العولمة وعمل المرأة


بيان صالح
2005 / 5 / 1 - 23:47     

سلك النظام الرأسمالي العالمي في منتصف سبعينات القرن الماضي إستراتيجية جديدة عن طريق تكثيف استغلاله للطبقة العاملة و الكادحة في العالم و على الشعوب المقهورة و المضطهدة في عالم الجنوب أو ما يسمى العالم الثالث ,و الخط العام للإستراتيجية الجديدة للنظام الرأسمالي و التي تسمى العولمة هو الهجوم العدواني و الشرس على مكتسبات الطبقة العاملة.

بدون شك أن تطور الرأسمالية بشكل هائل جاء من جراء استغلال قوة العمل الرخيصة في ظل ظروف غير إنسانية وطحن حياة سكان و شعوب الدول الفقيرة.ومن سمات العولمة الرأسمالية الفوضى العالمية و انتشار الإرهاب و الحروب المتتالية و فرض تراجع كبير على الحقوق الاجتماعية و في البلدان المتقدمة أيضا و خصخصة جميع الوسائل الاجتماعية و الخدمية و الاقتصادية وبتر النفقات العمومية و خاصة في قطاع الصحة و التعليم وتقهقر شروط العمل, انعدام الأمان الاقتصادي و ارتفاع نسبة البطالة و تفشي ظواهر الجرائم من القتل والسرقة واستخدام المواد المخدرة......

مما لاشك فيه أن المرأة هي في مقدمة ضحايا العولمة الرأسمالية ,حيث أن أكثر الأعمال المهينة و المبتذلة تقوم بها المرأة في العالم ,تعاني المرأة في كثير من بلدان العالم من غبن العمل غير مدفوع الأجر أو أجور قليلة و ساعات عمل طويلة و عدم المساواة في الأجر والعمل تحت شروط عمل قاسية و لاانسانية, و تعتبر المرأة العاملة القوة الاحتياطية في عالم السوق و التي تقبل شروط الأعمال البائسة .كذلك تستغل المرأة في تجارة الجنس العابرة الحدود و التجارة اللا شرعية .


النظام الرأسمالي يستفيد من نظام الاضطهاد الأبوي و تزايد سماته الاستغلالية و الاضطهادية , حيث العولمة الرأسمالية عمقت الطابع الاستغلالي من خلال أفقار شريحة كبيرة من النساء و التمييز ضدهن من ناحية الأجور المنخفضة و أغرأقهن في مستنقع ألامية و العيش تحت ظروف الإمراض الجسدية و النفسية و العنف و البغاء,و شروط عمل غير صحية و خطيرة ،فيما يشكل التحرش الجنسي و انعدام قانون العمل وضعف الحركة العمالية،دلالة خطيرة على الوضع البائس للمرأة.
وحسب تقارير الأمم المتحدة، فأن الأطفال و النساء يشكلون السواد الأكبر من فقراء العالم, حيث 70% من فقراء العالم هم من النساء و المرأة هي أول من يطرد من سوق العمل.
ولكون المرأة مسؤولة عن إعادة إنتاج قوة العمل حيث هي تتحمل العبأ الأكبر و الأصعب في حالة تراجع الخدمات الصحية و الاجتماعية و خصخصة الخدمات.
وان الاحذية و الملابس الفاخرة التي تستهلك في البلدان و الدول الصناعية و المتقدمة هي من أنتاج العمل المأجور الرخيص لنساء الدول الفقيرة في بنغلادش و تايلاند و فيتنام و الهند......الخ.

ومن احد سمات شراسة العولمة هو استغلال الشركات المتعددة الجنسيات لقوة العمل الرخيصة في تلك البلدان بنقل مصانعهم إلى تلك الدول والحصول على أرباح هائلة و بتكاليف منخفضة.

حتى في الدول الأوربية الغربية لم تصل المرأة إلى المساواة الكاملة برغم وجود إصلاحات ايجابية مقارنة بأوضاع المرأة في الدول النامية و دول العالم الثالث, و التي فرضت على تلك الدول من قبل الحركات النسوية على الرغم من ان تلك الحركات قد ترعرعت في رحم الرأسمالية وليس لها أفق واضح وبقيت أسيرة الأفق الرأسمالي و اعتبرت الحركة النسوية حركة إصلاحية تخص المرأة فقط و تبعدها عن قضية المجتمع و الصراع الطبقي .

حيث الأجور والحصول على فرص العمل غير متساوية أطلاقأ , بما يجعل عمل المرأة غالبا ما ينحصر في قطاع الخدمات و الصحة و التنظيف, وهناك تمييز واضح في شروط الحصول على العمل بين الرجل و المرأة .
كثير من أرباب العمل لا يرغبون بعمل المرأة و خاصة عندما تكون المرأة في سن الحمل والإنجاب و خوف أرباب العمل من تكلفة أجور إجازة الأمومة و الحمل ونلاحظ برغم الادعاء بوجود قوانين عمل يساوي بين الرجل و المرأة و لكن في أرض الواقع لم يكن موجودا , وبسبب انخراط المرأة بالأعمال ذات الأجور المنخفضة يفرض عليها البقاء في البيت و اخذ إجازة الأمومة حفاظا على حماية اقتصاد الأسرة بدلا من الرجل .


و تشير الإحصائيات الى غياب و قلة وجود العنصر النسائي في مجال الإعمال الفكرية و التقنية و في قطاع تكنولوجيا المعلومات و ذلك بسبب انشغال المرأة بتحمل المسؤولية الأكبر في تربية الأطفال المفروضة عليهن داخل الأسرة .

بالإضافة إلى وجود تقارير عن سوء معاملة أرباب العمل للنساء الأجنبيات اللواتي يعملن في المعامل أو كخادمات في دول الخليج الغنية بالموارد البترولية حيث تتعرض المراة العاملة الأجنبية القادمة من بلدان فقيرة وذات اقتصاد متدهور إلى شتى أنواع الاهانات والضرب والحجز ومنع الطعام ,والظاهرة الأكثر انتشارا هي التحرش والاغتصاب الجنسي

ومن السمات الأخرى لشراسة و توحش سوق العمل الرأسمالي في ظل العولمة هي تجارة تلك الشركات المتعددة الجنسية بجسد المرأة و الأطفال و تطوير تجارة الجنس و تحويله إلى سلعة في الأسواق الحرة.


تجـــارة النساء و الأطفال هي إحدى أنواع التجارة العالميــة المربحـة لبلايين الدولارات في المجتمع الرأسمالي ، حيث تحظى بأعلى الإرباح وتتعامل بها منظمات ومؤسسات دولية تمارس عمليات بيــع وشراء وتعذيب النساء والأطفال في العالم .

تعتبر بلدان جنوب أسيا و جنوب شرق أسيا اكبر المجموعات التي يتم فيها المتاجرة بالنساء و الأطفال, فمثلا يقدر ربح البغاء في تايلاند ما يقارب 60% من ميزانية الدولة .

تستخدم النوادي و دور الرقص و محلات التدليك تحت إشراف جماعات مافيا وعصابات منظمة عالميا في تجارة الجنس. حيث يتم نقل النساء و الأطفال من الدول الفقيرة و ذات الاقتصاد المتدهور إلى الدول الغنية و الأوربية, . و المتاجرة بالجسد الإنساني للمرآة في سوق الدعارة التي هي من أبشع أشكال العبودية والهيمنة الذكورية .كثير من هؤلاء النسوة لم يكونوا على علم بنوع العمل الذي يقمن به في تلك الدول حيث تعلن الشركات طلب موظفات أو مربيات أو خادمات ولكن عند الوصول تصطدم المرأة بالواقع البشع في استغلال أجسادهم وتحت شروط صحية رديئة و التعرض لفيروس نقص المناعة و التعرض يوميا لانتهاكات بطرق و أساليب مختلفة و انعدام ابسط الحقوق كالمسكن و المأكل و حتى انعدام حرية النقل و العيش في أماكن مخفية وغير قانونية و معزولات اجتماعيا و ثقافيا ، أذ يسعى القائمون بالاتجار إلى ممارسة السيطرة على الضحية بمصادرة الأوراق الرسمية و جواز السفر وهذا بدوره يؤدي إلى تبعية وعبودية الضحية للتجار المجرمين والذين يلجئون إلى استخدام أبشع أنواع التعذيب والقمع البدني والعنف و التخويف.