قلب الثوري في الاوضاع الراهنة في الشرق الاوسط!


عادل احمد
2015 / 4 / 6 - 10:05     

اثبت التأريخ حتى الان بأن الرأسمالية ونظامها عندما تمر بأزمة اقتصادية، وكونها صاحبة جميع وسائل الانتاج الاجتماعية، يتأثر المجتمع برمته بهذه الازمة ويوجه المجتمع نحو الازمة الاجتماعية والسياسية، وبدورها تتغير طبيعة كافة التوازنات والمعادلات السياسية لعموم الحركات الاجتماعية في المجتمع. ان النظام الرأسمالي يحاول بكل ثقله ان يحول جميع مشاكله وتناقضاته نحو الطبقة العاملة والجماهير المحرومة، ويحاول جاهدا بكل قوة أن تدفع الطبقات المحرومة فواتير تناقضاته ومشاكله وتدفع الثمن. وكذلك اثناء مرور الرأسمالية في الازمة الاقتصادية يستقطب المجتمع الرأسمالي اكثر وبوضوح الى معسكرين مختلفتين ومتناقضتين في مصالحهما. هما الرأسمالية من جهة والطبقة العاملة من جهة اخرى.
رأينا كيف استقطبت المجتمعات الرأسمالية اثناء الحرب العالمية الاولى وتحولت الحركات الاجتماعية المتنوعة الى ذيل هاتين الطبقتين ومن ضمنها الحركات الاشتراكية. ان قسم من الحركة الاشتراكية، خاصة ذلك الجزء الذي يحمل مصالح الطبقات البرجوازية الصغيرة واهدافها يتحول الى الدفاع عن مصالح الطبقة البرجوازية ويكون ذيلا لسياسات البرجوازية، ويطلب من الطبقة العاملة الاستغناء عن النضال الطبقي وان يساند الطبقة البرجوازية كي تعبر بأزمتها الاقتصادية والسياسية بسلام وبدون اضطرابات ومخاوف ثورية. ان هذا الجزء من الاشتراكية الغير عمالية يصاحبه دائما البناء الفوقي والسياسية القومية. اي ان النزعة القومية لهذه الاشتراكية تبرز للعلن اثناء اشتداد الاصطدامات السياسية والاجتماعية للطبقات الرئيسية.
في ظل الازمة الاقتصادية الرأسمالية العالمية منذ نهاية عام 2008 وحتى الان، فقدت الشركات والكارتلات العملاقة اسواقها بأستمرار، تصارعت الكارتلات وعمالقة الصناعة فيما بينهم، حيث انهارت نهائيا قسم منها والقسم الاخر اصبح مثل الحوت الازرق يأكل الصغير والكبير ويعصرها في داخله. ان فقدان الاسواق القديمة لهذه الشركات تفتح ابواب جديدة للصراع واحتلال الاسواق العالمية من جديد. ان هذه العملية تستغرق زمنا وتصاحبها فترة صراعات سياسية جديدة ويصاحبها تغيير في مكانة الحركات الاجتماعية المختلفة لقبول الاوضاع الجديدة والتوازنات الجديدة في ميدان الصراع. ان النزعة القومية برزت بقوة في الوقت الحاضر في منطقة الشرق الاوسط اكثر من اي مكان اخر. بدورهم تحول قسم كبير من الاشتراكيين الغير عماليين الى قوميين وتحت غطاء القومية ينشرون تحليلاتهم وارائهم ونظرياتهم ويدافعون عن النزعة القومية ومصالح البرجوازية بتفسيراتهم السفسطائية. ان ما يفعله هذا القسم من الاشتراكيين الغير عماليين بأتجاهاتهم القومية اليوم. سبقهم ابطال الاممية الثانية اثناء الحرب العالمية الاولى ووقفوا بجانب حكوماتهم البرجوازية ودافعوا عن الرأسمالية اثناء الصراع من اجل اقتسام الغنائم.
ان الاوضاع الحالية شبيهة بأوضاع الحرب العالمية الاولى من حيث الترسيم الجديد للاسواق العالمية وصراع الدول الامبريالية العالمية لتقسيم العالم حسب مصالحهم الطبقية. في ذلك الوقت قاموا بأشعال الحروب اللصوصية مباشرة بين اقطاب الامبريالية في القارة الاوروبية.. واليوم نرى هذا الحرب الغير مباشرة للاقطاب فيما بينهم في المناطق والاسواق الاكثر رواجا وهي منطقة الشرق الاوسط. ان هذه المنطقة اكثر اهمية لتوازنات القوة العالمية ولتجارة واستهلاك البضائع وتبادلها وخاصة في ظل الازمة الاقتصادية العالمية الحالية. ان الفرق الزمني بين تشابه اوضاع الحرب العالمية الاولى والوقت الحاضر هي مئة سنة تماما. ولكن هذا الفرق مصحوبا بمرور البرجوازية العالمية بأكتساب الخبرة والمناورة لابعاد المجتمع عن اي تغير ثوري لنظامها. كما تفعل اليوم لتشويه مسار كل احتجاج اجتماعي الى ازمات سياسية لتفكيك بنية المدنية وتخريب اهم سمات مقومات المجتمع المتحضر. حيث دمرت اهم مقومات المجتمع المدني في كل من سورية وليبيا والعراق واليمن وحاولت ايضا في كل من مصر وتونس ولكن باءت بالفشل، ولكن رسمتها اخيرا بطريقة تقليدية كما فعلت في زمن تغير شاه ايران بنظام الجمهورية الاسلامية.
ان اوضاع اليوم والتي تتصارع فيها الاقطاب العالمية فيما بينها، تحتاج القيادة الاشتراكية حزبا مثل الحزب البلشفي والى قائد مثل لينين لقلب الاوضاع على رؤس البرجوازية نفسها، وان يحول حروبهم وصراعاتهم العالمية الى صراعات محلية في كل منطقة بين الطبقة العاملة والطبقة البرجوازية، وتحويلها ميدانيا للحل والفصل بين اصحاب الصراع الطبقي الاصلي في المجتمع، الاغنياء والفقراء. هذه هي الطريقة الوحيدة لإيقاف نزيف دماء الطبقة العاملة والجماهير المحرومة. على الطبقة العاملة في منطقة الشرق الاوسط ان تستيقظ من سباتها وان تتحول الى قوة ميدانية فعالة في تعبئة المجتمع نحو الصراع الاصلي والطبقي، وهو الصراع بين العامل والبرجوازي في جميع نواحي الحياة. ان البربرية والوحشية التي تمر بها منطقة الشرق الاوسط نتيجة الصراع بين الاقطاب العالمية، يمكن مواجهتها فقط عن طريق حضور الطبقة العاملة بقوة الى حلبة الصراع وقلب الازمة على رؤس الرجوازية نفسها ونظامها الدموي.
اذا تمكنت الطبقة العاملة في العراق او ايران الى قلب الطاولة والصراع البرجوازي الى الصراع الطبقي في المجتمع، وتمكنت من تحويل الازمة الاقتصادية والسياسية للبرجوازية الى ازمة ثورية كما فعل البلاشفة في ثورة اكتوبر الاشتراكية. فأن طبيعة الصراع في جميع انحاء العالم سيتغير محتواه وسيترك بصمته على جميع الصراعات والحركات الاجتماعي، وتفتح ابواب الافاق العمالية والاشتراكية في الصراع الطبقي في العالم قاطبة.