النقابة الوطنية للتعليم (ف د ش) تحارب الهدر المدرسي تجربة انطلقت من مدينة فاس المغربية ، ونجحت في ثلاث قارات


ادريس الواغيش
2010 / 3 / 1 - 18:28     

على مدى يوم كامل (20/02/2010) من الثامنة والنصف صباحا وإلى ما بعد السادسة مساء ، شهد مركز التكوينات والتدريبات (مولاي سليمان) بفاس التابع للأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين فاس/ بولمان (المغرب) ، دورة تكوينية لفائدة أستاذات وأساتذة التعليم الابتدائي الممارسين ، تجاوز عددهم ال (40) كان أغلبهم من العنصر النسوي ، وذلك من أجل توفير معطيات ديداكتيكية حول الدعم التربوي وتوضيح استراتيجياته . البرنامج كما أوضح الكاتب الجهوي للنقابة الوطنية للتعليم الأستاذ حميدة النحاس " يدخل في إطار شراكة النقابة الوطنية للتعليم (fdt) مع نقابتين هولنديتين (fnv) و(aob) ، في برنامج محاربة تشغيل الأطفال عن طريق محاربة الهدر المدرسي ، هذا البرنامج دفع بالعمل النقابي في المغرب إلى مسعى آخر أكثر انفتاحا ، بعده وطني إنساني بالدرجة الأولى ، نبيل وهادف ". البرنامج يشمل خمس أكاديميات جهوية في المغرب على سبيل التجربة هي : أكاديمية جهة طنجة تطوان(العرائش) - أكاديمية جهة دكالة عبدة (الجديدة)– أكاديمية جهة مكناس تافيلالت – (مكناس) أكاديمية جهة مراكش تانسيفت الحوز (مراكش) وأكاديمية فاس/ بولمان التي انطلق منها هذا البرناج النموذجي ( pilote)) الذي " تم تسويق تجربته الناجحة في إفريقيا ، آسيا كما يروج له في أوربا" يضيف الأستاذ حميدة النحاس . هذه الدول تعمل جاهدة من أجل محاربة الهدر المدرسي وسط الجاليات العربية والمسلمة المتواجدة فيها بكثرة و المعرضة للهدر المدرسي ، وما يصاحب ذلك من مشاكل اجتماعية ، وضياع لطاقات يمكن أن تكون نافعة لمجتمعاتها ، إذا وجدت من يقدم لها الدعم في مراحله الأولى. الملاحظ أن النجاح الإعلامي لهذا البرنامج والترويج له كان في أوروبا (مع الأسف) أكثر منه في المغرب.
وقد أوضح الخبير التربوي إدريس صابر في العرض الذي ألقاه في هذه الدورة التكوينية ،أن برنامج الدعم التربي الذي تبناه المشروع ، جاء بناء على معطيات صادمة ، تهم العدد الهائل من الأطفال الذين يغادرون التعليم دون 15 سنة ، وقد بسط المؤطر التربوي عدة معطيات بيداغوجية من أجل رفع قدرات المتطوعين في مجال الدعم التربوي وهي كالتالي:
- توفير معطيات خاصة بالبرنامج الفردي للنجاح التربوي ( معارف - معلومات تربوية) تساعد الأساتذة على بناء خطط عمل ميدانية.
- تعزيز التكوين الديداكتيكي لدى الأساتذة لهدف معالجة التعلم.
- إعداد وثيقة لرسم خطة تربوية فردية تشخص صعوبات التعلم ، وتقترح الحلول الملائمة لتحقيق برنامج فردي للنجاح.
العرض جاء (كما سلف) بناء على معطيات من مصادر رسمية مغربية - مصادر رسمية فرنسية - عربية -غربية (أنجلوساكسونية).
1- الانطلاق من معلومات صادمة.... ، لماذا ؟
التقويمات الدولية للمحصلات التعليمية (2003) تظهر بجلاء ضعف التلاميذ المغاربة في الرياضيات والعلوم والقراءة والفهم (من 45% من التلاميذ المغاربة ، لا يصلون إلى المعدلات الدولية.
2- المغرب مرتب من بين الدول التي تسجل أعلى نسب التكرار ، وبالذات فيما يخص التكرار المبكر. يشير تقرير المجلس الأعلى للتعليم (2008) أن نسبة التكرار بالقسم الأول بلغت 17% بينما تتغير هذه النسبة من 13% بالنسبة لمجمل التعليم الابتدائي إلى 17% في الإعدادي.
3- نسبة الهدر مرتفعة : إذ يؤكد تقرير المجلس الأعلى للتعليم أن نسبة التلاميذ المسجلين بالمستويات التعليمية الملائمة لفئتهم العمرية مقارنة بالمسار الدراسي المرجعي لا تتعدى 50% ، ومن أصل 100تلميذ مسجل بالسنة الأولى الابتدائية (13) فقط يحصلون على الباكالوريا ،( 3) منهم لم يكرروا على مدى مسارهم الدراسي.
4- التكرار ظاهرة مقلقة ومؤشر على ضعف المردودية في النظام التعليمي الحالي ، وهي ظاهرة تكلف الدولة هدرا ماليا ، وتؤشر على أعطاب منهجية وبيداغوجية في الإصلاح التعليمي. وتعد من بين النقائص الكبرى ، إلى جانب الهدر المدرسي ، التي تعاني منها المنظومة التعليمية المغربية ، بما هي مؤشر على ضعف المردودية الداخلية لهذه المنظومة.
5- الصعوبات المدرسية عامل مساعد لظاهرة الانقطاع عن الدراسة : أكثر من ثلث المنقطعين عن الدراسة في سن مبكرة :
35% صرحوا بأنهم انقطعوا عن الدراسة بسبب الصعوبات المدرسية.
15.7% منهم بسبب صعوبة تتبع الدروس
- 8.4% بسبب مشاكل من المدرسين
- 10.9% صرحوا بأنهم طردوا من المدرسة
ثانيا : المخطط الإستعجالي بالمغرب
يهدف أساسا إلى تحقيق استكمال التمدرس إلى نهاية الابتدائي خلال موسم2014/2015 بنسبة تصل إلى 90% بدون تكرار ، بالنسبة لتلاميذ فوج 2009/2010. وللوصول إلى هذا المبتغى ، كان لابد من تخصيص 3ساعات أسبوعية بالتعليم الابتدائي و4 بالتعليم الإعدادي للدعم المدرسي داخل المؤسسة التعليمية. وهو الأمر الذي انخرطت فيه النقابة الوطنية للتعليم (فدش) منذ 2004 .
ركز العرض القيم للخبير المغربي إدريس صابر كذلك على الصعوبات التي قد تصاحب التلميذ ، وتعترض طريقه للوصول إلى المستويات الموالية ، والعمل على القضاء عليها. لذلك كان لا بد من تسطير المراحل الأساسية للبرنامج الفردي للنجاح التربوي ، والمتمثل أساسا في :
1- اكتشاف التلاميذ الذين يعانون من صعوبات التعلم
2- تعريف صعوبات التعلم
3- أبعاد مصطلح التعلم
4- محكات التعرف على ذوي صعوبات التعلم ، وعددها أربعة ( محك التباعد- محك الاستبعاد- محك التربية الخاصة - محك المشكلات المرتبطة بالنضوج)
كما تم التركيز على الإجراءات المرتبطة بالخطة ، وتتمحور حول :
أ‌- إشراك التلميذ
ب‌- عقد اجتماع مع ولي أمر التلميذ
ت‌- دور الشركاء (المعلم - الفريق التربوي - مدير المدرسة - التلميذ - الوالدان).
مع مراعاة النتائج (الحصيلة) فحص الخطة التربوية - فحص أداء التلميذ بعد التنفيذ. إذا توفرت للتلميذ فرصة للتغلب على الصعوبات من خلا خطة تربوية مدروسة ، وكذا من خلال التعاون بين المدرسة والمنزل ، يمكن للتلميذ التغلب على كل الصعوبات التي تعترض طريقه من أجل تعلم سليم.
وخلال المناقشة تساءل البعض : لماذا استثناء المعوقين والمشاغبين من عملية الدعم هذه ، مع أنهم الأولى بالدعم أكثر من غيرهم ؟. المسألة بسيطة ، فهؤلاء يلزمهم دعم خاص (نفسي وصحي) أو غيره ، وهو ما يحتاج إلى متخصصين ، في حين أن الدعم هنا يقتصر على الدعم المعرفي .
وإيمانا من النقابة الوطنية للتعليم ( fdt) بان أي تلميذ متعثر هو تلميذ معرض للانقطاع ، كيفما كانت الأسباب والمسببات و لقمة سائغة في فم سوق شغل ( أشبه بغول)لا يعرف ضوابط تحترم حرية الفرد ولا إنسانيته. لأن أي طفل انقطع في سن التمدرس (أقل من 15سنة) هو مشروع مواطن عاطل ، هو ضياع وتهديد للوطن والمجتمع في أكثر من منحى ، وهو كذلك مشروع جثة هامدة على السواحل الجنوبية لأوروبا . لذلك سارعت النقابة الوطنية للتعليم (fdt)، بشراكة مع نظرائها الأوروبيين ، وتحديدا نقابتي (fnv) و(aob) الهولنديتين ، إلى تقديم كل الدعم الممكن لتلاميذ مدارسنا المغربية في خطوة أولية وجد إيجابية ، تمثلت في (خمس أكاديميات سبق الإشارة إليها) في انتظار أن يعمم المشروع . وفي الأخير وجبت الإشارة إلى أن الشراكة شملت تقديم نظارات طبية ، استفاد منها عدد من التلاميذ ضعاف البصر في (8) مدارس بفاس.