من أجل مسيرات عمالية حقيقية ومن أجل إضراب عام عمالي وشعبي


المناضل-ة
2010 / 6 / 12 - 21:24     


من جديد دعت قيادة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل إلى مسيرات عمالية محلية يوم 13 يونيو 2010 ، في سياق ردها على إمساك الحكومة عن التفاوض، و إصرارها على إظهار " الحوار الاجتماعي" على حقيقته أي مجرد مسخرة مهينة.

لقد بلغ وضع عمال المغرب ومجمل كادحيه من التردي مبلغا يستدعي أكثر من مسيرات محلية. لكن مختلف القيادات النقابية تمتنع عمدا عن أي توحيد للقوى العمالية كفيل بوقف تصاعد تعديات البرجوازية ودولتها. من جانبها أبانت قيادة الكونفدرالية.د.ش عن مسايرة للدولة في كافة هجماتها، لعل بعض الأمثلة تغني عن سرد طويل: فتسريع تخريب ما تبقى من مكاسب التعليم العمومي وشغيلته المسمى "برنامجا استعجاليا" لم يلق من جانب تلك القيادة سوى الرفض باللسان، فيما تحيط نضالات المدرسين ببعض الفروع المتصدية للعدوان بحصار إعلامي، ممتنعة عن تنظيم التضامن و توسيع دائرة المعركة، لا بل تخصها بمحاربة متسترة. كما تجاري الحكومة عمليا في هجومها على أنظمة التقاعد، مساعدة على تبليع الشغيلة إجراءات مخربة باسم "الإصلاح"، إذ تواصل المشاركة منذ العام 2003 في ما يسمى اللجنتين، الوطنية والتقنية، الخاصتين بالتقاعد. كما يدل موقفها العملي من مشروعي قانوني الإضراب والنقابات على استعداد لمساعدة الدولة على تمريرهما وإن في صيغ بتعديل طفيف لا ينال من الجوهر. وأخيرا، و ليس بالآخر، ثمة موقفها مما يسمى المساعدة الطبية للمعوزين التي تكرس طبقية النظام الصحي.

وبدل مقاومة سياسة الدولة الإجمالية، التي لا تراعي سوى مصالح الرأسمال الأجنبي وقلة من كبار الرأسماليين المحليين، تواصل قيادة الكونفدرالية سياسة" الشراكة الاجتماعية"، أي معاونة الدولة على تدبير المسألة الاجتماعية المستفحلة. وقد أبانت من جديد تأهبها لمواصلة التخلي عن مصالح الأجراء بالترحيب بالدعوة الرسمية إلى وضع " ميثاق اجتماعي"، فيما ترفض مد اليد إلى النقابات الأخرى لضمان حد أدنى من المقاومة. فقد رفضت إضرابات موحدة بالوظيفة العمومية، و المسيرة العمالية الوطنية بالعاصمة، وكل شكل للتعاون النقابي. و في الآن ذاته تتخبط في الدعوة إلى نضالات و تأجيلها لمجرد اتصال من وزير الداخلية، ثم العودة إليها بارتباك أكبر. ومما يكشف حقيقة هذا التلاعب بأشكال النضال موقفها الميداني من النضالات الجارية، التي يطلقها الشغيلة من تحت. إنها غير مبالية بتاتا بنضال عمال سميسي ريجي بخريبكة منذ عام، وتتصرف ببيروقراطية مدمرة مع صمود عمال النسيج المسرحين بالدار البيضاء، وتترك لحالها معارك محلية عديدة. و بالمقابل تسعى قيادتنا إلى إضفاء راديكالية زائفة ورخيصة على سياستها الاستسلامية بمواقف لا وقع لها على ميزان القوى الطبقي مثل الانسحاب من مجلس المستشارين، ورفض المشاركة في إعادة انتخابه الجزئي.

إن الكيفية التي يقود بها المكتب التنفيذي مجرد تلاعب بأشكال النضال، تلاعب جلي أكثر فأكثر منذ الإضراب العام في 2008، فلا تعبئة حقيقية لقلب ميزان القوى، ولا أدنى استعداد للتعاون مع النقابات الأخرى، لأنه ليس ثمة عزم حقيقي على الكفاح بل مجرد محاولات تفزيع أجوف لدفع الحكومة إلى التفاوض والتفاهم. إن هذه الطريقة في القيادة محبطة ومثبطة للعزائم، وقد كادت كلمة التعبئة تفقد أي معنى. وستتجلي أكثر عبثية التدبير القيادي أمام قرار الدولة منع المسيرات المحلية. فالتلاعب بالتعبئة أضعف الاستعداد النضالي لدرجة ستعجز التنظيمات النقابية عن تحدي قرار المنع. لقد كشفت تعبئات شعبية عديدة قدرة الجماهير على تحدى منع التظاهر، سواء في طاطا أو ايفني أو بوعرفة أو صفرو، لا بل دلت الجماهير الكادحة على فعل خلاق في الدفاع الذاتي و رد قوات القمع على أعقابها. إلا أن خوف القيادة من نضال فعلي ينسف إمكان مواجهة حقيقية لقرار المنع المستبد.

ستمنع المسيرات، وقد ينجح المناضلون في فرضها ببعض المواقع الاستثنائية، لكن النتيجة الإجمالية نكسة إضافية.

إن الحالة التي آلت إليها الكونفدرالية الديمقراطية للشغل تستوجب إعادة نظر شاملة في خطها. و لا خلاص خارج العودة إلى علة وجود النقابة العمالية، أي الهجر النهائي والكلي لسياسة "الشراكة الاجتماعية" المهلكة، و النهوض بالدفاع عن مصالح طبقة العمال بوجه الرأسماليين ودولتهم، بروح طبقية حازمة. إن مقومات المقاومة العمالية كثيرة، أولها دعم النضالات الجارية و شد أزرها و تعزيز أشكال التضامن، والعمل بروح وحدوية مع النقابات الأخرى.

إن رفض الإقرار بالإفلاس التام للخط السائد في الك.د.ش كإنكار الشمس في رابعة النهار. و إن أصرت القيادة على مواصلته، فعلى من ُيحسبون على اليسار بأجهزة النقابة أن يكفوا على تزكيته، وان يتجمعوا حول راية الدفاع الفعلي عن مصالح الطبقة العاملة.

إن النقد الذاتي الواجب يبدأ بالانسحاب الفوري من لجنتي التقاعد، والرفض القاطع لمشروعي قانوني الإضراب والنقابة و لما يسمى المساعدة الطبية للمعوزين وللبرنامج الاستعجالي في التعليم. وتركيز الجهود، مع ضمها إلى جهود النقابات الأخرى، على الإضراب العام بما هو شكل الكفاح الجامع لقوى طبقتنا و الحقيق بقلب ميزان القوى لصالحها. ويجب أن يستند الإضراب العام على مطالب استعجالية قادرة على جذب الفئات الشعبية الأخرى المتضررة من قبيل:
- زيادة عامة لكافة الأجراء دفعة واحدة وفورا لا تقل عن 500 درهم. حد أدنى الأجر في 3000 درهم موحد بالقطاعين الصناعي والفلاحي، وإلزامية تطبيقه الشامل، وإعفائه من ضريبة الدخل،وإلغاء تفاوت الأجر بين الرجال والنساء، ورفع معاش التقاعد الأدنى إلى الحد الأدنى للأجور
- السلم المتحرك للأسعار والأجور لحماية القدرة الشرائية
- أسبوع عمل من 40 ساعة دون خفض الأجر لخلق فرص عمل للعاطلين
- التعويض على البطالة
- إلغاء ضريبة القيمة المضافة على مواد الاستهلاك الأساسية
- إلغاء فوري للفصل 288 من القانون الجنائي، والفصل 5 من مرسوم فبراير 1958 المانع لإضراب الموظفين، و إرجاع كافة المطرودين لأسباب نقابية لا سيما في القطاع الخاص، و معاقبة بالسجن لاي طرد لأسباب نقابية، و رقابة عمالية على التسريح لأسباب اقتصادية وتكنولوجية.
- تغطية صحية حقيقية وشاملة لكافة المواطنين و إلغاء ما يسمى الإعانة الطبية للمعوزين.
- مجانية التعليم وتحسين شروط حياة ودراسة طلاب الجامعة [ زيادة في المنحة، سكن جامعي ونقل، جامعي...]

إن قوى تحقيق هذه المطالب الملحة كامنة، قوى عمالية وشعبية وشبيبية، لكن سياسة القيادات النقابية تقف عقبة على طريق نهوضها.

فلتتحد قوى كافة اليساريين داخل النقابات من اجل إطلاق ديناميات نضالية تحتية بنفس كفاحي ديمقراطي وحدوي.

والى أمام نحو إضراب عام عمالي وشعبي