أغرب مأدونيات وزارة التجهيز والنقل تصاريح -20D -!


حميد طولست
2012 / 7 / 28 - 18:41     

أغرب المأدونيات "20D " نموذجا!
بحلول هذا الشهر الفضيل، شهر القرآن وليلة القدر والعبادة والاستكثار من الخير وزيادة الثواب واللهاث وراء الحسنات والتعرض لنفحات الرحمان تبارك وتعالى، قررت أن أبتعد عن الكتابة وأمنح نفسي عطلة يستريح خلالها عقلي من لفحات التفكير فيما يجب أن يُكتب فيه من المواضيع، وأعطي قلمي فسحة يرتاح فيها من عناء ترجمة الأفكار إلى حروف وحفرها على اديم الورق.
لكن هيهات ثم هيهات ان يستطيع مدمن على الحرف مثلي، أن يتخلص من تأثير الكتابة وإغرائها وإثارتها، خاصة إذا ما هو حوصر كما حوصرت أنا بما أربكني من مستجدات اخبار ما يعيشه بعضُُ من قطاع النقل من تجاوزات لم تعد تقتصر-حسب مهنييه المعانين- على الابتزاز والرشوة والانحراف بالسلطة بكل أبعادها السلبية والخطيرة على البنى الاقتصادية والسياسية والإدارية، وتعدته إلى خطير الممارسات غير المشروعة المتعارضة مع القوانين والأنظمة والمعايير الأخلاقية السامية و الالتفاف عليها، في تناغم بين أصحاب المصالح وشبكات التبني والمصاهرة ممن هم في مراكز السلطة، على حساب عامة الشعب الذي تؤثر تأثيراً بالغاً على نفسية وثقافة أبنائه وتنال من قيمهم وأخلاقهم أبنائه عامة والعاملين بقظاع النقل خاصة، والتي إذا أنت أردت أن ترسم لها "بورتريه" ولو تقريبي، فإنك لاشك سترتبك من كثرة علامات الاستفهام التي ستغمرك كما غمرتني، وتوقعك كما اوقعتني في حيرة ودوخة عارمتين مما أصبح يحدث، في ميدان النقل بكل اصنافه وكل فروعه، من ممارسات غرائبية أبعد ما تكون عن التصديق، إذ تجاوزت كل مقبول وتخطت كل معقول، حتى بات معها (مهنيو النقل) في حيص بيص لا يحسدهم عليها حاسد ولا يتمنى أن يكون مكانهم عدو أو صديق.
ربما يقول قائل أن في هذا الكلام مبالغة كبيرة، بدعوى أن الفساد ليس مشكلتنا لوحدنا، بل هو موجود في كل بلدان العالم الغنية منها والفقيرة، الشيوعية ورأسمالية، الإسلامية والعلمانية، لكن الرد على ذلك القول يكون بكل بساطة، هو أن حدة ودرجة خطورة الظاهرة واختلافها عند غيرنا من الدول الأخرى، فشيوعها وتجذرها في الكثير من مؤسساتنا الرسمية والخاصة، جعل من الصعوبة معرفة ما إذا كان المرء منا يعيش فاسدا أو لا، أثناء قيامه بعمله الوطني، كما قال أحد حكماء الهنود القدامى: "إن الإنسان لا يستطيع أن يقول بكل تأكيد عندما يرى سمكة في الماء ما إذا كانت تلك السمكة تشرب من الماء أو لا تشرب منها" فإنه كذلك يكون حال الحياة العامة ببلادنا التي عم هذا الوباء الخطير الكثير من ميادينها ومؤسساتها الحكومية وخاصة منها وزارة التجهيز والنقل الوزارة الأشد حساسية، والأكثر إثارة للعديد من القلاقل التي يرى النقالة -في شبه إجماع- بأنها عاجزة عن تقديم أي شيء لمعالجتها والوقوف ضدها، رغم شكاياتهم المتكررة التي يستنكرون فيها كل أشكال وصور التجاوزات المستفحلة بها، والمتعلقة عموما بالتدبير المشبوه المؤدي إلى نهب المال العام، والشطط في استعمال السلطة، واستغلال النفوذ، والعبث بكرامة وأرزاق مهني النقل والتلاعب بحقوقهم، كما هو حال التجاوز الخطير المسمى بـ "التريبتيك" التصريح المبسط للتصدير المؤقت للحاويات والنموذج D20" الوثيقة الضرورية لإتمام ملف سفريات النقل الدولي -الذي لا يبلغ مع كل أسف الدنيا، عدد المشتغلين به من المغاربة، إلا أقل من 8%، بينما أكثر من 92 %من المستثمرين به هم من الأجانب- والذي منح التحكم في حق استصدار وتوزيع التصاريح المبسطة للتصدير المؤقت للحاويات نموذج D20 على النقالة، لإحدى النقابات "ذات الحظوة" التي تستخدمه سيفا من سيوف ديموقليس المسلطة على رقاب النقالة، بدون موجب حق أو باع أو ذراع في شؤون النقل ومهنيته –حسب النقالة- وذلك بدعوى أن هناك عقد بين النقالة يمكن تلك النقابة دون غيرها من لحى المقالة، كما قال أحد ظرفائهم، وكما هو مبين
في رد السيد المدير العام لإدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة، مديرية التبسيط والإعلاميات، بتاريخ 19 يوليوز 2012، -أنظر الفاكس-، على مراسلة الجامعة الوطنية للنقل الوطني والدولي، بتاريخ 13يوليوز 2012 والتي طلت فيها بتعميم حق استصدار التصريح المبسط للتصدير الموقت للحاويات D20 على باقي النقابات الأخرى، وذلك لتبسيط و تسهيل وصول العاملين في ميدان النقل الدولي أي التصدير المؤقت، وتحفيز الكثير من النقال للاستثمار فيه لخلق مناصب شغل كثيرة جداً.
هذه التصريح/المأدونية، إن صح التعبير، أو "الريع" كما سماه السيد الوزير في لقاء للنقابة معه قبل أيام بمقر وزارته، لا يمكن أن يُعرف في مجال الخدمة الوظيفية إلا "بأنها إساءة استخدام السلطة من أجل تحقيق مكاسب ذاتية لجهة ما بوزارة التجهيز والنقل، أو لأحد أتباعها الذين يعيشون في الخفاء او في الظل وخارج المراقبة والمحاسبة، وذلك بطرق ووسائل لا تخضع لأي معيار تقني أو فني أو قانوني غير الزبونية والمحسوبية وتحايل المتحكمين في خيوط منظومة النقل على القوانين ولي اعناق النصوص والمراسيم واستعماله للتضييق بها على ممارسة الحق النقابي والضغط علي المهنيين لفرض الصمت والأمر الواقع عليهم لتحقيق الغايات المبيتة غير السليمة التي تحرم الكثيرين منهم من الحرية الفكرية والفنية وحقهم في الاختيار.
فهل يا ترى سيتخذ السيد وزير التجهيز والنقل الاجراءات الزجرية الكاسرة لأجنحة الريع المتستر تحت عباءات الاتفاقيات المفبركة وغير القانونية المختلفة -دائما حسب أقوال ممثلي مهنيي النقل المتضررين- خاصة بعد أن فضح مهنيو النقل ملف هذا الريع الشائك، وأسقطوا حوله جدار الصمت، وقرروا أن لا يسكتوا أبدا حتى يوضع حد لهذا الظلم وذاك الطغيان، وأنهم سيستعملون جاهدين كل الوسائل المشروعة للتصدي لكل الممارسات الفاسدة التي تمس قطاعهم، ما دام ذلك سينهض بالقطاع ويسهل تحرره ورقيه، ويمكن من جلب مداخل مالية مهمة جدا لخزينة الدولة، بدل ذهابها إلى جيوب الغير بدون حق، وما دام ذلك سيسهل مأمورية النقالة الدوليين ويختصر أمامهم المسافات ويربحهم الوقت والاقتصاد في الكلفة ويشجع غيرهم من المهنيين على ولوج ميدان النقل الدولي "الأعزب" والذي يمكن أن يستوعب آلاف مناصب الشغل، شريطة أن تعمل الوزارة على تصحيح ما شاب العملية من خرق واعوجاج واعتمدت في ذلك الإصلاح النظرية الهندسة الشهيرة التي تعلمناها في درسنا الإعدادية والقائلة: بأن "أقصر مسافة بين نقطتين.. هي الخط المستقيم" بمعنى أنه لا داعي للزج بالمهنيين في متاهات اللف والدوران بحثا عن النموذج D20 خارج مصالح الوزارة المكلفة بالنقل، الإجراء الذي لا جدوى منه ولا يفضي إلا إلى تعقيد الأمور البسيطة وجعلها تدور وتدور، تتمدد وتتقلص، لتنتهي إلى شيء واحد ومحدد، هو نفور الكثير من النقالة من خوض مجال النقل الدولي الذي لا شك أنه أساس رقي وازدهار هذه المهنة المواطنة.
لكنها معادلة الكائنات التي تكره الخطوط المستقيمة والأشكال المستوية، ولا تحب اختصار المسافات، ولا تحبذ السير إلا عبر المسارات المنكسرة التي تهبط وتصعد، وحول المنعرجات الخطيرة التي تلف وتدور، في عناد مقيت واستبداد تسلطي فات كل الحدود، كما هو حال معضلة وزارة التجهيز والنقل الغارقة في بشاعة الامتيازات والمحسوبية والزبونية التي لا حد لها، والمنتشرة في جل قطاعات الوزارة ودواوينها، وبين بعض طبقات مسؤوليها الكبار وحتى من ينتمي منهم الى الطبقة الوسطى ذات الحظوة التي ينتفع منها القليلون إلى الآن،
والتي لا يقدر على القضاء أو الحد منها، على الأقل، إلا وزيرا وطنيا ثوريا تعلم في بلاده ومع أبناء شعبه الذين اقتسم معهم "جبانية" البيصارة وزيرا تمرس بكاريزمته المعتادة، وتواضعه وبساطته وحريصه على التواصل والقرب من المواطنين، على فك الشفرات السرية لأصحاب القرار وخبر الطريقة التي يفكر بها جل مسؤولي وزارته، ودرس الأسلوب الذي ينفذون به مخططاتهم، واكتشف سر العبارة السحرية التي تفك طلاسم الوزارة وقراءة تمائمها -المخطوطة بهيروغليفية غير مسجلة في قائمة اللغات الحية والميتة- التي تستطيع فتح باب مغارة الأربعين "حرامي" الفاسدين ومتابعتهم وتحريك ملفات محاسبتهم دون أن يجد في طرح الموضوع أمام الرأي العام إساءة إلى سمعة الوطن؛ هذا النوع من الوزراء الذي يقول عن نفسه: أنا كنت وسأبقى شخصا متوسطا لأنني ألتزم بالتوسط في كل شيء، أرفض التبذير لأنه حرام وغير مقبول في ظل الظروف الحالية كما أنني لست من محبي التقشف، أميل للتوسط لأن هذا التوسط هو الذي سيجعلنا دائما "فصباغتنا" وسيجعل المواطن يشعر بقربنا منه". هذا القرب والتقرب هو الذي بعث التفاؤل في نفوس الشعب عامة، وشجع الكثير من مهنيي النقل خاصة، لتوجهون إلى هذا الوزير -الذي آمنوا بصفاء نيته وصدق وعده الذي جاء في بين مقاله بأنه ومن معه "لن نتغير ولن نتبدل وسنستمر في نضالنا ووفائنا لمبادئنا ومنهجنا، سواء كنا في المعارضة أو في التسيير" - بطلب حماية حقوق قطاعهم الذي هو ملك عام للشعب، والذي لا ينبغي أن يستعمل لنهب مالهم الذي هو مال هذا الشعب، وإنهم لينتظرون من سيادة الوزير-الذي اختاروا حزبه، كما فعلت أغلبية المغاربة، لتدبير شأنهم العام- تجاوبا وخيرا كبيرا ويتمنون له العون من الله في العمل على الحفاظ على حقوقهم وكرامتهم بمحاربته للفساد والظلم الذين اعتبر مصطفى الرميد، خلال تدخله في الجلسة العامة بمجلس النواب يوم الجمعة 7 أكتوبر 2011، أن فسادهم لا يزال يضرب بأطنابه في المغرب رغم ما أثير من نقاش حول المغرب الجديد وقوانين وطنية جديدة.


حميدطولست [email protected]