النقابات تفضح الأحزاب (المغرب)


حسن أحراث
2013 / 3 / 24 - 03:28     

قررت المركزيتان النقابيتان الكونفدرالية الديمقراطية للشغل والفدرالية الديمقراطية للشغل تنظيم "مسيرة وطنية احتجاجية سلمية" (فقرة كما وردت حرفيا في نداء النقابتين الداعيتين للمسيرة) يوم الأحد 31 مارس 2013، تحت شعار "من أجل الحقوق والحريات كاملة"، وذلك انطلاقا من ساحة باب الأحد بالرباط على الساعة العاشرة صباحا.
بدون شك، لا يمكن لأي مناضل تهمه، وبالدرجة الأولى، مصلحة الطبقة العاملة، إلا أن يشارك في هذه المسيرة. وهذه المشاركة، لا تعني، بأي شكل من الأشكال، تزكية الجهة التي دعت الى المسيرة. وأبسط أشكال المشاركة تتجسد في عدم الخضوع لأي سقف قد ترسمه الجهة المنظمة، وفي رفع الشعارات التي تعبر حقيقة عن طموحات الطبقة العاملة والتي تتجاوب مع متطلبات المرحلة الراهنة، سياسيا ونقابيا، وفي التواصل والتفاعل المنظمين مع أوسع الجماهير الشعبية. أما الخلفية التي حكمت النقابتين فمعروفة، ومن حق المناضلين إبرازها، بل وفضحها، لأنها تقوم على اللازمة الشهيرة "استخدام الطبقة العاملة، وليس خدمتها".. وبدون الرجوع الى كواليس اتفاق 26 أبريل 2011 ونتائجه الهزيلة، والى العديد من المحطات الحاسمة التي تخلفت عنها هذه النقابات رغم احتداد الصراع الطبقي، ومنها العديد من المعارك العمالية والاحتجاجات الشعبية ونضالات حركة 20 فبراير، تكفي الإشارة الى التوافقات غير المفهومة وغير المعلنة مع "الباطرونا" وحتى مع النظام.
لقد كتبت جريدة "ليبراسيون" التابعة للاتحاد الاشتراكي تحت عنوان "الأموي، العزوزي ومريم بنصالح: جبهة ثلاثية ضد حكومة بنكيران"، ما يلي: "أكدت مصادر نقابية نجاح اللقاء الذي جمع بين الكونفدرالية العامة لمقاولات المغرب ووفد المركزيتين النقابيتين الكونفدرالية الديمقراطية للشغل والفيدرالية للديمقراطية للشغل. وأفادت مصادر الجريدة التوجه نحو جبهة لمواجهة الحكومة من أجل تقدم المقاولة المغربية على أسس اجتماعية، تراعي وضعية الشغيلة وتضمن تقدم الاقتصاد الوطني".
إن أي تحالف أو تنسيق مع الباطرونا لا يمكن إلا أن يكونا ضد مصلحة الطبقة العاملة. ومن وضع يده في يد الأعداء الطبقيين للطبقة العاملة، لا يمكن أن يخدم هذه الأخيرة. فهل الجلوس المتواطئ (وغير الطبيعي) من قبل النقابتين الكونفدرالية والفدرالية مع الباطرونا (الاتحاد العام لمقاولات المغرب) في 05 نونبر 2012، وإصرارهما على مقاطعة نضالات حركة 20 فبراير وتجاهلهما للعديد من المحطات النضالية، نتيجة لمسيرة 27 ماي 2012 بالدار البيضاء؟!!
إنه من حقنا اعتبار المشاركة/مقاطعة نضالات حركة 20 فبراير الخط الفاصل بين من يخدم الشعب المغربي ومن يخونه ويخدعه ويعاديه...
إن الطبقة العاملة ليست غبية أو بدون ذاكرة، ولسنا أغبياء للحد الذي ننتظر فيه إشارات هذا الحزب المتواطئ أو هذه النقابة المتواطئة، لنتهافت على دعمهما أو الخروج الى الشارع وراءهما...
إن المرحلة تفرض الوضوح، وذلك من خلال خوض الصراع ضد القيادات النقابية البيروقراطية داخل كل النقابات وضد المافيات النقابية والسياسية...
وإذا كان مفهوما، وكما جرت العادة في مناسبات عديدة، خلط الأوراق وركوب أجندات سياسية معينة من خلال خلق الحدث (مسيرة وطنية، إضراب عام...)، وبدون أي احترام للطبقة العاملة ومطالبها، فالسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هو: أين الأحزاب السياسية من كل هذا؟ والمقصود، طبعا، الأحزاب السياسية الحاضرة، الى هذه الدرجة أو تلك، خلف أو الى جانب أو في قلب هذه النقابات!! فكيف ننسى قتل الدينامية النضالية لبداية التسعينات من القرن الماضي، ومنها الدينامية النضالية النقابية، والارتماء بالتالي في أحضان ما سمي "التناوب التوافقي" (أحد فصول مسرحية/جريمة إيكس-لي-بان الممتدة في الزمن) الذي تؤدي الطبقة العاملة المغربية ثمنه غاليا الآن؟!!
وما معنى المغازلة "الكاثوليكية" القائمة الآن بين الاتحاد الاشتراكي (إدريس لشكر)، عراب الفدرالية الديمقراطية للشغل، والاتحاد المغربي للشغل (الميلودي موخارق)، النقابة غير المعنية بالمسيرة، وكأنها في "بلد الأحلام، أجمل بلد في العالم"؟!!
وعلى قياس "الديالكتيك الهيغلي يمشي على رأسه، ويكفي أن يوضع على قدميه"، فيمكن القول إن ما يحصل بالمغرب (هروب النقابات والجمعيات الى الأمام واحتماء/تمترس الأحزاب في الخلف/الوراء) يمشي على رأسه، والمطلوب أن يوضع على رجليه، وأقصد تحمل المسؤولية وأخذ المبادرة والوقوف الى الأمام (وليس الى الخلف) من طرف الأحزاب السياسية التي تدعي خدمة قضية الشعب المغربي، ومن طرف المناضلين والتيارات السياسية المناضلة...
وأول محك هو تحمل المسؤولية السياسية المباشرة (الدخول من الباب) في إطار حركة 20 فبراير، بدل "الدخول من النافذة"!!
وفي هذه الحالة فقط، ستكون للمسيرات معنى، وللإضراب العام معنى، وللتضحية معنى...