النقابة و الديمقراطية


المناضل-ة
2012 / 4 / 29 - 11:09     

افتتاحية المناضل-ة العدد 46 - فاتح مايو 2012:النقابة و الديمقراطية


لا ُتسهم نقابات العمال، بوضعها الراهن، في النضال من أجل الديمقراطية. فبحكم ما يشد المسيطرين فيها إلى الدولة من مصالح، و حرص على دوام نظام الاستغلال الرأسمالي التابع، يقتصر عمل النقابات العمالية على مناوشة أرباب العمل و الحكومة، استجداءً لما يسمى "الحوار الاجتماعي"، وما يترتب عنه من مواقع تحفظ امتيازات قائمة وتتيح أخرى جديدة. وهذا لا يمنع طبعا تسويق الكلام الجميل عن الديمقراطية.

وقد أتت سياسة النظام في دمج القمم النقابية في آليات الدولة بقصد تدبير المسألة الاجتماعية أكلها كاملا، وبات النظام مرتاحا إلى "روح المسؤولية" لدى القادة النقابيين. فساندوه عمليا لاجتياز فترة الخطر لما كانت الدينامية الثورية بالمنطقة في ذروتها. و ما انفكوا يدعمون بالصمت و السلبية التعديات على مكاسب العمال وحقوقهم، أبرزها حاليا الموقف من التربص لنزع سلاح العمال: حق الإضراب.

هذا الالتصاق بالدولة له تبعات داخل المنظمات النقابية، منها إعدام الديمقراطية الداخلية. فقيادة ملتزمة بما يسمى " الشراكة الاجتماعية" (وهي لفظ من القاموس البرجوازي لنعث إخضاع منظمات العمال لمصلحة الرأسمال) تصطدم حتما بتطلعات القاعدة العمالية المسحوقة بدكاك السياسة البرجوازية. فمنطق الاستغلال الرأسمالي يدفع الشغيلة إلى الدفاع عن قدرتها الشرائية و حقها في التنظيم وشروط عمل لائقة، فيما الفئة النقابية المشدودة إلى الدولة تخشى انفلات طاقة النضال، ومن ثمة الإخلال بـ"السلم الاجتماعي"، وتهديد امتيازاتها بما هي فئة وسيطة بين العمل و الرأسمال.

هذا ما يجعل النقابات تعاني من غياب حرية تعبير حقيقية، وتسيير ديمقراطي حقيقي، و تشهد بين فينة و أخرى حملات قمع للأصوات المعارضة. تلكم كانت، مثلا لا حصرا، حالة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل السنة الماضية مع تنظيمها في زاكورة [ الشهير بكفاحيته و ديمقراطيته]، و حالة الاتحاد المغربي للشغل أيامنا هذه مع تنظيمه بالرباط وبعض جامعاته.

لذا يمثل النضال من أجل استقلال النقابات العمالية عن البرجوازية ودولتها، ومن ثمة من أجل الديمقراطية الداخلية في النقابات، و الديمقراطية الشاملة في المجتمع، إحدى كبريات مهام المناضلين المنتسبين الى القضية العمالية من موقع ثوري.

وجلي أن هذه المهمة الجسيمة قوامها الفعل اليومي لتطوير النضال العمالي، و تكريس تقاليد الديمقراطية في تسيير منظمات النضال و المعارك على حد سواء.

رغم النجاحات غير المكتملة و الهزائم، تتدفق طاقة النضال العمالي بشكل متفاوت لكنه واعد بالتقدم في إضفاء الديمقراطية على النقابات، لكنها تتخبط بفعل سطوة أنصار "الشراكة الاجتماعية"، و ضعف فعل المناهضين للبيروقراطية. فيضعف تراكم المكاسب التنظيمية و الخبرات، ما يسهل مأمورية القيادات المتعاونة مع الخصم، ويعزز جبروتها. وهكذا ندور في حلقة مفرغة.

يستلزم النهوض بالأداء الثوري في النقابات تطوير عمل الإعلام و التثقيف، و دعم النضالات الجارية بحملات التضامن، و توسيع التنظيم النقابي، و إنماء إرادة الكفاح لدى قطاعات متزايدة من الشغيلة، و تنوير العمال سياسيا حول طبيعة نظام الاستبداد و الاستغلال، وحول البديل العمالي، مجتمع المنتجين المتشاركين اللاطبقي و المسير ذاتيا. و يتعين، بناء على جرد الحصيلة التاريخية لعمل الثوريين في النقابات العمالية، ان نترجم الخط العريض الوارد أعلاه في برنامج عمل يلف كل المناضلين من أجل نقابات ديمقراطية و كفاحية.