الحد الادنى للأجور إلى أين في فلسطين؟؟


سلامه ابو زعيتر
2014 / 12 / 6 - 13:09     

يشغل تطبيق الحد الادنى للأجور تفكير وجهد الكثير من العمال والنقابيين، فبعد صدوره في فلسطين، تأملوا ومنهم أصحاب الاجور المتدنية التي لا تلبي الحد الادنى لمتطلبات الحياة، انتعاش الاجور قليلا لتصبح 1450 شيقل شهريا، أو65 شيقل يوميا، أو8.5 شيقل لساعة العمل، على الاقل وفق قرار الحد الادنى للأجور، خاصة أنهم يتقاضون أجور متدنية تصل في بعض المهن لأقل من 400 شيقل شهريا، أو 10 شيقل يومياُ، وذلك لحاجتهم للعمل، وأمام استغلال المشغلين لظروفهم وحاجتهم للعمل، لأسباب تتعلق بإرتفاع نسبة البطالة، وعدم توازن قانون العرض والطلب، وكثرة العرض على العمل وقلة حاجة سوق العمل، مما أتاح فرصة لجشع البعض من المشغلين للمساومة على أجور العمال وقوتهم وثمرة تعبهم ودفع رواتب محدودة لا تلبي الحد الادنى لسد رمقهم وحاجات أسرهم، وما أن صدر قرار تحديد الحد الادنى للأجور، برغم أنه لا يلبي التطلعات النقابية والعمالية، الا أنهم استبشروا خيراً وتأملوا أن ينعكس ذلك على واقعهم بشكل ملموس في إجراءات التطبيق التي كان من المتفق البدء بتطبيقها من تاريخ 1/1/2013 على أن تقوم المؤسسات والشركات ذات العلاقة بتصويب أوضاعها حتى ذلك التاريخ، لكن للأسف؛ التسويف مازال مستمر، برغم محاولات نقابية قام الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين من خلال مبادرات في الضفة الغربية تدعو لتطبيق الحد الادنى للأجور، الا ان الاجراءات في التطبيق محدودة - ولا تذكر- وذلك الاسباب تعود إلى جهات المراقبة والتطبيق وهي وزارة العمل الفلسطينية، والتي من المفترض أن يكون لها دور فعال، وخطة عمل، تتابع من خلالها عمليات التنفيذ والرقابة، ومدى التزام القطاع الخاص والعام بتطبيق الحد الادنى للأجور؛ ولكن ما هو ملاحظة حتى اللحظة ليس هناك متابعة جدية؛ فمازال هناك موظفين على العقود وبرنامج البطالة الدائمة في مؤسسات الحكومة رواتبها أدنى من الحد والادنى للأجور، كما أن الكثير من المهن مازالت تعاني تدني الاجور، وما زال الاستغلال مستمر، وما كان لتحديد الحد الانى للأجور، إلا لتسجيل انجاز اعلامي حكومي لم يستفيد منه العمال بشكل جدي، وما كنا نتوقعه أن يكون لحكومة التوافق دور فعال في ترسيخ مبادئ للعدالة الاجتماعية، وتوحيد العمل في الوطن ضمن برامج تكفل تطبيق القانون وتعزز وحدة الوطن بعد ما مررنا به من الالام الانقسام وتداعياته، والذي خلف الكثير من الاشكاليات التي تحتاج لخطوات عمل فعالة على الارض ليشعر المواطن بانتهاء تلك المرحلة والتجاذبات خاصة في القضايا الاجتماعية والاقتصادية على الاقل، وما متابعة تطبيق الحد الادنى للأجور وفق القانون الا للمساهمة في التمكين وتعزيز القدرة التنموية لدى العمال، ومن هنا نري ضرورة العمل لتطبيق القرار بهدف تحقيق التطلعات التنموية التي على أساسها تم صدوره وذلك من خلال التالي :
- على لجنة السياسات العمالية أن تقوم بوضع خطة عمل لتطبيق قرار الحد الادنى للأجور وتشكيل لجان مراقبة ومتابعة وتقوم وزارة العمل بتنفيذ القرار في كل انحاء الوطن.
- العمل على تنظيم سوق العمل الفلسطيني وتصنيف المهن وقطاعات العمل لمتابعة وحصر الاجور في قاعدة بيانات في وزارة العمل يُعتمد عليها في تنظيم الواقع العمالي.
- وضع لائحة تنظم الاجراءات العقابية للمؤسسات التشغيلية التي لا تلتزم بدفع الاجور وفق قرار الحد الادنى للأجور، فمن حق العمال ان يتوفر لهم سبل أمنه مكفوله ضد أي صاحب عمل يخل بحقوقهم.
- ضرورة تفعيل دائرة تفتيش العمل في وزارة العمل لضمان المراقبة واجراءات التطبيق القرار ومحاسبة الغير ملتزمين.
- ضرورة العمل على نشر المعلومات من خلال حملات توعوية تستهدف كل القطاعات في المجتمع نحو أهمية تطبيق القرار لما لذلك من انعكاسات تساهم في العملية التنموية.
- على أطراف الانتاج الثلاثة العمل على ترسيخ مفاهيم تعزز الاقتناع بضرورة تطبيق الحد الأدنى للأجور والامتثال، وذلك من خلال تشكيل راي عام لدعم تطبيق الحد الادنى للأجور وفضح المشغلين الغير ملتزمين والمخادعين.
أخيرا أن تطبيق الحد الادنى للأجور غايته تحسين فرص العمل، وتحسين الطلب الذي سيساهم في تقليص البطالة، وحماية القطاعات الغير منظمة والمتسم عملها بالهشاشة، ولا يسمع صوتها حول الاجور ومشاكلها كالشباب، والعمال الغير منظمين، والنساء، والعمال في القطاعات الهشة الخ.... وليس لهم تمثيل نقابي، وهذا يدعو لتدخل جدي ومؤثر، وعلى النقابات العمالية أن تكون فاعلة في متابعة تطبيق الحد الادنى للأجور، كما لعبت دور في عملية تحديده بما ملكت من أدوات وقدرات ساهمت في ذلك، وأتوجه بشكل خاص لوزير العمل الفلسطيني بضرورة إعطاء تعليماته لجهات الاختصاص بالوزارة في كل المحافظات للعمل فورا لتطبيق القرار وتحديد المعوقات والتحديات للعمل على تخطيها، ومواجهتها بشكل علمي ومنهجي، وضمن قاعدة الشراكة والعمل الجماعي مع أطراف الانتاج لتكن هذه سياسة الحكومة في المرحة القادمة.
• د. سلامه أبو زعيتر ....عضو الامانة العامة في الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين