حول مصير الذين عملوا في المنطقة الصناعية ايرز والمستوطنات لدي مشغلين اسرائيليين من عمال قطاع غزة في فلسطين


سلامه ابو زعيتر
2012 / 1 / 30 - 21:08     

بسم الله الرحمن الرحيم
" مصير الذين عملوا في المنطقة الصناعية ايرز والمستوطنات لدي مشغلين اسرائيليين من عمال قطاع غزة في فلسطين "
بعد الانسحاب الإسرائيلي من محافظات غزة في عام 2005 انضم أكثر من 8700 عامل جديد إلي قوافل البطالة ممن كانوا يعملون في المستوطنات ومنطقة ايرز الصناعية ، بدون سابق إنذار أو مراعاة لأدنى حقوقهم برغم أن السياسة الإسرائيلية الجديدة التي اتبعت بعد نيسان 2004، كانت قد أقرت بمنح المستوطنين في مستوطنات قطاع غزة وأرباب العمل والمصانع بتعويضات مالية نتيجة هذا الإغلاق ونقل المصانع من منطقة ايرز الى البلدات الإسرائيلية ، وقد وفرت هذه التكاليف بمعرفة من الاتحاد الأوربي في حينه حسب ما علمنا من خلال وسائل إعلامية .
إحصائيات حول عمال ايرز والمستوطنات :
كانت منطقة ايرز الصناعية من أكثر المناطق تواجد للعمال حيث قدروا بآلاف العمال والعاملات من قطاع غزة موزعين للعمل على مائتي مصنع وورشات الخياطة والنسيج ، وفجأة وبدون إنذار أصبحت تلك المنطقة مهجورة تماما من العمال والعاملات والمصانع منذ شهر ابريل 2004، وذلك بعد أن أقرت الحكومة الإسرائيلية خطة الانفصال والانسحاب من قطاع غزة ، وبالتالي فقد أكثر من 4500 عامل وعاملة في إيرز لقمة عيشهم، ومكان عملهم نتيجة لإغلاق المصانع الناتج عن الحصار والطوق الأمني المحكم الذي فرضته حكومة الاحتلال على قطاع غزة، مما ترتب عليه فقدان أكثر من 50 ألف عائلة غزية دخلها ومصدر رزقها .
وما حدث في ايرز ينسحب على المستوطنات حين جلائها حيث قدرت الإحصائيات أن أعداد العمال الفلسطينيين الذين عملوا فيها داخل محافظات غزة في أخر عام 2005 تقريبا بنحو ( 4200) عامل ، وهذا العدد تراكم فيما يتعلق بالحقوق ، حيث كان يتزايد ويتغير بفعل فرص العمل ومن يلتحق بفرص العمل مما جعل آلاف العمال لهم حقوق لدى المشغلين ، وكان العمال موزعين على عدة مجالات عمل منها " بناء وزراعة وأعمال نظافة ....... وغيرها "
الأجرة اليومية فيها متوسطها ( 40 ) شيقلا في حين أن الحد الأدنى للأجور 104 شواقل حسب القانون الإسرائيلي ، وبالنسبة للحقوق الاجتماعية لم يحصل عمال المستوطنات وإيرز على أي حقوق مثل : الضمان الاجتماعي و التأمين الصحي و الإجازة السنوية المدفوعة أو بدل مواصلات ومستحقات نهاية الخدمة مثل العامل في داخل الخط الاخضر .
الشكل القانوني للعمل في ايرز والمستوطنات :
تعتبر تلك المناطق ضمن حدود السلطة الوطنية ويسري عليها ما يسري من قوانين فلسطينية وبرغم أن السيادة الأمنية فيها للاحتلال إلا أن علاقات العمل تخضع لقانون العمل الفلسطيني وذلك وفق الاتفاقيات السياسية الموقعة .
نضال نقابي وعمالي في ايرز :
وخاض العمال والنقابات العمالية نضال مطلبي في منطقة ايرز تضمن التالي :
- إضراب عن العمل في كافة المنشأت الصناعية خياط ونسيج عام 1998م وتم توقيع اتفاقية عمل جماعية بإشراف الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين واللجان النقابية ونقابة الغزل والنسيج طرف وممثلي أصحاب المصانع في ايرز .
- تشكيل لجان عمالية ونقابية .
- تدريب عمال وتوعيتهم قانونيا ونقابيا .
لكن طبيعة الظروف في منطقة ايرز وتبعات انتفاضة الأقصى أضعف المتابعة والنضال النقابي مع تكرار إغلاق المنطقة وما واجه العمال من معاناة من قبل جيش الاحتلال أثناء ذهابهم وإيابهم للعمل ، وطبيعة الحاجة وقلة فرص العمل في غزة أجبرهم على قبول الواقع بكل ما يحمل من ظلم .
مما ترتب عليه تراجع في تنظيم العمال في ايرز مما انعكس على وعيهم وثقافتهم النقابية وأضعف الدفاع عن حقوقهم الاجتماعية والقانونية والنقابية أمام شراسة المشغلين الإسرائيليين الذين نهبوا حقوق العمال والعاملات من أبناء وبنات غزة في تلك الفترة وحرمهم المشغل الإسرائيلي أبسط حقوقهم النقابية ، براعية أمنية من حكومة الاحتلال وعلى مرآي من هستدروته ومكاتب عمله في تلك المناطق ، فلم يمنح العمال قسائم الراتب أو الحد الأدنى من الأجور والتعويضات وغيرها من الحد الأدنى من الحقوق التي ضاعت والتي نصت عليها مواثيق وقوانين منظمة العمل الدولية والقوانين الفلسطينية وحتى القوانين الإسرائيلية وما يؤكد ذلك عدم تحاول مكاتب العمل الاسرائيلية في تزويد العمال ببيانات المشغلين وعناوينهم بعد الانتقال داخل الخط الأخضر وإغلاق مصانعهم في ايرز وحجب كل المعلومات التي قد تساعد العمال في تحصيل حقوقهم .
المتابعة القانونية للعمال في غزة :
عمل الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين في محافظات غزة من خلال الدائرة القانونية علي استقبال ملفات وقضايا عمال المستوطنات وعمال ايرز ووضع خطة للمتابعة حيث تم التواصل مع مؤسسات عمالية داخل الخط الأخضر كان ابرزها مؤسسة معا وتم بحث الشكل القانوني لقضايا الذين عملوا في المناطق المذكورة خاصة انها من المفترض تنظر أمام المحاكم الفلسطينية حسب قانون العمل الفلسطيني باعتبارها مناطق فلسطينية ، وذلك وفق الاتفاق السياسي الموقع بين السلطة الفلسطينية والجانب الاسرائيلي ، ولكن لم يكن من السهل إحضار المشغل الإسرائيلي للمحاكم ، وهذا كان يدعو لإيجاد حلول بديلة لمتابعة قضية كل عامل على حدة ، وهو ما جعلنا نتوجه للقضاء الاسرائيلي لملاحقة المشغلين وتم ذلك بالآلية التالية :
- مراسلة منظمة العمل الدولية وعمل مذكرة حول حقوق عمال المناطق الصناعية والمستوطنات والذين عملوا داخل الخط الأخضر .
- تسجيل مشاكل العمال وكشف معاناتهم وحقوقهم لدى المشغلين الاسرائيليين أمام لجنة تقصي الحقائق لمنظمة العمل الدولية .
- الاتصال مع مؤسسة معا حول متابعة الإجراءات القانونية لرفع قضايا للعمال ودراسة إمكانية رفع دعاوي علي المشغلين عبر المحاكم الإسرائيلية ، وخلصنا إلي إمكانية ذلك.
- إنشاء مكتب قانوني داخل الخط الأخضر من محاميين عرب .
- العيادة القانونية بتمويل من منظمة العمل الدولية ودورها في تسجيل القضايا العمالية .
- حصر واستقبال ألاف القضايا العمالية وفقدت في مقر الاتحاد اثناء الانقسام وسيطرة حماس على مقر الاتحاد .
- مخاطبة وزارة العمل الفلسطينية وشرح المشكلة بمذكرة للاهتمام بقضايا العمال ومحاولة إثارة القضية على المستوى السياسي .
المعيقات التي أضعفت إمكانية المتابعة :
- الانقسام السياسي ومصادرة مقر الاتحاد وملفات العمال وعدم السماح للدائرة والمحامي بالتواصل لمتابعة القضية .
- ضعف الإمكانيات المادية وكان من الصعب أن يتم الزام العمال بدفع رسوم المحاكم قبل تحصيل الحقوق نظرا لظروفهم المادية .
- التعامل مع مناطق السلطة الوطنية في غزة ككيان معادي .
- غياب عناوين المشغلين الإسرائيليين في داخل الخط الأخضر
التوصيات في هذه المرحلة :
- تشكيل حملة ضغط وحالة قانونية مشتركة للتوجه للمؤسسات الدولية الحقوقية للتدخل لتحصيل حقوق هؤلاء العمال .
- تفعيل العيادة القانونية مع منظمة العمل الدولية بمشاركة الاتحاد ووزارة العمل وحصر الملفات لكل العمال وأي مؤسسات ذات علاقة ومهتمه .
- يجب أن توضع قضايا العمال كقضية سياسية ووطنية وقضية رأي عام وإثارتها على المستوى الدولي عبر حملات ضغط منظمة للضغط على حكومة إسرائيل لتعويض العمال خاصة أن إجراء إغلاق المصانع والمستوطنات كان قرار سياسي وحق العمال أن يتم تعويضهم أسوة بالتعويضات التي دفعت لأصحاب العمل الإسرائيلي والمستوطنين .
- إثارة القضية أمام المحاكم الدولية باعتبار حكومة الاحتلال تتنصل من الالتزام القانوني والقضائي لقضايا العمال الفلسطينيين .
- ضرورة حصر كافة الملفات العمالية لكل من عمل في المستوطنات والمناطق الصناعية وداخل الخط الأخضر وعمل الإجراءات لحماتها قانونيا من الضياع والتقادم .
- ضرورة إعادة النظر في الاتفاقيات السياسية فيما يخص العمال وتشغيلهم وحماية حقوقهم والإجراءات لتحصيلها .
- ضرورة عقد مؤتمر دولي حول قضايا العمال الفلسطينيين الذين عملوا لدى مشغلين إسرائيليين ومستوطنين وطرح القضية باتجاه ضرورة وجود تشريعات دولية تحمي فئات العمال الضعيفة من الضياع والإهمال والاستغلال السياسي والأمني المشابه وليكن محاكم دولية تفصل في مثل هذا النوع من القضايا .
مقدمة من : د. سلامه أبو زعيتر
رئيس النقابة العامة للعاملين في الخدمات الصحية
رئيس دائرة علاقات العمل والشئون القانونية بالاتحاد العام لنقابات العمال