تونس من أجل تكتل نقابي ضد التحالف السلفي الليبرالي والبيروقراطية النقابية


بشير الحامدي
2011 / 11 / 19 - 22:17     

الواضح والمؤكد أن إثارة موضوع ملف الفساد في الإتحاد العام التونسي للشغل في هذا الوقت بالذات يدخل في إطار الترتيب لضمان أكثر ما يمكن من الاستقرار لسلطة التحالف السلفي الليبرالي الذي أفرزته انتخابات مسار الالتفاف على الثورة التي نظمت في 23 أكتوبر 2011 . ولاشك أن الواقفين وراء هذه المناورة ممثلين في حزب النهضة بمعية بقايا الدكتاتورية من الذين حافظوا على نفوذهم السياسي والاقتصادي والمدعومين دوليا من القوى الإمبريالية أمريكا وفرنسا وتوابعهم إقليميا يعون جيدا الدور الذي يمكن أن يلعبه الإتحاد العلام التونسي للشغل كمنظمة في معارضة وإسقاط سياسات هذا التحالف الذي تؤكد كل المعطيات أنه سينطلق متأزما وفي خط قطيعة تامة سياسيا واجتماعيا واقتصاديا مع مطالب الجماهير لأن برنامجه لا يعدو أن يكون إلا مواصلة لنفس سياسات النهب والتفقير والاستغلال الذي كرسته الدكتاتورية السابقة.
ليس بخاف على كل مراقب استنتاج أن التحالف السلفي الليبرالي والأعراف الرأسماليين يسعون من وراء هذه المناورة إلى الضغط على البيروقراطية النقابية للتنسيق والتشاور معهم في الترتيب للمؤتمر القادم للإتحاد العام التونسي للشغل والرضوخ لهم في تحديد أمر السياسة النقابية التي سيقرها المؤتمر وكذلك التركيبة القادمة للقيادة النقابية لضمان أكثر ما يمكن من الحظوظ لفترة سلم اجتماعي هي ضرورية بمنظارهم لاستقرار السلطة الجديدة.
إنه لجلي أن لا أفضل بالنسبة للتحالف السلفي الليبرالي والأعراف الرأسماليين من الضغط على البيروقراطية النقابية المتحكمة في كل دواليب المنظمة بملف الفساد فكما نجح الباجي قايد السبسي يوم عين رئيسا للحكومة اللاشرعية في الضغط على جراد في الكواليس بهذا الملف ودفعه لجر الإتحاد إلى هيئة بن عاشور والسير في ركاب حكومته وقوى الثورة المضادة هاهو التحالف السلفي الليبرالي الجديد يعيد معه نفس اللعبة ولكن من خارج الكواليس هذه المرة وبشكل علني وسافر لتحقيق نفس الأهداف.
في الحقيقة إن المستهدف من وراء هذا الصراع هم الأجراء فالرهان كله قائم على السيطرة على المنظمة وضرب إي إمكانية لاستقلاليتها ونضاليتها لمواصلة ربطها بالسلطة وبمشاريعها. إن الرهان كله قائم على أن يواصل الإتحاد لعب دور الشريك للدولة والأعراف الرأسماليين.
ولئن ناور التحالف السلفي الليبرالي بملف الفساد للضغط على البيروقراطية التي سترضخ في الأخير للمساومة للخروج دون محاسبة حسب كل المؤشرات فإن المطلوب من النقابيين وخصوصا في الهياكل الأساسية والوسطى من المتمسكين والمناضلين من أجل استقلالية ونضالية الإتحاد والمعارضين للتحالف السلفي الليبرالي وللخط البيروقراطي المهيمن على المنظمة اتخاذ موقف جذري مناضل وملموس يقع تكريسه على الأرض والتعبئة على أساسه.
إن واجب التمييز اليوم بين الإتحاد كمنظمة نقابية وبين قيادته البيروقراطية أمر ضروري فالإتحاد لا يمكن اختزاله في قيادته وفي أمينه العام. إن عدم الدفاع عن قيادة فاسدة أمر مبدئي والشفافية والمحاسبة مسألتان لا يمكن تجاوزهما مهما كانت الأسباب. إن الدفاع عن الإتحاد اليوم يجب أن يكرس في الدفاع عن سياسة نقابية مناضلة ملتزمة بقضايا العمال ولا تساوم في الدفاع عنهم وفي تحقيق مطالبهم.
لذلك فالتمسك بمحاسبة الفاسدين في الإتحاد هو مسألة لا يجب إخضاعها لأي اعتبارات غير مبدئية فهي ملف يهم النقابيين والرأي العام الديمقراطي بالدرجة الأولى. إن واجب النقابيين اليوم يدعوهم إلى بلورة خطة نضالية ميدانية تقوم على الدفاع على الإتحاد عبر:
ـ عدم الفصل بين النضال ضد التحالف السلفي الليبرالي والبيروقراطية النقابية.
ـ التكتل في اتجاه نقابي مستقل ديمقراطي وكفاحي معارض لكل السياسات الليبرالية ولكل اتفاقيات السلم الاجتماعي أو تحييد الحركة النقابية عن الصراع تحت أي تعلة كانت.
ـ النضال من أجل استقلالية القطاعات وتحويل الإتحاد إلى إتحاد نقابات على الشكل الكنفدرالي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بشير الحامدي
تونس في 19 نوفمبر 2011