تونس بمناسبة الإضراب التضامني لقطاع التعليم الأساسي لِنُعْلِيَ المبدأ على كل اعتبار آخر ثانوي فالأولوية الآن لتنفيذ إضراب 05 أكتوبر


بشير الحامدي
2009 / 10 / 2 - 22:19     

لِنُعْلِيَ المبدأ على كل اعتبار آخر ثانوي
فالأولوية الآن لتنفيذ إضراب 05 أكتوبر

ثلاثة أيام تفصلنا عن يوم 05 أكتوبر وهو التاريخ الذي سيخوض فيه قطاع التعليم الأساسي إضرابه التضامني للمطالبة بإطلاق سراح مساجين انتفاضة الحوض المنجمي تنفيذا لقرار مؤتمر القطاع الذي انعقد في شهر جوان الفائت. وبما أن نداءات بعض الهياكل والنقابيين لتأخير الموعد الذي قرره المؤتمر حرصا على ضمان أكثر ما يمكن من الظروف لإنجاح الإضراب لم تجد من يصغي إليها وغدت عمليا نداءات غير ممكنة التحقيق منذ يوم صدور برقية الإضراب فإنه أصبح لزاما على كل هيكل من هياكل القطاع وعلى كل منخرط من منخرطيه ومن موقع المسؤولية والالتزام بقرار المؤتمر ومن منطلق مبدئي الانخراط في الإضراب وتنفيذه على اعتبار أن أنّ الأولوية يجب أن تبقى دائما في إعلاء المبدأ على كل اعتبار آخر ثانوي. والمبدأ في واقع الحال هو قرار المؤتمر بالإضراب يوم 05 أكتوبر و الثانوي هو كل الاعتبارات الأخرى بما فيها الاختلاف على تاريخ الإضراب.

صحيح أن تاريخ الإضراب ما كان يجب أن يكون يوم 05 أكتوبر. وصحيح أنه كان على نواب مؤتمر جوان 2009 أن لا يحدّدوا تاريخا للإضراب وأن يتركوا الأمر للمكتب التنفيذي الذي أنتخب. وصحيح أن ظروفا عديدة ستساهم في تقليص نسبة نجاح الإضراب كان يمكن تذليلها لو أُخِّرَ الموعدُ. وصحيح أن هذا التحرك وإلى حدّ ما سوف لن يعكس حقيقة نضالية القطاع وحجم الوقفة التضامنية المنشودة منه للمطالبة بإطلاق سراح مساجين انتفاضة الحوض المنجمي ومناضلي قطاع التعليم الذين هم من بينهم. كل هذا وغيره صحيح لكن لا يجب أن ننسى أن كل هذا الذي ذكرنا لم يعد اليوم هو المحدّد. إن كل ما ذكر أصبح الآن ثانويا أمام المهمة الأساسية التي هي تنفيذ الإضراب والالتزام بقرار المؤتمر. المهمة أصبحت اليوم تتطلب منا وكل من موقعه هياكل ومناضلين ومنخرطين التجنّد لتنفيذ الإضراب وإنجاحه بقدر ما نستطيع. فإما ممارسة موحدة والالتزام بتنفيذ قرار المؤتمر وإما إرباك و تشرذم وانقسام. ولا شك أن التشرذم والانقسام والإرباك أوضاع لن تخدم في شيء لا مصلحة القطاع حاضرا ومستقبلا ولا قضية مناضلي الانتفاضة. نقول هذا لأننا نعتبر أن كل الخلافات بما في ذلك الخلاف على التاريخ الذي حُدّد للإضراب باتت كلها عمليا الآن خلافات ثانوية وبالتالي لا يمكن وفي أي حال من الأحوال الإستناد إليها لتبرير عدم تنفيذ الإضراب. نقول هذا ونلح عليه لمعرفتنا بحقيقة التباينات في المواقف السائدة في القطاع بين بعض الأطراف النقابية والتي وقع التعبير عنها في المؤتمر الأخير للقطاع وجسدتها تلك الإستقطابات والتحالفات التي ظهرت أثناءه والتي يعرفها الجميع ولإدراكنا بمدى الضرر الذي يمكن أن تلحقه هذه التباينات والحسابات بوحدة الممارسة يوم 05 أكتوبر لو يتمادى أصحابها في التمترس خلفها ويسبقونها على المبدأ وعلى واجب الالتزام بقرار المؤتمر وتنفيذ الإضراب.

إن الواجب يدعو الجميع الآن أن يتجاوزوا كل ما هو ثانوي وأن يتركوا كل الخلافات جانبا ويفرض عليهم أن يتعاملوا مع الوضع بكل مسؤولية وبروح عالية من النضالية. فما عاد يجدي الآن التشبث بموقف بات من عداد الماضي وبدعوة لم تجد من يصغي إليها [الدعوة إلى تغيير تاريخ الإضراب]. إنه من الخطأ الآن التشبث بتسبيق الخلافات على المهمة الأساسية التي هي تنفيذ الإضراب. إن أولويتنا لابد أن تبقى دائما: التباين مع الجلاد. هذه هي القاعدة التي يجب أن نبني على أساسها كل مواقفنا. لذلك نقول أن الأولوية ونحن مقدمون على تنفيذ إضراب يوم 05 أكتوبر هي التباين مع من قمع أهالينا في الحوض المنجمي. ومع من فبرك المحاكمات الجائرة لمناضلي الانتفاضة ورماهم في السجون والزنزانات. ومع من نكل بأهاليهم وعائلاتهم. أولويتنا هي التباين مع السلطة وكل من يسير في ركابها وعلى رأسهم جهاز بيروقراطية الإتحاد .هذا هو الذي يجب أن يقودنا وهو ما يجب أن تسقط من أجله كل الحسابات.

إنه من واجب الجميع الآن ونحن مقدمون على تنفيذ إضراب نوعي نصرة وتضامنا مع مناضلين يقبعون الآن في سجون العار فقط لأنهم قالوا لا ورفعوا أصواتهم عاليا مطالبين بالحق في الشغل وفي نصيب من الثروة الوطنية من باب الدفاع عن الحق في حياة كريمة أن نتجاوز كل ما من شأنه أن يبخس هذه القضية العادلة حقها. إن ذلك لن يكون ممكنا إلا إذا توحد الجميع والتزموا بالمهمة الأساسية التي هي تنفيذ الإضراب. ولعل ذلك ليس بعسير على قطاع يختزن إمكانيات نضالية كبيرة ويستند إلى تاريخ ومسيرة حافلة بالنضال المطلبي والتضامني. ولا أدل على ذلك من أنه القطاع الوحيد إلى حدّ الآن من القطاعات المنضوية في الإتحاد العام التونسي للشغل الذي قرر إضرابا تضامنيا للمطالبة بإطلاق سراح مساجين الحوض المنجمي. إن قرار الإضراب وتنفيذه برغم كل الضعوفات التي تحيط به مسار لابد من ودعمه لأنه محطة نراهن عليها لانبعاث الفعل النقابي المقاوم من جديد في مواجهة مسارات التفريط والتزكية والمشاركة التي رسختها البيروقراطية النقابية وهيمنت بواسطتها على كل مجريات الشأن النقابي.

نعم إن إضراب يوم 05 أكتوبر وبرغم كل الظروف سيكون لحظة فارقة في مسار الدفاع عن استقلالية القرار القطاعي ومحطة نضالية للفرز وخطوة أولى في اتجاه تصليب عود مقاومة نقابية قطاعية فاعلة. ولأنه كذلك فهو سيكشف وبوضوح للجميع من سيدفع في اتجاه الانخراط في عمل نقابي مناضل ومقاوم ومن سيقف في صف السلطة والبيروقراطية ويردّد مقولاتهم ويتبنى مواقفهم ويعرقل ويربك. ولا أعتقد أن هناك من الأطراف من سيرضى لنفسه هذه المنزلة عدى من تعود على بيع نفسه للشيطان.
وأخيرا لنعمل جميعا على تنفيذ إضراب 05 أكتوبر ولنفضح نهج القمع والدكتاتورية ولنتصدى لكل محاولات التخويف و التخريب التي يحضر لها المتآمرون بمن فيهم جهاز بيروقراطية الإتحاد. ولنكن جميعا هياكل وقواعد في صف المقاومة وضد التخاذل من أجل إطلاق سراح مساجين انتفاضة الحوض المنجمي.