لمناسبة مرور عشر سنوات على تأسيس الاتحاد


فلاح علوان
2013 / 12 / 5 - 23:46     

رسالة الى اعضاء وكوادر واصدقاء الاتحاد

رفاقي الاعزاء؛
اهنئكم بالذكرى العاشرة لميلاد اتحادكم، واشد على اياديكم، واشكركم للجهود التي تبذلونها يوميا، والمصاعب التي تواجهونها.
بينما كنت اكتب رسالتي هذه اتصل بي رفاقنا في حقول نفط مجنون، حيث ينظمون منذ الامس احتجاجات واسعة ضد الشركات النفطية من اجل نيل حقوقهم، فتحية لهم.
قبل عشر سنوات من الان، اجتمعنا كعمال من عدة مواقع عمل واعلنا عن تأسيس اتحاد المجالس والنقابات العمالية في العراق، بعد سبعة اشهر من الاعداد والتحضير والاتصالات والاجتماعات التمهيدية التي قامت بها اللجنة التحضيرية لتشكيل المجالس والنقابات العمالية في العراق، والتي ادت عملها واعلنت عن حل نفسها خلال المؤتمر التأسيسي.
بدأ الناشطون عملهم مع المعضلة التي واجهت العمال في العراق بعد الاحتلال وهي البطالة، واسسوا اتحاد العاطلين عن العمل، الذي يشكل امتدادا لتقليد عمالي في كردستان مطلع التسعينيات. وخاض اتحاد العاطلين عن العمل نضالا ضد سياسة الاحتلال، تمثلت بالاعتصامات ونصب الخيم امام مقر سلطة الاحتلال التي قامت باعتقال العديد من الناشطين العماليين، من بينهم رئيس الاتحاد ولعدة مرات. لقد كان نضال اتحاد العاطلين بوجه الاحتلال هو اول تعبيرجماهيري واسع عن رفض العمال والمجتمع للاحتلال في الوقت الذي كانت غالبية القوى السياسية تحتفل بـ "التغيير".
خلال عشر سنوات، انجزنا مهام وحققنا مكاسب، كما تعرضنا لتراجع، تعلمنا الكثير واكتشفنا نواقص، اكتسبنا خبرة، خسرنا مواقع، تقدمنا في ميادين، تراجعنا في أخرى، تعرضنا للمضايقات والقمع، واجهنا تحديات، اي باختصار عشنا تجربة واقعية تواجه مصاعب وتحديات الواقع وتكتشف امكانياته ايضا. ولكن الاهم من كل هذا اننا رسخنا اتحادا يقوم على تقليد نضالي، تقليد راديكالي يقطع الصلة مع تقاليد النقابية الرسمية الحكومية والنقابات الصفراء.
ما زال الحلم بعيداَ عن التحقق، كوننا نتطلع الى المزيد، كون توقعاتنا الواسعة تستمد سعتها من امكانات الطبقة العاملة التاريخية وليس من ايديولوجيا ووصفات مسبقة تعتمد اجتهادا ذهنياَ او مشاريع طوباوبة، او تصورا مسبقا يضع وصفاته وقالبه ويحاول فرضه على الطبقة العاملة.
لم ننجز الكثير؛ ما زلنا في طور ترسيخ تقليد راديكالي في اوساط الطبقة العاملة، ان خبراتنا في هذا الميدان مستمدة من الصراع والتجربة اليومية، ورغم تاريخ التضحيات والبطولات التي قدمها المناضلون العمال خلال عقود، فليس هنالك سابقة تنظيمية في الماضي المنظور في العراق، لتجربة تنظيم عمالي قائم على فهم طبقي علمي، يفصل مصالح العمال الطبقية عن التيارات والاتجاهات البرجوازية، والتي تتشرب داخل اوساط العمال وتمارس نفوذها بشكل تيارات وطنية او قومية او ليبرالية او دينية او اصلاحية او عشائرية او عرقية او مذهبية، وتعمل على ستر محتواها الطبقي وحقيقة مصالحها.
ان عدم بروز الحركة النقابية والحركة العمالية في العراق، الى السطح كقوة في الصراع السياسي الدائر في المجتمع، لا يعود الى عدم اقتدار الطبقة العاملة وعدم انخراطها في النضال. فالقمع الذي تواجه به التجمعات السلمية شبه اليومية للعمال، والعقوبات التي يتعرض لها النقابيون والقادة العماليون، هو دلالة وجود وحيوية هذه الحركة وجديتها، وهو في نفس الوقت دلالة خوف البرجوازية وسلطتها من بروز الاحتجاج العمالي، انه مؤشر قوة وعمق تأثير الطبقة العاملة في العراق، بحيث تحسب البرجوازية لها حسابا جدياَ.
ان منع التنظيم النقابي في القطاع العام، والاصرار على فرض قوانين النظام السابق المتعلقة به، والصادرة عام 1987هو دليل قوة العمال وليس السلطة، فالعمال في القطاع العام يتطلعون لتنظيم صفوفهم في منظمات قوية تعبر عن مصالحهم واهدافهم، وترى السلطة البرجوازية في هذا تهديدا. انه دليل حيوية الطبقة العاملة في العراق واستعدادها النضالي.
ليست البرجوازية تيارا خارجيا موجودا في مكان ما معلوم ومحدد، انها تسيطر على المجتمع وتنتشرفيه وتؤثر في افكاره وسلوكه بما فيه افكارنا نحن العمال وسلوكنا، بما فيه اتحادنا. اننا يمكن ان ننزلق ونتخذ قرارات وسياسات تصب في صالح السياسات البرجوازية تحت تأثير كوادر أو اعضاء اوقيادات تقف ربما في هرم المنظمة العمالية، ولكنها تسلك وتمثل مصالح تيارات برجوازية بيننا، وتبرر سياساتها وتعمل على تمريرها وتسميها " مصالح العمال" او اهداف العمال.
لا يكفي ان نرتدي بدلة زرقاء او خوذة عمل ونمسك بالمطرقة او الالة لنكون ممثلين للمصالح الطبقية للعمال. ان عشرات بل مئات المنظمات العمالية في العالم قد تفسخت وتحولت الى وسائل بيد البرجوازية بسبب تسرب ونفوذ التيارات والعناصر البرجوازية داخلها.
لماذا لا تكتفي البرجوازية بالقمع المسلح والسجون والمعتقلات وتعمل على تحويل منظمات العمال الى ملحق لسياساتها؟ ان المنظمة العمالية هي سلاح العامل، هي وسيلته النضالية، وان البرجوازية تسعى لتجريد الطبقة العاملة من اسلحتها، انها، اي البرجوازية، تدعم وتغذي وتقوي بطرق ملتوية ومعقدة كل الميول الرجعية والانتهازية والاصلاحية داخل المنظمات العمالية.
لقد واجه اتحادكم هذا التحدي مبكراَ، وعملت تلك الميول والتيارات البرجوازية على شق وحدته في اكثر من محاولة، وتعرض الى حملة تشهير واسعة وصلت حد الاستعانة بالسلطة والقوات الحكومية لمهاجمة الاتحاد، مما يعكس الاصرار لدى التيار البرجوازي المعادي لمصالح الطبقة العاملة، والذي يتشدق بالحديث عن مصالح واهداف العمال بلا انقطاع. اننا نعتبر هذا جزءا من الصراع بين العمال والبرجوازية، ولكن في اطار نفس المنظمة، اي انه يعكس نضال العمال من اجل صيانة منظمتهم بوجه التيارات البرجوازية، التي تسعى باسم العمال والطبقة العاملة، للسيطرة على منظمات العمال او الهيمنة عليها، وبالتالي تحويلها الى مواقع لهم في وجه المصالح الحقيقية للعمال.
ان هذا الواقع ليس مقتصرا على العراق، انه واقع عالمي، ان التيارات الاصلاحية والرجعية تهيمن على الحركة النقابية في المراكز النقابية العالمية الرئيسية.
كما ان اتحادكم يناضل، الى جنب الاتحادات والنقابات الاخرى في العراق، من اجل اقرار تشريعات عمالية تضمن الحقوق والحريات الاساسية للعمال، ونحن نحضى بدعم عمالي عالمي واسع بهذا الاتجاه.
ان احلامنا وتوقعاتنا الواسعة لا يمكن ان تجد طريقها الى الواقع دون مبادرتنا الخلاقة، دون فهم طبقي علمي واضح، دون تحديد اهدافنا بوضوح ورسم ستراتيجيات لتحقيق وانجاز هذه الاهداف.
ان الحركة العمالية في العالم هي في نهوض، ونحن جزء من هذه الحركة.
عمال مصر يواصلون الثورة، عمال البرازيل يسيطرون على المصانع ويديرونها بانفسهم، عمال تونس يفرضون التراجع على الحكومة، عمال فرنسا، اليونان، اسبانيا، كوريا الجنوبية، ايطاليا، وعشرات البلدان يواصلون نضالا مقداما ضد سلطة الراسمال. وبهذا الصدد كان اتحادكم رائداَ في المبادرة الى تشكيل اممي راديكالي يضم ويمثل الاتجاهات الراديكالية والاشتراكية داخل الحركة النقابية في العالم. اننا في الخطوات الاولى بهذا الاتجاه. ولكننا نتوقع ميلاد منظمة عمالية اممية راديكالية تقوم على اساس تمثيل المصالح الطبقية للعمال على صعيد العالم.

عاشت الحركة العمالية في العراق
عاشت الحركة العمالية في العالم


4-12-2013