على هامش وفاة أمين عام الاتحاد المغربي للشغل : النقابة العمالية، بين الملكية واليسار


المناضل-ة
2010 / 10 / 12 - 08:16     

قبيل الاستقلال الشكلي بمدة وجيزة تأسس الاتحاد المغربي للشغل، في أوار النضال الوطني. لم تكن الملكية ترى في الاستقلال سوى استعادة لمطلق سلطات المخزن، بعد أن قام الاستعمار لصالحها بتهدئة بلد ما كان يوما تحت التحكم الكامل لحاكميه. وفي خضم الصراع بين الملكية ويسار الحركة الوطنية، كان الاتحاد المغربي للشغل إحدى حلبات المواجهة.




أغدق الحكم الرعاية على جهاز النقابة لجره إلى جانبه. مال موظفو الجهاز جهة الامتيازات وإمكانات الاغتناء، فاصطدموا بكل من أراد جعل النقابة أداة نضال ضد الرأسمال والاستبداد. و نسفوا من النضالات الكثير وافرغوا النقابة حتى من مضمونها الأولي : الدفاع عن لقمة الخبز وحق التنظيم. أبعد هذا القاعدة العمالية عن عدوى الأقلية الثورية، وسارت هذه إلى حتفها في تجارب لا دور فيها للطليعة العمالية الواعية.

كان هذا أكبر نصر حققه النظام. وبعد أزيد من نصف قرن على ميلاد الاتحاد المغربي للشغل، فقد بفعل التبقرط و التعاون مع الحكم جوهره النضالي. واقتفت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل عمليا أثره، لا سيما منذ أكذوبة "حكومة التناوب"، وبذلك أضحى العمل النقابي في حالة من التردي غير مسبوقة، إذ بات قناة تمرير لسياسة البرجوازية ودولتها أكثر مما هو اداة نضال ضدهما.

يسعى المناضلون من أجل تحرر الطبقة العاملة الشامل إلى جعل النقابات أداة كفاح حقيقية لتحسين أوضاع الشغيلة ماديا وثقافيا لما في الأمر من رفع لقدراتهم الكفاحية، ولما تمثله معمعة النضال اليومي من مدرسة حرب تؤهلهم لإطاحة الاستبداد والرأسمالية. لهذا لا سبيل آخر أمامهم غير العمل أينما وجد عمال يناضلون، مهما تنوعت العقبات. والمعركة حول دور النقابات دائمة، اذ يسعى النظام الى تكريس وتعميق احتواء القيادات النقابات لتكون هذه ملحقة لأجهزة الدولة في ضبط الساحة العمالية ، وما مشاريع قوانين الإضراب والنقابات و المجلس الاقتصادي والاجتماعي سوى لبنات إضافية في هذا الاتجاه.

يقتضي هدف تحقيق الوحدة العمالية النضال ضد دعاة التعاون مع البرجوازية، وهؤلاء لا يوجدون في أحزاب فقط بل أيضا في النقابات، مقنعين بشعار الاستقلال النقابي. وهذه الوحدة قوامها تجميع الطبقة العاملة على شعارات وأشكال نضال تفضي إلى التغيير الشامل والعميق. اما وضع هدف توحيد المنظمات النقابية شرطا مسبقا لأي معركة طبقية جدية، فليس سوى ربط مستقبل التغيير الثوري بزمرة الإصلاحيين النقابيين الفاسدين. لذا لن تتطابق الوحدة العمالية بالضرورة مع وحدة الأجهزة النقابية، ما يفرض بإلحاح مهمة بناء يسار نقابي يخترق كل النقابات في اتجاه وحدة عمالية ميدانية حول برنامج إسقاط الرأسمالية.