عيد العمال بنكهة جديدة


حميد طولست
2010 / 5 / 9 - 20:49     


شكل فاتح ماي ويشكل عيدا عماليا خاصا بالطبقة العمالية -التي تشكل السواد الأعظم من المجتمع المغربي- ومناسبة للتعبير عن انشغالاتها وانتظاراتها من خلال ما يردد من شعارات كثيرة ومتنوعة، لاستعراض قواها وهي تجوب شوارع البلاد طولا وعرضا.
والمتتبع لتلك الشعارات، المتمعن في فحواها، لاشك يلاحظ هيمنة الشعارات ذاتها التي تم ترديدها خلال السنة الماضية وما قبلها من الأعوام السالفة، وأنها لم تخرج عما ردد من في السابقة، وأنها هي نفس الشعارات التي ستتكرر لا محالة هذه السنة أيضا وفي القادم من السنوات، والتي لم ولن تحيد عن النموذج المألوفة التي يكررها العمال بهالة من التقديس والتوقير، وفي أجو طقوسي تعبدي يعيشه العمال طيلة ذلك اليوم في حالة غيبوبة صوفية، واستنفار وجداني كما لو كانت الشعارات، أذكارا وأورادا، أو أقانيم مقدسة أو رقى وتعاويذ لحل جميع المشاكل وتذليل كل العقبات. والتي تتمحور مجمل موضوعاتها في الزيادة في الأجور وكفالة حق الشغل وكرامة الطبقة الشغيلة.
رغم تشابه شعارات تظاهرة هذا العام، بشكل يجعلها تبدوا نسخة طبقا للأصل من كل تظاهرات الأعوام الفائتة، من حيث أنها مناسبة لطرح مطالب القطاعات العمالية المختلفة، وموعد للتنديد بما لحق العاملين في كل القطاعات من غبن وعسف المشغلين، وميقات لشجب ما كابدوه من مشاكل اجتماعية وصحية وخدماتية. إلا أن فارقا بسيطا واختلافا طفيفا لوحظ في عيد هذه السنة– رغم عدم اقتناع ورضى عموم النقابات بنتائج الحوارالإجتماعي- وهو إنخفاض منسوب الغضب والاحتقان الذي عرفته السنة الماضية بسبب مدونة السير التي كانت وراء إضراب مهني النقل الذي كاد يعصف باقتصاد البلاد لولا ألطاف الله الخفية، حتى أنه بدا جليا في مسيرة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل وعلى غير عادتها -وهي النقابة المعروفة بثوريتها ومواقفها المتصلبة- قامت باستعراض تقدمته فرقة نحاسي وهي سابقة .
وقد ظهر الفارق والاختلاف كذلك في فاتح ماي لهذه السنة، بمقاطعة حميد شباط، الكاتب العام للاتحاد العام للشغالين بالمغرب لهذا العيد العمالي، وغياب محمد نوبير الأموي، الأمين العام للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، عن الاحتفال باليوم العالمي للشغل الذي نضم بجل المدن المغربية، في مسيرات لكل المركزيات الأكثر تمثيلية، الاتحاد المغربي للشغل، والفدرالية الديمقراطية للشغل، والكونفدرالية الديمقراطية للشغل، إضافة إلى الاتحاد الوطني للشغل، واقتصار باقي النقابات على تنظيم تجمعات للعمال المنضوين تحت لوائها.
كما لوحظ الاختلاف بشكل لافت، في شاركت –وعلى العادة- الجمعية المغربية لحقوق الإنسان مشاركة قوية، بتظاهر سكان أحياء الصفيح بعمالة عين السبع وسيدي البرنوصي، المتضررين من عملية إعادة الإسكان، ونفس الشيء فعلته جمعية “أطاك المغرب”، وجمعيات المعطلين، وشبيبات تجمع اليسار.
إلى جانب ما عرفه العيد العمالي هذه السنة من غياب الأموي عن تجمع مركزيته، وإصرار المحجوب بن الصديق على الحضور، ككل سنة، -رغم تقدم السن- وإلقاء كلمته في جمهور غفير من الشغيلة التابعين لنقابته، متطرقا أمامهم للأوضاع العامة، التي تعيشها الشغيلة جراء “تدهور وضعيتهم المادية والاجتماعية وقدرتهم الشرائية في مواجهة الارتفاعات المتتالية في المواد الأساسية”.
إلا أن القضية الفلسطينية، لم تغب ككل سنة عن كلمات وشعارات القادة والعمال، إذ رفع المشاركون في مسيرات المركزيات النقابية شعارات إدانة للكيان الصهيوني، وحيوا في المقابل الصمود الفلسطيني، كما أجمعت نفس المركزيات النقابية في كلمات قادتها، وشعارات مسيراتها، على تشبثها بالثوابت والمقومات الأساسية للبلاد وانخراطها في الدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة.