عيد العمال الاول من ايار؟


جان الشيخ
2005 / 5 / 2 - 13:22     

لبسوا الكفافي و مشوا, ما عرفت مينن هن؟
لا شكل, لا لون, لا وطن, لا دين, لا دول و لا مجموعات, تمييزهم. انهم صوت الحديد النابض و بلورة النار في كهوف التاريخ, تدق عتمة الليالي الباردة, لتكسوا عري الباكوات و الاسياد.
انهم احلام الطعام في افران الرماد, و لقلقة الالعاب في واجهات عيون الاطفال, انهم تعب التعب, انهم روح الروح, و صليب الايام و شقاء العرق, على سنين المفارق, انهم الطالعون من صقيع الحارات الى جحيم المعامل و ارباب العمل و المال.
انهم صوت السكين في الرغيف, انهم الضحكة الخجولة الخفية تحت حواجب الهمّ و التعب المسائي الراجع الى النسيان, ليتحضر الى غد افضل, في رحلة العمر المقرفة, الرازحة تحت اسواط الاسياد, و الظلم المتلّون تحت عباءات الدجل و العدالة.
سنين بقينا بلا نوم, قررنا نوعا اليوم.....
انهم حنين المتعب للنوم و الراحة, و انغراس الفجر في رحم الظلام, و الصوت في الصلاة, و الدم في الحياة, و الحركة في الكون, و الموج في المحيط, و الورود في الحب, و الكلمات في القصائد, و الموسيقى في الالات, و الاحساس في المعادن, و عجقة الشوارع, و ضجيج الايام, و حطب افران الحياة التي اذا انقرضت توقف قطار المجتمع على اجساد البشر.
يا شعب بعثرت دفاتر ذاكرته, في انتفاضات قزمة و حروب دموية على مسارح الوطنية العميلة, و قسّم الى الف قطيع و قطيع, الى الف طائفة و ملّة, الى الف معارضة و موالاة, و لم يصحو من دوخانه المتجدد الادوات و الاساليب, و كأنه كالطفل يلهو على اراجيح السياسة و الانتماء الاعمى, يغننون له اناشيد الحرية الزائفة و المبتذلة في ساحات الحرية و الشهداء, و هو يردد حتى النشوة و السكر و التصوّف, فينام لبعض سنوات, ثم يستيقظ على حروب دبرت له فينتحر فيها.
انه الشعب المدوّخ حتى في الصلوات. و الشباب يتبعون الاباء و التبعية السياسية اسلوب حياة لبنانية, ان لم تكن نفيت و انتزعت منها و عنها لبنانيتها.

فقسموهم فوافقوا, ذبحوهم بايديهم ووافقوا, فهيّجوهم فهاجوا و ماجوا, عارضوهم فعارضوا, وولّوهن فصفقوا, و انتفضوا بهم فتظاهروا, مزقوهم عندما اختلفوا, و تركوهم مبعثرين عندما اتفقوا.
انهم شباب و عمال بلادي, الذين لم يتحدو, لانهم لم بصحو. و ان افاقوا من تنويم زعمائهم لاتحدوا حتما". انها لمعادلة بسيطة و لكنها معقدة بلبنانبتها.

بهذا اليوم الذي دنسوه و اختاروه الاول من شهر الحصاد, كان اجدى ان يكون الاخر من شهر ايار, او الاخر من نيسان النسيان. لان المعاش للعيش اقل من الحد الادنى يكون قد طار و اندحر على ابواب الشهر القادم, و كان يمكن للعيد ان يكون له رونق او على الاقل هدية, يستطيع العامل شراءها....
يا عمال بلادي, افضل هدية لنا و لكم هي ان تتحدوا مصلحيا" و طبقيا" ضد مصالح اسيادنا و اسيادكم, حتى يكون العيد عيدا" فعليا", و حتى يكون للتعب راحة فعلية, بديلة عن اصناف الموت اليومية.

حتى تكون الساحات لكم, و حتى لا تكونوا منقسمين بين متاريس ساحة الشهداء, و رياض الصلح, بل تكونوا متحدين في ساحات الحرية الفعلية و غير المزيفة, و حتى تكون احلام التغيير من صنعكم, و ليست مستوردة من أي دولة اجنبية, اجعلوا لبنان ساحة واحدة وطنية, للعمال, ساحة واحدة موحدة لشباب التغيير, الحالم بغد افضل, لا يكونوا فيه شحادين على ابواب السفارات او عاطلين عن العمل, و بدون عيد, حتى لا يكونوا حطب في حروب اسياد الطوائف, بل قنبلة في ظلام الوطن و الشعب الغارق في كهوف الذل و الانقسام.
هذه الكلمات ليست قصيدة او مقال, ليست تحليل او كلام مبتذل, انها فقط تحية الى عمال بلادي, الى اهلي, الى عمال العالم الذين لم يتحدوا, بل اتحد الارباب عليهم و ضدهم و فرقوا بينهم لينتصروا.
انها فقط تحية و بس.

د جان الشيخ
فرنسا