حوار ودي مع نقابي متميز على هامش يوم دراسي .


حميد طولست
2014 / 1 / 31 - 00:06     

حوار ودي مع نقابي متميز على هامش يوم دراسي .
حوار ودي مع نائب الكاتب العام للجامعة الديمقراطية للنقل الوطني الدولي، على هامش يوم دراسي تحت شعار "آثار تطبيق المدونة على النشاط والدينامية النقابية "...
ـ س ـ: السيد علال كثير السلام عليك ورحمة الله ، أولا أبدأ حوارنا هذا معكم بالسؤال التقليدي الأزلي "من هو علال كثير"؟ وبعدها نكون شاكرين لو قربتم قراءنا الكرام ، ولو في عجالة ، من نقابتكم، ومن مكوناتها وتطلعاتهم المستقبلية، وطرق بلورتها ووسائل تنفيذها ، وبعدها لندخل معكم لصلب الموضوع المتعلق باليوم الدراسي الذي نظمته نقابتكم حوله أثر تطبيق مدونة السير على النقالة واقتصاد البلاد .
ـ ج ـ: أولا أشكر لكم اهتمامكم بالعمل النقابي عامة وبهذه الطبقة المواطنة المناضلة في الظل ، على وجه الخصوص ، ومن خلالكم أشكر اللإعلام الحر والمستقل على ما يبدله من جهود كبيرة لخدمة الفئات المهمشة والمقهورة بمختلف أنواعها ..
أولا فيما يتعلق بعلال كُتير فأقول عنه أنه مواطن مغربي يعتز بمغربيته ، وواحد من أقدم مهنيي نقل البضائع ، ورث المهنة أبا عن جد ، ومناضل نقابي حتى النخاع .
أما فيما يخص نقابتنا " العام للجامعة الديمقراطية للنقل الوطني والدولي " التي تشرفت بالمشاركة في تأسيسها قبل سنوات ، صحبة عدد من الكوادر النقابية المتشبعة بثقافة العمل النقابي الأكثر كفاءة ومسؤولية ، والتحلية بالأخلاق المهنية والجرأة في طرح المشاكل والعمل على إصلاحها ، فأقول: بأها نقابة تقدمية مناضلة هدفها خدمة هذا قطاع النقل الواسع والحيوي والهام ، والذي لم يقدر حق قدره، والذي لازال يكابد ويعاني بكل قطاعاته العريضة من ظلم تاريخي مزمن ، ويتحمل تبعات مشاكل ، مفتعلة ومفروضة ، يختلط فيها القانوني بالدستوري والسياسي والنقابي , المنتهكة لكرامة المهنة، والمحط من قدر المهنيين والنقالة والسائقين ، الذين بحت أصواتهم من كثرة المطالبة بالكف عن إثقال كاهلهم بالإجراءات التعسفية غير المنطقية واللاقانونية جزاءا لهم على قيامهم برسالتهم النبيلة، عوض انصافهم، ورفع الحيف والمظلومية والقهر الممنهج .. المهمة التي اتخذتها نقابتنا على عاتقها ، وجعلها مسؤولوها - ذوي العقول الهادئة والخبرات الفنية الكبيرة - من أولوياتها القادرة على التخطيط والتفكير وانجاز الخطوات النقابية المقنعة التي لا تكتفي باللاحتجاج والمطالبة، فقط ، بل تعمل على تأطير منخرطيها والدفاع عن مصالحهم النقابية المهنية الصرفة التي ينص عليها الدستور، وتعمل على دراسة وتنمية هذه المصالح على صعيد تحسين شروط حياة مهنيي النقل ، اقتصاديا واجتماعيا ومعنويا ،وتساهم في تحضير السياسة الوطنية وإغنائها بالأفكار الخلاّقة والتصورات الإبداعية ، التي يمكن أن تسهم في صياغة البناء النقابي السليم والفاعل والمتطور القادر على ترجمة أهداف المهنيين ورؤى المنخرطين الاستراتيجية إلى واقع ملموس ونجاحات تحقق مطالبهم للنقابية , وتطور مستواهم الاجتماعي والثقافي في كل الميدانين والقضايا ..
ـ س ـ: السيد كثير لقد مر على دخول مدونة السير حيز التنفيذ والتطبيق الفعلي أكثر من ثلاث سنوات فهل يمكنكم كمسؤول نقابي ومهني تقييم حصيلة تطبيق المدونة ومساهمتها في التقليص من حوادث السير، الهاجس الأساسي وسبب وجودها.
ـ ج ـ: أي حصيلة يمكن أن تكون لمدونة لا ترى فيها ومنها الحكومة إلا ما يخدم ميزانيتها العامة، أما ما يتعلق بالبنيات التحتية وتحسين ظروف عمل المهنيين ، فإنها لا ترى أي ضرورة تقتضي التحرك من أجله ..ومع ذلك فإن المدونة - بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على دخول هذه المدونة حيز التنفيذ، - قد حققت حصيلة ملموسة عاشها ويعيشها المواطنون عامة ومهنيو النقل خاصة ،هي أنها وبكل مقتضياتها الزجرية الجديدة لم تتمكن من الحد من حصيلة حوادث السير المؤلمة، التي لاتزالت تحصد ضحايا وقتلى باآلاف ، واستطاعت ببراعة ، أن تجعل من العاملين في قطاع النقل وكل مستعملي الطريق "متابعين في حالة سراح" يشار إليهم بأصابع الاتهام ، بل حولتهم إلى "مجرمين على الطريق" خاصة منهم مهنيي نقل البضائع والسائقين المهنيين على العموم ، والذين شرد "التعسف في تطبيق بنودها -والذي زاده شطط وتعسف المكلفين بمراقبة السير والجولان حدة ، خاصو مع وصول الحكومة الحالية – العديد من العائلات بعد سحب الرخص وإيداع العربات في المحاجز ، والزج بالكثير من السائقين في السجون ، اضافة إلى نهب الغرامات الباهظة القسمة لظهور مهنيي نقل البضائع والمسافرين بمختلف أنواعهم ..
والذين أصبحوا مقتنعين بأن مدونة السير هذه ، هي أكبر كارثة عرفها قطاعهم الهش والحساس ، وأنها ليست لتقنين السير والحد من حوادث السير وحماية الرواح ، كما يغني الكثير من المسؤولين ، بل هي غطاء ووسيلة لشرعنة عمليات الابتزاز الجماعي التي تذهب ضحيتها فئتهم المغلوب على أمرها، والتي لا هم لها إلا خدمة وطنها بكل تفان واريحية مقابل عيش كريم ، والتي تجد نفسها بالمقابل مجبرة على سداد الغرامات ، حيث يتعرض جل السائقين المهنيين لثلاث مخالفات في الشهر تستوجب غرامات تتجاوز ما يمكن أن يحصل عليه الواحد منهم خلال شهر كامل من الكد والمشقة حيث تصل إلى 2000 أو 2100 درهم شهريا ، والتي تنضاف إليها عمليات النهب الممنهجة التي تقوم بها شركات (الديباناج) بتعاون أحيانا مع عناصر أمنية، إذ في حالة نقل شاحنة أو عربة ، سيكون لصاحبها مجبرا على تسديد غرامة تصل إلى 500 درهم زيادة على 130 درهما (دون التوصل بأي وصل يثبت تسديدها).
هذا في الوقت - يوضح السيد علال بتحسر والم شديد على أحوال مهنيي نقل البضائع - الذي لم يهتم فيه واضعي المدونة ، بتطوير عقليات من يسهرون على تطبيق بنود المدونة ، ولم يعيروا أي اعتبار لتردي البنيات التحتية الطرقية بالمملكة، ولم يلتفتوا إلى ما يتعرض له مهنيو نقل البضائع للكثير من المضايقات والحوادث التي تقع على الطرق السيارة ، بسبب غياب حواجز السلامة، التي لا تكلف شركة الطرق السيارة نفسها عناء وضع حواجز تحصن الطرق السيارة"، وما يعانوه مع منع عربات نقل البضائع من دخول المجال الحضري، " لأن من وضع هذا البند لم يفكر في أن مداخل الغالبية العظمي من المدن لا توجد بها فضاءات لركن هذه الشاحنات ، وأن من يتهور ويفعل ذلك فإن غرامات قاسية وقاصمة ستكون في انتظاره، دون تفهم لظروفه أو خوفه من أن تتعرض شاحنته أو البضائع التي على متنها".
ـ س ـ: السيد كثير يبدو ان الحكومة الحالية أبدت فعلا رغبة وإرادة في تطوير القطاع، وقد شرعت في ذلك بالفعل عبر نشر لوائح المستفيدين من رخص استغلال سيارات الأجرة، فما رأيكم ؟
ـ ج ـ: إن ما قامت به الحكومة لبادرة شجاعة لا يقوى على اجترحها إلا من كان مؤمنا حقا بالإصلاح ولا يخاف في الله لومة لائم ، لكننا كنا نتمنى لو ان الحكومة أجلت فعل ذلك في هذه الظرف ، وتترك "ذاك الجمل بارك" كما يقول المثل المغربي الدارج ، لأن ما أقدمت عليه ، فضح امرين إثنين لهما من الأهمية والخطورة الشيء الكثير، اولهما : أنها بنشرها للوائح المستفيدين من «الكريمات»، أظهرت أن السائق المهني مغبون ومقهور ومتخلى عنه ولا يشكل في أجندة الحكومات السابقة كما هو حال أجندة الحكومة الحالية -التي لم تقم هي الأخرى بأي تحرك في اتجاه إصلاحي لأوضاع المهنيين - أي شيء ، ولا ترى فيهم إلا بقرة حلوب ، ومنجم يدر المال بكل الوسائل ، وعلى رأسها التشدد الصارم في استخلاص الغرامات الثقيلة والزيادات المتكررة في أسعار المحروقات ، خدمة للميزانية العامة، إلى جانب تعاملها (الحكومة الحالية) باستعلاء واستخفاف كبيرين ، وإغلاق أبواب الحوار والنقاش ، وصم الآذان عن سماع مقترحات وتصورات مهنيي قطاع النقل ، الذي لم يسبق أن عرفت نقاباتهم أي حكومة أخرى، ما تعيشه مع هذه الحكومة من إقصاء المهنيين وتهميشهم ، وفقد الاحترام المتبادل و سيادة المبادرات الأحادية الجانب التي لم تهتم قط بتحسين ظروف المهنيين وكافة العاملين بقطاع النقل ، الذين لم تحقق لهم المدونة أي شيء مما نصت عليه من الحقوق الاجتماعية ، سواء ما تعلق منها بخدمات صندوق الضمان الاجتماعي، أو ملف التغطية الصحية أو السكن، ولم يحظوا بالرعاية اللازمة ، رغم كونهم بحق عصب التنمية ، والقلب النابض للحركية الاقتصادية بكل مكوناتها التجارية والخدماتية داخل ارض الوطن وخارجه الحركية التي إذا تعطلت لساعة واحدة فقط لكان لها "عواقب وخيمة على البلاد والعباد والاقتصاد"، ويمكن ان تكلف المواطن والدولة والمهنين أموالا طائلة..
الأمر الثاني: هو أن الاجراء الإصلاحي الشجاع والجريء ، الذي أقدمت عليه الحكومة جاء - مع الأسف - بعكس المأمول منه ، حيث أنه فضح ضعفها واستسلامها وتخليها عن محاربة الفساد والريع ، بدعوى أن هناك مقاومة شديدة من اللوبيات المسيطرة على القطاع ..
ـ س ـ: أنتم كمهنيين في قطاع النقل هل لديكم تصور لتدارك هذه النقائص؟
طبعا لنا تصورات وقد سبق أن تقدمنا – يوم كان الحوار مفتوحا، وبتوجيه من الكاتب الوطني لنقابتنا السيد حريوش عبد المالك ، الذي يؤكد دائما على ضرورة التصورات البديلة لكل المشاكل - بالعديد من الدراسات البديلة للكثير من المشاكل ، لكنها ركنت كغيرها من المقترحات في رفوف الوزارات الوصية .
وتصورنا لحل ما تعيشه هذه المهنة من فوضى مفتعلة ، لا يمكن الوصول إليه من خلال مدونة سير عقيمة قوامها الزجر والسجن فقط ، حيث أنه كما هو معروف ان القوانين الزجرية لوحدها لا يمكن أن تكون حلا لهذه المعضلة، التي يعتاش عليها ومنها ذوي النوايا السيئة ، وأن الرؤية التي تحكمت في إعداد المدونة الجديدة أبانت عن فشلها، إذ أن المقاربة الزجرية لا يمكنها أن تحل هذه الإشكالية التي يتداخل فيها عدد من العوامل، ما يفرض إستراتيجية شمولية تأخذ بعين الاعتبار البنيات التحتية والعوامل الثقافية والتربوية والبشرية المتمثلة في إعادة تأهيل السائقين المهنيين وإعادة تأطير موظفي ومهندسي وأعوان وزارة النقل وكذلك أفراد الأمن والدرك والمراقبين وتمكينهم من الوسائل المساعدة على التعامل باحترافية أكبر مع مشاكل النقل على الطرقات ، ساعتها يمكن تطبق مقتضيات القوانين الزجرية الضرورية لتخليق الحياة العامة ومحاربة الفساد، وتفعيل مبادئ الحكامة الجيدة والشفافية ومحاربة أشكال الريع ، الذي طالما نادت به حكوماتنا الموقرة، في إطار تنمية قطاع النقل وأحقية النقالة في الاستفادة من عائدات مجهوداتهم، التي يدهب ريعها إلى المحظوظين من غير المهنيين كمأدونية "التصريح المبسط للتصدير المؤقت للحاويات التريبتيك triptyques نمودج D20 وD17وD16." و الذي طالت نقابتنا بفتح كملفه الذي يعد من أخطر وأغرب ملفات الريع ، إعمال فيه مقتضى قانون حرية التنافسية الذي ينهي الاحتكار، والمحسوبية والكيل بالمكلايين كما هو الحال بالنسبة لإستعمال حزام السلامة التي قسمت المغاربة ، قبل سنوات ، إلى مؤيد ومعارض، وأدعو القارئ للرجوع للوراء سنوات قليلة، وبالضبط حين أريد تفعيل تطبيق فقرة من قانون السير الخاصة باستخدام حزام السلامة وتغريم من لا يستعملها، وما عرف ذلك، وللأسف، من تحركات احتجاجية ووقفات مضادة رافضة مصحوبة بالكثير من الجدل حول جدوى تطبيقها، وحول وقتها غير الملائم، وكأن المحافظة على سلامة المواطنين وأرواحهم تتحدد بوقت معين؟ وجل المعترضين يعرفون أن الكثير من حوادث السير المميتة سببها عدم وضع حزام السلامة، بل ويحقون إن حزام السلامة الذي يستهينون باستعماله تكون خطورته اكبر على السائق حتى في حالة التوقف، فأي صدمة أو رجة من الخلف تسبب له في الكسر أو خلع الفقرات و أضرار أخرى جسيمة ، ومع ذلك أعفي من سائقي الطاكسيات من تطبيق قانون حزام السلامة ، مع العلم انهم يشكلون خطورة على أنفسهم وغيرهم بما يتسببون فيه من نسبة عالية من حوادث السير ، لكثرة عددهم على الطرقات شوارع مدننا ، فمن أعفاهم يا ترى من تطبيق قانون حزام السلامة ولمادى هم دون غيرهم من مستعملي الطريق؟؟؟
حاوره حميد طولست