ان الوعي يولد نتيجة صراع الانسان مع محيطه. ومحيط الانسان العامل عبارة عن تناقض بين عمله مع الربح والتراكم الرأسمالي. بما ان العمل الاكثر من قبل العمال لا يجلب الرأسمال اكثر للعمال بل بالعكس يجلب قسوة لهم نتيجة الطمع الرأسمالي من اجل تشديد اكثر للعمل على العامل من اجل ربح اكبر للرأسمالي نفسه. وهذا يزيد من معانات العمال اكثر نتيجة ادخال التكنولوجيا الحديثة وتسريح قسم منهم الى سوق البطالة. ان هذا التناقض في اسلوب الانتاج الرأسمالي، يولد لدى الطبقة العاملة الوعي الطبقي، مهما حاولت البرجوازية اخفاء هذا الطابع للصراع الطبقي والاجتماعي، فلا يمكن خداع العمال على ارض الواقع وفي نفس عملية الانتاج.
من هنا تكمن اهمية فن الدعاية العمالية في الدخول للصراع والتناقض الطبقي للمجتمع. بأمكان الطبقة العاملة بيان صورة اخرى للمجتمع عن طريق اظهار الوقائع الملموسة وبدلائل غير قابلة للنقض وبأشارات واقعية واجتماعية. ان كل الدعاية التي قامت بها الطبقة العاملة طوال تأريخ نضاله كانت تسير بهذا الاتجاه اي فضح الجانب اللا انساني للنظام الرأسمالي. اذا كانت في الفترات السابقة تتم عن طريق كتابة البيانات واصدار الجرائد والمطبوعات العمالية. فأن اليوم وعن طريق تطور التكنولوجيا يمكن استعماله بشكل واسع واكثر تاثيرا على المجتمع. بأمكان فعالي الحركة العمالية والاشتراكية وفعالي الحزب الشيوعي العمالي ان يستفيدوا من التكنولوجيا والشبكات الاجتماعية المتنوعة من اجل الدعاية العمالية والشيوعية. على سبيل المثال بما ان يوجد لدى اكثرية المجتمع في العراق وكردستان اجهزة الهاتف الخلوي وبأمكان فعالينا ان يصور في الحال اي شيء يحدث سواء في مكان العمل او محل سكن العمال. وبامكان تصوير مكان العمل وشروط العمل او حتى قسوة ارباب العمل مع العمال. وبأمكان الصور والفيديو أن تتحدث عن وقائع الحياة اليومية وتتحدث عن تناقض النظام الرأسمالي وعن ماساته ودماره وحروبه وما تخلفه من فقر وجوع... ان اعطاء تقرير مصور وحي وبشكل واقعي يمكنه جلب انتباه المجتمع نحو اصل الصراع في المجتمع الرأسمالي. اذا امكن فتح الصفحات الالكترونية الحزبية وتتم تغذيتها بمقاطع الفيديو المصورة عن حياة ومعيشة العمال وشروط العمل في المصانع والمؤسسات الخدمية، وفضح اساليب ومعاملة خادمي البرجوازية في كل زاوية من زويا المجتمع، بالأمكان تأثير الوقائع على المجتمع والتقليل من خداع مؤسسات الدعاية البرجوازية لقلب الحقائق والنضال الطبقي.
على الحزب الشيوعي العمالي في العراق وكردستان ان يغير من نمط اسلوبه في الدعاية والتحريض. ان الاسلوب التقليدي والاعتماد فقط على المطبوعات لا يجلب انتباه المجتمع بشكل واسع نحو الحقائق. بما ان التغيير طال نمط الحياة واسلوب المعيشة، فيجب ان يتغير نمط عملنا الحزبي في مجال الدعاية والتحريض السياسي ايضا. ان احدى الاشكال المؤثرة في الدعاية في يومنا هذا هو التقرير المصور بما يجري حولنا والذي ينتشر بسرعة مذهلة وبدقائق معدودة في جميع انحاء العالم وعن طريق شبكات التواصل الاجتماعية. فأذا تمكنت البرجوازية من استخدام هذه التكنولوجيا والشبكات لتضليل المجتمع بما يجري من الوقائع. فأن بأمكان الطبقة العاملة وطليعتها الشيوعية العمالية الاستفادة اكثر من هذه التكنولوجيا لدحض الاكاذيب والخداع البرجوازي للدعاية والتحريض السياسي للابقاء على نظامه الدموي والطفيلي. ان تأثير بث شريط مصور حي عن حدث ما بمثابة تأثير عشرات الصحف المطبوعة ويكون في متناول الجميع تقريبا. اذن الاعتماد على اسلوب الدعاية المصورة في يومنا هذا في عملنا الحزبي والشيوعي، هو اكثر جاذبية واكثر تأثيرا على مجرى الامور في نضالنا ضد البرجوازية والنظام الرأسمالي.