اين يكمن خوض الحرب العادلة ضد داعش؟


عادل احمد
2015 / 2 / 16 - 08:49     

أن الحرب ما هي الا امتداد للسياسة بطريقة عنيفة هذا ما يفسر به كلاوسفيتز الحرب في كتابه "حول الحرب". اذا اردنا ان نتعقب اي حرب او معركة وتفسير حدوثها، يجب ان نبحث عن الاهداف السياسية من وراء هذه او تلك من المعارك او الحروب. فأذا لم تحل مسألة سياسية معينة بطريقة سلمية وفي سياق المجتمع او لم تأخذ الاجابة المناسبة بطرق سياسية فأنه يحتاج الى طريقة عنيفة لتحقيقها. وان احدى هذه الطرق هي الحرب واستخدام السلاح من اجل تحقيقها. وان طوال تأريخ الحركة الاشتراكية والعمالية هناك دائما تفسير سياسي لكل حرب وتحليلها وبيان محتواها السياسي والمصلحة الطبقية من ورائها، وبيان تصنيفها بحرب عادلة ام غير عادلة وكيفية خوضها والمشاركة فيها او عدم المشاركة فيها والتنديد بها.
ان ليس كل حرب هي حرب عادلة من وجه نظر الطبقة العاملة. في يومنا هذا لاتعتبر الحروب الوطنية والقومية والدينية حروب عادلة، وكذلك حروب اللصوص بين الاغنياء ورأسمالي الدول وبلدانهم لاتعتبر عادلة. ان اقتسام الغنائم بين اللصوص المحلية والاقليمية والعالمية لا ربط لها بالمصلحة العمالية والجماهير الفقيرة والكادحة.. اذن لماذا تقاتل وتشارك الطبقة العاملة والجماهير الكادحة في انتصار احد فئات اللصوص؟ ولماذا اقف بجانب لصوص محليين بالضد من لصوص أخرين؟ ان كلا الطرفين ينهب من جبين وعرق الطبقة العاملة وعملها! ان بيان جوهر هذه السياسة للحرب يوضح بعدالة الحرب والمشاركة فيها.
اذا نظرنا من هذه الزاوية للحرب الحالية في العراق وسورية بالضد من دولة الخلافة الاسلامية "داعش"، واذا تعقبنا المصلحة الطبقية للعمال والجماهير الكادحة في المعارك الحالية فسوف نرى تعقيدا قليلا في الموضوع. فأن داعش يدنس كل القيم الانسانية في معاركه ويقتل كل من يقف امامه من القوميين والوطنيين والاشتراكيين والعلمانيين وحتى المذهبيين من ديانات وطوائف اخرى. وفي تقدمه لا يفرق بين من يكون في مواجهته وهو يقاتل بشراسة ووحشية الاساليب القروسطية. اذن كيف تتبين عدالة حرب اللصوص المحلية من الاسلاميين الشيعة بقيادة المالكي- العبادي او القوميين الاكراد بقيادة البرزاني- الطالباني؟ ان القتال تحت قيادة اللصوص المحلية ضد عدوا خطر وقاتل مثل داعش لاتجلب اي مصلحة للجماهير العمالية والكادحة بأي شيء! ان قتال اللصوص المحلية مع داعش ليست بسبب خطر السياسة الداعشية على المجتمع في كردستان او العراق، بل من اجل الدفاع والحفاظ على السلطة اللصوصية لديهم لا غير، وكل محاولاتهم هي الحصول على قسط اكبر من الحصة والغنائم من المجتمع. واذا اقتضى الامر المصلحة والتوافق السياسي والعسكري فلا ينتظرون لحظة ويوافقون على ذلك. ان السياسة الداعشية موجودة حقا في كل المساجد وفي مقرات الاحزاب الاسلامية بأشكالها المتنوعة ويصرف لهم ملايين من الدولارات من الاموال العامة، ولديهم مناصب في الوزارات وفي الدوائر والمؤسسات الحكومية وحتى في البرلمان.. وكذلك السياسة الداعشية السنية لا تختلف عن داعش الشيعي بقيادة المالكي والعبادي وميليشياتهم من اهل الحق وبدر وغيرها في جميع المدن والمحافظات العراقية التي تحت سلطتهم. اذن لماذا تقاتل الطبقة العاملة والجماهير الفقيرة مع داعش المحلي ضد داعش الاقليمي؟ لايختلف داعش الشيعي عن داعش السني بشيء الا بالاسم فقط، فلماذا على الطبقة العاملة تضحي بحياتها وبحياة عائلتها من اجل اللصوص المحليين؟..
ان الذي وصف مقاومة اهل كوباني في حربهم ضد داعش بالحرب العادلة كانت لطابعها الانساني والمستقل والتي اثرت بدورها حتى على القوميين الكرد في الدفاع عنها، وان يقاتل من أجل الافاق الانسانية والدفاع عن الكرامة. ان استقلالية الصف والافاق كانت بمثابة ميدالية ذهبية في صدور المقاتلين. ان في كل المقابلات الصحفية مع المقاتليين كان الدفاع عن الانسانية والكرامة الدافع الرئيسي في قتالهم. واذا نأتي الى المعارك في المناطق المحاذية لكردستان والسلطة الشيعية، نجد الدافع اما قومي او مذهبي بالرغم من الاحساس بخطر داعش ووحشيته من قبل الجماهير في العراق وكردستان، لان القيادة بيد القوميين والمذهبيين الشيعة والسنة. وان هذه الاحزاب لاتعير اي اهتمام للقوة الجماهيرية وليس لديها هذه الصفة اصلا. ان محاربة داعش تحت قيادة اللصوص المحلية لا تجلب غير المحنة وخيبة الامل للجماهير، لانها ستستعين بالقوات الامريكية والدول المتحالفة معها اكثر من الاستعانة حتى بقواتها المسلحة. ويتناسوا بأن داعش حتى هذا الوقت مدعوم من قبل الغرب ويستمد قوته من الدول الاقليمية مثل السعودية وقطر تركيا ومحافظ عليه من قبل امريكا لابقاء التوازن الاقليمي في الصراع مع روسيا. ان القتال في معادلة كهذه وتحت قيادة الدول الاقليمية والعالمية تضع الحرب في خانة الحرب الغير العادلة ولا يمكن للطبقة العاملة والجماهير الكادحة ان تكون وقودا لنار حروبهم وصراعاتهم.
ان داعش خطير جدا ولكن قتاله ومواجهتهم تتم عن طريق استقلالية الصف الطبقي للجماهير الفقيرة عن صف الاغنياء والرأسماليين واللصوص المحليين والعالميين. وعلينا ان نتحرك بصف مستقل وموحد ضد داعش وسياساته سواء داخل المساجد أو مقرات الاحزاب الاسلامية او في الجبهات المحاذية لهم، عن طريق تشكيل كتائب وقوات شعبية في مناطقنا في كل زقاق ومحلة من الرجال والنساء كما فعل اهل كوباني ويتم تدريب وتسليح من بأستطاعته حمل السلاح ليس في مناطقنا وحسب، بل وحتى المناطق الخاضعة لسلطة داعش والذين صارت حياتهم بسيطرة دولة الخلافة الاسلامية جحيما وابيدت اصواتهم الانسانية تحت حراب القمع والتعسف الداعشي. ان نداء الحرب العادلة يأتي فقط بصفنا الطبقي المستقل وبقيادة مستقلة طبقيا. ان الحزب الشيوعي العمالي العراقي والكردستاني يسيرون بهذا الاتجاه وتقع على عاتقهم قيادة وخوض هذا الحرب العادلة.