قوى عاملة وخبرات ضائعة منتسبي التصنيع العسكري السابق


عامر عبود الشيخ علي
2013 / 10 / 6 - 00:40     


تعتبر الكفاءات والطاقات والخبرات المكتسبة للقوى العاملة والكادر الفني في التصنيع العسكري والمصانع والشركات المرتبطة بها في التسعينيات من القرن المنصرم، خزين وقوة كبيرة لايمكن الاستهانة بها ويمكن الاعتماد عليها والاستفادة منها في بناء الاسس الصحيحة للصناعة المحلية بعد تغيير النظام.
وإنطلاقاً من جملة تلك الحقائق الاساسية والجوهرية، فأن الضرورة الوطنية تستدعي إحتضان هذه الطاقات وتثويرها بما يصب في اعادة الصناعة الوطنية وعدم الاعتماد على الاقتصاد الريعي المتأتي من صادرات النفط.
وبعد التغيير عام (2003) استبشرت القوى العاملة خيرا وخاصة عمال قطاع التصنيع العسكري، باعادة الصناعة الى مسارتها الانتاجية الصحيحة والتحول من التصنيع العسكري الى الصناعات المدنية لتخدم المواطن والبلاد على حد سواء، وذلك بالاستفادة من الخبرات المتراكمة للعاملين في هذا القطاع الواسع والذي توقف فيه الانتاج نهائيا.
الا ان الاحلام لتلك القوى العاملة تلاشت، فالاوضاع ساءت والمعامل دمرت وعطلت، واغلب معامل القطاع الخاص توقفت، ولم يعاد تأهيل وصيانة المصانع والمعامل بسبب السياسات الاقتصادية الخاطئة والتي اعتمدت على الاستيراد العشوائي والرديء للمنتجات المصنعة في دول الخارج، وكذلك تصدير المواد الاولية الخام ودون الاستفادة منها في الصناعات المحلية، مما ادى الى هجرة بعض الايدي العاملة والعمل في دول اخرى ، وبذلك نكون قد خسرنا خبرات مهنية وفنية من العمال كان من الافضل التمسك بها واحتضانها وعدم التفريط بها، فيما لو تم اعادة المعامل وتأهيل خطوط انتاجية جديدة فيها، اما القسم الاخر من عمال وموظفي التصنيع العسكري فقد بات بدون عمل بعد حل تلك المعامل وانضمامهم الى جيوش البطالة الكبيرة.
وللوقوف على هذا الموضوع كان لنا هذا الحوار مع عدد من منتسبي التصنيع العسكري السابق المنحل.
المواطن عمار وهو واحد من العاملين في منشأة التصنيع العسكري السابقة قال "انه كان يعمل في قسم الخراطة مع مجموعة من العمال الماهرين وقد كنا نعمل من الصباح الباكر حتى اوقات متأخرة من الليل وكنا مجبرين بهذا الدوام الطويل ولكن كنا نقدم منتجاتنا بحرفية عالية بحيث تضاهي المنتوج الاجنبي ونتيجة لهذا العمل فقد اكتسبنا خبرة عالية في الخراطة والعمل على ماكنة التورنا، وقد تأملنا خيرا بعد احداث عام ( 2003) بأن وضعنا سيكون افضل حال من السابق واننا سنوظف خبرتنا في الانتاج المدني ولكن للاسف الشديد وجدنا انفسنا عاطلين على العمل بسبب تدمير واغلاق مؤسسات التصنيع العسكري، وانا الان اعمل سائق تكسي".
اما صادق محمد وهو فني كهربائي اشار الى ان "العمل في التصنيع العسكري كان صعب جدا بسبب طول وقت الدوام والاهانات التي كنا نتعرض لها من ضرب في العصي والهراوات ولكن بالرغم من ذلك فقد كنا نعمل بجد وكنا نزداد خبرة يوم بعد يوم، وقد عملت مع الكفاءات والتي ساهمت في إعادة أعمار محطة كهرباء الدورة ومصافي نفط الجنوب ومحطة كهرباء الناصرية ونفذنا الكثير من المشاريع الخدمية مثل إعادة بناء الجسور في بغداد والمحافظات بما يخص اعمال الكهرباء، ولكن بعد الاحداث وتغيير النظام عام (2003) دمرت وتوقفت منشأة التصنيع العسكري وقد فرحنا كثيرا عن ما تردد بتحويل تلك المنشأة من الانتاج العسكري الى الانتاج المدني، وكنا نتمنى في حينها ان تعاد تلك المصانع الى العمل والاستفادة من خبراتنا، ولكن اتضح انه مجرد كلام ونحن الان نستلم رواتب وبدون عمل اي بطالة مقنعة".
اما عامل اللحام محمد جاسم وهو عامل سابق في التصنيع العسكري يقول "للاسف أن الكثير من العقول والخبرات والايدي العاملة من الفنيين قد هاجروا الى خارج البلاد، وقد تم الاستفادة من تلك الخبرات الجاهزة في بناء وتشغيل الكثير من الصناعات في تلك البلدان وخاصة ليبيا والاردن وسوريا وبعض دول الخليج مما انعش اقتصاد تلك الدول ناهيك عن الدول الاوربية، واذكر مثال على ذلك وهو احد الاصدقاء الذي كان يعمل في حقل لحام البايبات وكان ذوخبرة عالية وعند سفره الى هولندا عمل في احد المعامل وعند اختباره نجح بدرجة عالية فادخل للتدريب في معهد للحام تحت الماء وعلى حساب تلك الشركة وهو الان ذو اختصاص نادر بهذا المجال.ونتسائل لماذا لايتم احتواء تلك الخبرات في بلدنا وبناء صناعة قوية ليتسنى لها العودة الى البلاد والاستفادة منها".